واشنطن والانتخابات الليبية وحفتر

23 مارس 2023
ليف والدبيبة في طرابلس الثلاثاء (الأناضول)
+ الخط -

لا يبدو أن زيارة الوفد الأميركي رفيع المستوى إلى ليبيا، والذي ضمّ مساعدة وزير الخارجية بربارا ليف والمبعوث الأميركي ريتشارد نورلاند والقائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا، ليزلي أوردمان، والتي انتهت ليل أول من أمس الثلاثاء، قد أثّرت على مواقف المختلفين والمتصارعين في ليبيا، وقدّمت الدعم اللازم لفرض مبادرة المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، الهادف إلى إجراء الانتخابات في ليبيا خلال العام الحالي.

وعكس ما قد يتوقع الكثير من المراقبين، فإن ما أوحت به بعض البيانات والمواقف، يؤشر بشكل واضح إلى استمرار مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في طريق العرقلة ومنع إجراء انتخابات خلال العام الحالي.

فبيان رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، الذي أكد فيه على دعم مجلسه "لأي جهود واضحة تفضي إلى عقد الانتخابات على أسس دستورية وقانونية سليمة تلبي تطلعات الليبيين"، كان واضحاً بأنه يعني به مبادرة باتيلي ويصفها بأنها "غير واضحة"، وبالتالي لا "تلبي تطلعات الليبيين".

وبناء عليه، فإن الطريق الصحيح للوصول إلى الانتخابات هو البناء على "الجهود التي بُذلت من مجلسي الدولة والنواب لحلّ الأزمة وما نتج عنها من اتفاقات كان آخرها اعتماد التعديل الدستوري"، بحسب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الذي أطلع ليف على خطوة مجلس النواب الأخيرة الخاصة بتسمية ممثليه في اللجنة المشتركة مع المجلس الأعلى لإعداد قوانين الانتخابات، وفقاً للتعديل الدستوري الصادر عن المجلسين. 

وفي موقف آخر حمل رسالة ضمنية واضحة، أدرجت رئاسة مجلس النواب الليبي بنداً لمناقشة الميزانية المقترحة من الحكومة المكلفة من المجلس برئاسة فتحي باشاغا، أول من أمس، تزامناً مع لقاء ليف رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في طرابلس. وهدف تلك الرسالة التأكيد على وجود انقسام حكومي في البلاد وجدّية مطلب مجلس النواب في تشكيل حكومة موحدة، خلاف الرغبة الأميركية والدولية. 

ونجحت الزيارة الأميركية ربما في تضييق الخيارات لدى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي كان واضحاً بأن البيان الذي أصدرته قيادته عقب لقائه بالمسؤولة الأميركية حمل ارتباكاً. ففيما أشارت السفارة الأميركية في ليبيا إلى أن ليف تناولت في لقائها مع حفتر نشاط مرتزقة "فاغنر" الروس ودورهم "المزعزع للاستقرار والانتهازي في ليبيا والمنطقة"، لم يشر بيان قيادة حفتر إلى ذلك، لكنه أبدى في المقابل موافقة واضحة على دعم مبادرة باتيلي.

لا يبدو أن ليف حققت نجاحاً كبيراً خلال لقاءاتها في ليبيا، باستثناء نجاحها في تضييق الخناق على حفتر، لسبب واحد وهو أنه الأساس لاستمرار تهديد "فاغنر" للمصالح الأميركية في المنطقة، وبناء عليه كان لزاماً على ليف زعزعة هذا الأساس ووضع حدّ لتماهي حفتر مع الجانب الروسي. أما قضية الانتخابات، فلا تبدو مهمة بدرجة كبيرة لواشنطن إذا تحققت الأهداف الأميركية بالتركيز على خلخلة أوضاع الحليف الأساسي للروس في ليبيا. 

المساهمون