واشنطن ترسم استراتيجيتها لقتال "داعش"

23 مارس 2017
تيلرسون والعبادي خلال اجتماع التحالف الدولي أمس(نيكولا كام/فرانس برس)
+ الخط -



شكّل المؤتمر الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي استضافته العاصمة الأميركية أمس الأربعاء بحضور 67 دولة، إضافة إلى الولايات المتحدة، والذي يُعدّ الأول من نوعه منذ تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مهام منصبه، فرصة لواشنطن كي تعلن بشكل أكثر وضوحاً عن السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة، وخصوصاً لجهة رؤيتها القائمة على تلازم الحربين في سورية والعراق على تنظيم "داعش". واللافت أن التصريحات الأميركية أمس ترافقت مع مؤشرات عسكرية أميركية متزايدة عن قرب إطلاق معركة الرقة، إذ تزامن المؤتمر مع عملية إنزال قامت بها طائرات أميركية غرب مدينة الرقة لاستعادة سد الطبقة عبر تقديم دعم مباشر لـ"قوات سورية الديمقراطية".

استراتيجية واشنطن
وأعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن الولايات المتحدة ستزيد الضغط على تنظيمي "داعش" و"القاعدة" وتعمل لإقامة "مناطق استقرار مؤقتة" لمساعدة اللاجئين على العودة إلى ديارهم في المرحلة المقبلة من المعركة ضد التنظيمين، وهو الطرح الذي كان ترامب قد قدّمه خلال اتصال هاتفي مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في بداية ولايته، حين طلب الرئيس الأميركي من العاهل السعودي دعم المناطق الآمنة في سورية تحديداً.
وفي كلمة له خلال اجتماع مسؤولي التحالف الدولي ضد "داعش" أمس في وزارة الخارجية الأميركية، قال تيلرسون إن بلاده "ستزيد الضغط على تنظيم داعش والقاعدة، وسوف تعمل على إقامة مناطق استقرار مؤقتة من خلال اتفاقات لوقف إطلاق النار من أجل السماح بعودة اللاجئين إلى ديارهم"، من دون أن يتطرق إلى المواقع التي تخطط الولايات المتحدة لإقامة تلك المناطق الآمنة فيها.
وأعلن الوزير الأميركي أن "كل معاوني (زعيم تنظيم داعش) أبو بكر البغدادي قُتلوا تقريباً، بمن فيهم العقل المدبر لاعتداءات بروكسل وباريس. وأن يلقى البغدادي المصير نفسه مسألة وقت". وأكد أن ترامب مستعد لتكثيف الجهود في محاربة "داعش"، مشيراً إلى أن هدف الإدارة الأميركية هو القضاء على التنظيم من خلال العمليات العسكرية، معلناً أن بلاده ستضم عناصر "جبهة النصرة" إلى قائمة أهداف العمليات العسكرية. ونبّه في الوقت نفسه إلى ضرورة "مكافحة أفكار التنظيم المتطرفة في المساجد"، بالإضافة إلى حديثه عن "اتباع وسائل حديثة في مكافحة التنظيم على شبكات الإنترنت"، على حد قوله.
وقال الوزير الأميركي، إن تركيا نفذت عمليات مهمة للقضاء على "داعش"، شمالي سورية. وأضاف في كلمته: "حلفاؤنا الأتراك حرروا عشرات المدن والبلدات من داعش، في سورية والعراق، واستطاعوا المحافظة عليها". ولفت إلى جمع بلاده ملياري دولار، لدعم المناطق المحررة من "داعش" في سورية والعراق. وأعلن أن واشنطن تساهم بـ75 في المائة من الموارد العسكرية في الحرب الدائرة ضد التنظيم، في البلدين الأكثر تضرراً من نشاطه. وعبّر تيلرسون عن أمله بوجود مرحلة جديدة من الاستقرار بالمنطقة، بعد التخلص من "داعش"، مشيراً إلى حرص واشنطن على تسهيل عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم، وإعادة إعمار البنية التحتية فيها، بعد تحقيق الأعمال العسكرية أهدافها.



إنزال وغارات للتحالف
الكلام الأميركي عن تصعيد الحرب ضد تنظيم "داعش"، تزامن مع عملية إنزال غربي الرقة أمس. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن طائرات أميركية تابعة للتحالف الدولي قامت بعملية إنزال جنود من "مشاة البحرية" بالقرب من سد الفرات في منطقة الطبقة. وأوضحت المصادر أن العملية استهدفت تحصينات عسكرية لتنظيم "داعش" في مناطق في قرى أبو هريرة والكرين والمشيرفة غرب مدينة الرقة وشرق مدينة الطبقة، بالقرب من طريق الرقة حلب. وتزامنت العملية مع اشتباكات في محيط المنطقتين بين عناصر التنظيم والمليشيات الكردية التي تحاول التقدم باتجاه سد الفرات ونهر الفرات وطريق حلب الرقة من ريف الطبقة الشمالي بدعم التحالف الدولي.
بينما قال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قام بعملية إنزال جوي لقوات من "سورية الديمقراطية" قرب الطبقة ووفر لها نيراناً للدعم. وقال المتحدث باسم البنتاغون الميجر أدريان رانكاين غالواي، إن طائرات من سلاح الجو الأميركي استُخدمت لنقل أفراد من "قوات سورية الديمقراطية" في محاولة لاستعادة سد الطبقة. ولم يقدم المتحدث تفاصيل بشأن حجم القوات التي نقلت إلى الطبقة. كما أكد مسؤول أميركي في البنتاغون لوكالة "فرانس برس" أن القوات الأميركية استخدمت المدفعية في هذه العملية.
من جهتها، قالت "قوات سورية الديمقراطية" في بيان على موقع للتواصل الاجتماعي إن العملية تهدف إلى السيطرة على منطقة الطبقة الاستراتيجية عند نهر الفرات. كما قال قيادي في "قوات سورية الديمقراطية" لوكالة "فرانس برس" إن قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) "نفذت مع عناصر من قوات سورية الديمقراطية إنزالاً جوياً من المروحيات في ثلاث قرى جنوب نهر الفرات هي أبو هريرة ومشيرفة ومحمية الثورة بهدف التقدم باتجاه مدينة الطبقة". وتبعد تلك القرى حوالى 15 كيلومتراً غرب مدينة الطبقة. وأشار المصدر الى أن عناصر أخرى من "سورية الديمقراطية" عبرت بحيرة الأسد في زوارق لتصل الى مكان الإنزال لدعم الهجوم.
وفي السياق ذاته، أكد العضو في تنسيقية "الرقة تذبح بصمت" حسام عيسى لـ"العربي الجديد"، أن العملية استهدفت تحصينات لتنظيم "داعش" بالقرب من سد الفرات والتي وقفت في وجه تقدم الزوارق التي تحمل عناصر من المليشيات الكردية من جهة قلعة جعبر باتجاه ريف مدينة الطبقة، إضافة لضرب التحصينات المتمركزة على الطريق الواصل بين الطبقة والرقة والرقة وحلب.
في غضون ذلك شن طيران التحالف الدولي غارات عدة على مدينتي الرقة والطبقة متسبباً بسقوط قتلى وجرحى ودمار كبير، وذلك لليوم الثالث على التوالي، إذ أسفر القصف المكثف خلال يومي الاثنين والثلاثاء عن وقوع عشرات الضحايا بين المدنيين، الذين يمنعهم تنظيم "داعش" من النزوح خارج المدينة. واستهدفت طائرات التحالف الدولي فجر الثلاثاء مدرسة البادية الواقعة في بلدة المنصورة غرب محافظة الرقة، ما أدى إلى وقوع عدد غير محدّد من الضحايا جراء هذا الاستهداف. غير أن مصادر محلية أكّدت لـ"العربي الجديد" أن عدد الأشخاص المقيمين في المدرسة هم 50 عائلة يتراوح عددها بين 200 و300 شخص، جميعهم من المدنيين النازحين من أرياف الرقة وحمص وحلب. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الغارة أدت إلى مقتل 33 شخصاً من عائلات نازحة من الرقة وحلب وحمص. غير أن وزارة الدفاع الأميركية قالت في بيان أمس إنه ليست هناك دلائل على أن الضربة الجوية قد أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين، لكنها ستجري المزيد من التحريات.

المساهمون