تحل وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، يوم غد الأربعاء، بالعاصمة المغربية الرباط، في أول زيارة لها منذ إعلان المغرب في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، استئناف التعاون الثنائي مع برلين، وعودة عمل التمثيليات الدبلوماسية للبلدين إلى شكلها الطبيعي، وذلك بعد أزمة دبلوماسية غير مسبوقة استمرت تسعة أشهر.
وأعلنت وسائل إعلام ألمانية أن الوزيرة بيربوك تستعد لزيارة الرباط ليومين، ابتداء من غدٍ الأربعاء، بهدف تعزيز العلاقات المغربية الألمانية، والتعاون في عدد من المجالات على رأسها الطاقة والاقتصاد.
ووفق المصادر عينها، فإن وزيرة الخارجية الألمانية، ستقود وفداً إلى المغرب، يضم برلمانيين ودبلوماسيين وصحافيين، لمناقشة قضايا السياسة الاقتصادية، ولقاء برلمانيين مغاربة، وعقد محادثات مع المجتمع المدني حول جوانب حقوق الإنسان.
وتأتي زيارة بيربوك في سياق عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الألمانية، بعد التغيير في المواقف الجوهرية للحكومة الألمانية تجاه الوحدة الترابية المغربية، بعد أن اعتبرت أن مبادرة الحكم الذاتي "أساس جيد" لتسوية قضية الصحراء، وأن الرباط شريك مهم وإستراتيجي، وأن استئناف العلاقات سيكون في مصلحة البلدين مع العودة إلى عمل التمثيليات الدبلوماسية.
وكان ملف الصحراء على رأس الملفات التي دفعت في اتجاه تأزيم العلاقات بين البلدين. إذ اتهمت الرباط برلين بـ"تسجيل موقف سلبي" بشأن قضية الصحراء، واتخاذ "موقف عدائي في أعقاب الإعلان الرئاسي الأميركي، الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه"، وذلك بحسب بيان لوزارة الخارجية المغربية، التي اعتبرت أن الموقف الألماني "خطير".
ومنذ رحيل المستشارة أنجيلا ميركل، توالت مؤشرات حدوث تغيير في سياسة برلين، بداية من إشادتها بدور المغرب في الأزمة الليبية، إلى موقفها من قضية الصحراء بدعمها جهود المغرب لإيجاد حل عادل ودائم للنزاع.
وفي مؤشر على تطبيع العلاقات بين البلدين والطي النهائي لأزمة استمرت تسعة أشهر، كان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد تلقى في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، دعوة من الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينمار، للقيام بـ"زيارة دولة" إلى برلين، من أجل "عقد شراكة جديدة بين البلدين".
وكان البلدان قد تجاوزا الأزمة الدبلوماسية التي تفجرت بعد استدعاء المغرب في 6 مايو/أيار 2021، لسفيرته في برلين زهور العلوي، من أجل التشاور، ووقف جميع الاتصالات مع السفارة الألمانية في الرباط، بإعلان الخارجية المغربية في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، استئناف التعاون الثنائي مع ألمانيا، وعودة عمل التمثيليات الدبلوماسية للبلدين في الرباط وبرلين إلى شكلها الطبيعي.
ورحبت الخارجية المغربية بما وصفته بـ"الإعلان الإيجابي والمواقف البناءة التي عبر عنها من قبل الحكومة الفدرالية الجديدة لألمانيا"، معتبرة في بيانها، أن تعبير برلين "عن هذه المواقف يتيح استئناف التعاون الثنائي وعودة عمل التمثيليات الدبلوماسية للبلدين في الرباط وبرلين إلى شكلها الطبيعي"، لافتة إلى أن المملكة المغربية تأمل أن تقترن هذه التصريحات بالأفعال، بما يعكس روحاً جديدة ويعطي انطلاقة جديدة للعلاقة على أساس الوضوح والاحترام المتبادل.
وتنص خارطة الطريق، التي اتفق عليها البلدان لاستئناف العلاقات الدبلوماسية والتعاون السياسي، على احترام سيادة الدولتين وتوجهاتهما الإستراتيجية واختياراتهما السياسية، بالإضافة إلى مشاريع مشتركة مرتبطة بالتعاون الاقتصادي والتجاري.
وتعد ألمانيا من أهم الشركاء الاقتصاديين والتجاريين للمغرب، إذ تنشط حوالي 300 شركة ألمانية فيه، فضلاً عن كونها من أبرز مانحيه في برامج تعاون ثنائي.