"واشنطن بوست" تكشف معلومات عن مسرّب الوثائق الأميركية

13 ابريل 2023
تشمل الوثائق خططاً متبادلة بين البنتاغون والجيش الأوكراني (Getty)
+ الخط -

ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الأربعاء، أن الرجل الذي يقف وراء تسريب الوثائق الأميركية هو شاب كاريزمي، محبّ للبنادق، وهو شارك الوثائق السرية مع مجموعة من الأشخاص الذين يتشارك معهم "حب البنادق، المعدات العسكرية، والله".

وكُشف النقاب، يوم الجمعة الماضي، عن وثائق سرّية تظهر الخطط المتبادلة بين وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) والجيش الأوكراني حول العمليات الحربية الجارية في الميدان، وخطط الهجوم المضاد الواسع ضد القوات الروسية، الذي قد يبدأ خلال الأسابيع القليلة المقبلة؛ وهو ما دفع البنتاغون لفتح تحقيق داخلي.

ولفتت الصحيفة في تقرير الأربعاء إلى أن هذه المجموعة تألفت عام 2020 على تطبيق "ديسكورد" للمراسلة، وتضمّ حوالي 20 شخصاً، معظمهم من الرجال والشباب، مشيرة إلى أن أفرادها لم يولوا اهتماماً كبيراً العام الماضي، عندما نشر رجل يسمّيه البعض بـ"أو جي" رسالة مليئة بالاختصارات والمصطلحات الغريبة. ونقلت عن أحد أفراد المجموعة قوله إن الكلمات كانت غير مألوفة، وقلة هم من قرأوا الرسالة الطويلة، لكنه كان معجباً بـ"أو جي"، "الزعيم" الأكبر لمجموعتهم الصغيرة، والذي ادعى أنه يعرف الأسرار التي تحجبها الحكومة عن عامة الناس.

وأكد الشاب أنه قرأ رسالة "أو جي" عن كثب، والتي تبعتها مئات الرسائل الأخرى بشكل منتظم، لأشهر عدة، مشيراً إلى أنها كانت، على ما يبدو، عبارة عن نصوص شبه حرفية لوثائق سرية استخباراتية، قال "أو جيه" إنه حصل عليها من وظيفته في "قاعدة عسكرية"، والتي رفض المصدر تحديدها.

والمصدر الذي تحدث إلى الصحيفة شرط عدم كشف هويته هو شاب كان مراهقاً يبلغ من العمر أقل من 18 عاماً عندما تعرّف إلى "أو جي"، وقد حصلت الصحيفة على إذن من والدته للتحدث معه وتصويره، وقد طلب عدم تمويه صوته.

وبحسب المصدر، فإن "أو جي" قال لرفاقه إنه نسخ الكثير من تلك الوثائق باليد، لأنها موجودة داخل منشأة تحظر على داخليها حمل هواتفهم أو أجهزتهم الإلكترونية الأخرى فيها. وقال المصدر: "إنه شخص ذكي. كان يعرف بالطبع ما كان يفعله عندما نشر هذه الوثائق"، مؤكداً أن التسريبات لم تكن عرضية.

ولفت الشاب الذي تحدث إلى الصحيفة إلى أن المستندات التي نشرها "أو جيه" شملت مجموعة من المواضيع الحساسة التي لا يُسمح بالاطلاع عليها إلا لمن خضعوا للتدقيق لأشهر طويلة، لافتاً إلى أن هناك تقارير سرية للغاية حول أماكن وتحركات قادة سياسيين رفيعي المستوى، بالإضافة إلى تحديثات تكتيكية عن القوات العسكرية، فضلاً عن تحليلات جيو-سياسية، وأفكار حول جهود الحكومات الأجنبية للتدخل في الانتخابات.

وتابعت الصحيفة أن "أو جي" أعطى زملاءه من خلال تلك المشاركات الأولية "رشفة صغيرة" من سيل الأسرار الذي كان سيأتي، لافتة إلى أنه عندما ثبت أن تحويل مئات الملفات السرية يدوياً كان مرهقاً للغاية، بدأ "أو جيه" بنشر مئات من الصور للوثائق نفسها، والتي أدخلت السياسة الخارجية الأميركية في أزمة.

ولفتت الصحيفة إلى أن هذه الرواية أكدها عضو آخر في المجموعة تحدث إليها شرط عدم الكشف عن هويته، مشيرة إلى أن المصدرين أكدا أنهما يعرفان اسم "أو جي" الحقيقي، فضلاً عن الولاية التي يعيش ويعمل فيها، لكنهما رفضا مشاركة هذه المعلومات، في وقت يلاحق مكتب التحقيقات الفيدرالي مصدر هذه التسريبات.

وقال العضو الصغير في المجموعة إنه كان معجباً بقدرة "أو جي"، الذي كان في أوائل- منتصف العشرينيات من عمره، على التنبؤ بالأحداث الكبرى قبل أن تتصدر عناوين الأخبار، وهذه أمور "لا يعرفها إلا شخص لديه هذا النوع من التصريح المهم"، قائلاً إن "أو جي" كان يتمتع بلياقة بدنية، قوياً، مسلحاً، ومدرباً.

تقارير دولية
التحديثات الحية

واطلعت "واشنطن بوست" على فيديو يظهر فيه من قال الشاب إنه "أو جي" وهو يقف في ميدان رماية، يرتدي نظارات السلامة وغطاءً للأذنين، ويحمل بندقية كبيرة، مشيرة إلى أنه يقوم في الفيديو بتوجيه إهانات عنصرية ومعادية للسامية وهو ينظر إلى الكاميرا، قبل إطلاق النار على أحد الأهداف.

كيف تسربت الوثائق؟

يقول المصدر الشاب إن الأمر الوحيد الذي لم يكن من المفترض على الأعضاء فعله هو التحدث عن الأسرار التي شاركها معهم "أو جي"، بما في ذلك الوثائق السرية، مشيراً إلى أن معظم الأشخاص كانوا أذكياء بما فيه الكفاية ليدركوا أنه لا ينبغي نشرها في أي مكان آخر.

وعلى الرغم من ذلك، فإن المجموعة كانت تضمّ مواطنين أجانب، بينهم روس وأوكرانيون، وهو ما يعارض التحذير المطبوع في أعلى العديد من الوثائق، والذي يحذر من مشاركتها مع الرعايا الأجانب.

وتقول الصحيفة إن "أو جي" قام طوال فصل الشتاء بتحميل الوثائق على خادم "ديسكورد"، ولم يتحدث أحد عن مشاركتها في أي مكان آخر، لكن في 28 فبراير/شباط الماضي، بدأ مراهق آخر من أعضاء المجموعة بنشر عشرات الصور التي تظهر وثائق سرية، في مجموعة أخرى. وأظهرت بعض هذه الوثائق تقييماً مفصلاً للقدرات الدفاعية الأوكرانية، ومدى قدرة واشنطن على اختراق القيادة العسكرية الروسية.

في 4 مارس/آذار، ظهرت 10 وثائق على خادم آخر في "ديسكورد" يركز على إحدى ألعاب الفيديو الشهيرة. وتشير "واشنطن بوست" إلى أن المستندات السرية والسرية للغاية أصبحت الآن متاحة للآلاف من مستخدمي "ديسكورد"، لكن التسريبات لم تلفت انتباه السلطات الأميركية إلا بعد شهر.

وتؤكد الصحيفة هنا أن "أو جي" توقف عن مشاركة الصور في مارس. وفي 5 إبريل/نيسان الحالي، نُشرت وثائق سرية تقيّم الحرب في أوكرانيا عبر قنوات روسية على "تليغرام" وموقع "فور تشان"، قبل أن تنتقل إلى "تويتر".

وفي اليوم التالي، وقبل وقت قصير من نشر "نيويورك تايمز" لأول مرة عن التسريب، دخل "أو جي" إلى الخادم "مذعوراً"، وهو أمر غير معتاد بالنسبة إليه، وفق ما يؤكده المصدر. ويتابع: "قال إن أمراً ما حصل، وأنه صلّى لله لئلا يحصل هذا الأمر... لكن الأمر الآن في يد الله".

مخبر؟

على الرغم من ازدراء "أو جي" للحكومة الفيدرالية، قال المصدر إنه لا يوجد ما يشير إلى أن الأخير كان يتصرف على أساس أن هناك مصلحة عامة في الكشف عن الأسرار الرسمية، لافتاً إلى أنه كان يريد أن يفيد "أسرته على الإنترنت".

وقال: "بالطبع لن أصفه بالمخبر. لن أصفه بالمخبر على الإطلاق"، رافضاً مقارنته بإدوارد سنودن، الذي نشر وثائق سرية حول مراقبة الحكومة للصحافيين.

ونقلت الصحيفة عن المصدر قوله إنه كان على تواصل مع "أو جي" في الأيام القليلة الماضية، حتى مع الملاحقة التي يجريها مكتب التحقيقات الفيدرالي وإطلاق البنتاغون تحقيقه الخاص بالتسريبات. ولفت إلى أنه بعد إغلاق خادم المجموعة، نقلها "أو جي" إلى خادم آخر للتواصل مع "عائلته عبر الإنترنت".

ولفت إلى أنه بداً مرتبكاً جداً بشأن ما يجب فعله، مؤكداً أنه على دراية كاملة بما يحدث، وما قد تكون عليه العواقب، لكنه غير متأكد من كيفية التصرف لحلّ هذا الموقف، مضيفاً: "يبدو أنه مذهول جداً حيال ذلك".

وفي رسالته الأخيرة إلى أعضاء المجموعة، دعا "أو جي" رفاقه إلى حذف أي معلومات قد ترتبط به، بما في ذلك أي نسخ من الوثائق السرية التي شاركها.

وأصرّ المصدر على أنه لن يكشف عن هوية أو موقع "أو جي" لسلطات إنفاذ القانون حتى يتمّ القبض عليه أو يتمكن من الفرار من الولايات المتحدة، مضيفاً: "أعتقد أنني قد أُعتقل في نهاية المطاف... أعتقد أنه سيكون هناك تحقيق قصير حول كيفية معرفتي بهذا الرجل، وسيحاولون الحصول على معلومات مني. قد يحاولون تهديدي بالسجن إذا لم أفصح عن هويته". ورداً على سؤال عن سبب استعداده لمساعدته، قال: "لقد كان صديقي المقرّب".

ووفق الشاب، كانت لدى "أو جيه" نظرة قاتمة تجاه الحكومة، لافتاً إلى أنه تحدث عن الولايات المتحدة، وخصوصاً أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات، كقوة شريرة سعت لقمع مواطنيها وإخفائهم.

المساهمون