كشف تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عن ترتيبات أمنية متوقعة تحضيراً لاستدعاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بعد أن تجوّل عملاء "الخدمة السرية" (وكالة حكومية تتبع وزارة الأمن الداخلي الأميركية)، يوم الجمعة، في قاعة المحكمة التي سيمثل أمامها ترامب، لرسم خريطة لمساره داخل المبنى وخارجه.
ونقلت الصحيفة، الجمعة، عن أشخاص مطلعين على الترتيبات، أن ترامب سيسافر إلى نيويورك، يوم الاثنين، ويبقى طوال الليل في انتظار مثوله أمام محكمة مؤمنة بشكل خاص في مانهاتن على خلفية تهم جنائية، لم يجر تحديدها بعد.
ورأت الصحيفة أن أول لائحة اتهام على الإطلاق لرئيس سابق، يأمل في العودة إلى البيت الأبيض في عام 2024، تجلب تحديات أمنية غير عادية لمجمع المحكمة في مانهاتن السفلى، علاوة على ما يضيفه ذلك من تعكير مستمر إلى المشهد السياسي.
انتقد ترامب، يوم الجمعة، على وسائل التواصل الاجتماعي، القاضي المكلف بالقضية والمدعي العام في مانهاتن ألفين براغ (أصبح أول مدعٍ عام على المستوى الفيدرالي يوجّه اتهامات جنائية لرئيس أميركي).
ركز المشرعون الجمهوريون غضبهم على براغ، وهو ديمقراطي منتخب، بينما رفض نائب براغ مطالب رؤساء لجان الحزب الجمهوري بأن يأتي المدعي العام إلى الكابيتول هيل، ويشرح خلفيات تحقيقه.
وتذهب الصحيفة في تقريرها إلى أن الاتهام أو الإدانة بارتكاب جريمة لن يحرم ترامب من الترشح للرئاسة أو تولي المنصب. لكن إدارة العمليات الخاصة بالحملات في ظل قضية قانونية يمكن أن تتعقد. وبينت الصحيفة أنه في الوقت الحالي، يقوم ترامب ومستشاروه بتكثيف جهودهم لجمع التبرعات، وإجراء جولات من المشرعين الجمهوريين وقادة الحزب، تاركين محاميه يتفاوض على استسلامه وتفاصيله الأمنية مع الشرطة.
وأضاف تقرير الصحيفة، أن فريقاً متقدماً من عملاء "الخدمة السرية"، يتألف في معظمه من وكلاء مكتب ميداني في نيويورك، قد تجوّل في قاعة المحكمة، يوم الجمعة، لرسم خريطة لمسار ترامب داخل المبنى وخارجه، وفقًا لمسؤول إنفاذ القانون المشارك في التخطيط.
وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة الترتيبات، إن "الكثير والكثير من العملاء" سيكونون مطالبين بتأمين سفر الرئيس السابق بين منزله في فلوريدا وناديه الخاص ونيويورك.
ومع أن لائحة الاتهام، التي أُعلنت مساء الخميس، لا تزال طي الكتمان، مما يعني أن التهم لم تعلن على الملأ؛ فإن التقرير يؤكد أن هيئة محلفين كبرى في مانهاتن استمعت إلى أدلة حول دفع مبلغ قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2016 إلى ستورمي دانيلز، ممثلة الأفلام الإباحية، لمنعها من تسريب أخبار علاقتها مع ترامب قبل سنوات.
وأمضى براغ وفريقه شهوراً يحققون فيما إذا كان ترامب قد زوّر سجلات تجارية تتعلق بالدفع لدانيلز، بطريقة يمكن أن تشكل انتهاكاً لتمويل الحملات الانتخابية.
ويوضح التقرير أن تحقيق نيويورك هو أحد التحقيقات الجنائية المتعددة التي واجهها ترامب بعد الرئاسة. وهو أيضاً محور التحقيقات في جورجيا والعاصمة فيما يتعلق بجهوده لإلغاء فوز جو بايدن في انتخابات 2020، وتعامله مع المواد السرية في مارا لاغو.
لا يزال بإمكان ترامب الترشح للرئاسة في عام 2024 بعد توجيه الاتهام إليه
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب ينفي ارتكاب أي مخالفات، ويواصل اتهام وكالات إنفاذ القانون التي تحقق معه بالقيام بمطاردات سياسية. في بيان صدر مساء الخميس، اتهم ترامب الديمقراطيين بـ"الكذب والغش والسرقة خلال هوسهم بمحاولة (الإيقاع بترامب)، لكنهم الآن فعلوا ما لا يمكن تصوّره؛ توجيه اتهام إلى شخص بريء تماماً في عمل من أعمال التدخل السافر في الانتخابات. لم يحدث هذا من قبل في تاريخ أمتنا".
ترتيبات أمنية داخل المحكمة وخارجها
الخطوة التالية في الإجراءات الجنائية هي استسلام ترامب، والذي قال العديد من الأشخاص المعنيين بالخطط إنه سيحدث بعد ظهر يوم الثلاثاء. سيتم أخذ بصمات أصابع الرئيس السابق وتصويره وإحضاره إلى قاعة محكمة تتبع قاضي المحكمة العليا خوان ميرشان، في جلسة استماع قصيرة، يُتوقّع أن يقدم ترامب خلالها إقراراً بالبراءة، وإذا لم يعلن عن التهم حتى ذلك الوقت؛ فسيكشف عنها بحلول وقت الاستدعاء، بحسب "واشنطن بوست".
يوم الجمعة، أطلعت مديرة الخدمة السرية كيمبرلي تشيتل نوابها على خطط يوم الثلاثاء، حسبما قال مسؤول إنفاذ القانون لـ"واشنطن بوست"، وأخبرتهم أن الوكالة ستتخذ "الخطوات اللازمة" لحماية ترامب من الأذى، بما في ذلك الحيلولة دون اقترابه من الجمهور، لكن تشيتل، بحسب المسؤول، شددت أيضاً على أن جهاز "الخدمة السرية" لم يطلب أي تسهيلات خاصة في إجراءات المحاكمة الاعتيادية، ولا في إجراءات الاستدعاء، مثل إغلاق ممرات المحكمة أمام الجمهور.
وبين المسؤول أنه من أجل تأمين سلامة ترامب، فإن عملاء "الخدمة السرية" سيكونون مسؤولين بشكل أساسي عن دخوله وخروجه من قاعة المحكمة. سيدير ضباط أمن المحكمة تحركات الرئيس السابق داخل المبنى، بصحبة حراس الأمن الخاصين بترامب، وسيقوم ضباط شرطة نيويورك بتأمين الشوارع الخارجية المحيطة بالمحكمة، وعلى طول طريق موكب ترامب عبر المدينة.
وينقل تقرير "واشنطن بوست" عن مسؤول آخر في إنفاذ القانون، تحدث أيضاً شريطة عدم الكشف عن هويته، إن إدارة شرطة نيويورك سيكون لها حضور أكثر من المعتاد حول قاعة المحكمة، وقد وُجّه الضباط لارتداء الزي الميداني خلال ساعات العمل في حالة وجود حاجة لمراقبة المظاهرات.
وأضاف المسؤول أن الشوارع المحيطة بالمحكمة ستغلق أمام حركة المرور، وسيجري تعليق مواقف السيارات في الشوارع. وطُلب ممن هم في إجازة من عناصر أمن المحكمة قطع إجازاتهم والعودة إلى العمل.
غالباً، سيوجّه الاتهام إلى ترامب بعيداً عن نظر الجمهور الأوسع، فرغم أن نيويورك عاصمة الإعلام في العالم، فإنها إحدى الولايات القضائية الأميركية التي تحظر استخدام الكاميرات في معظم قاعات المحاكم، وتقتصر المشاهدة على الحاضرين شخصياً.
مظاهرات متوقّعة
في العاصمة واشنطن، أرسلت شرطة الكابيتول وسلطات مراقبة الأسلحة، تحذيراً إلى موظفي مجلس الشيوخ، يوم الجمعة، بأنهم يتوقعون "مظاهرات في جميع أنحاء البلاد على خلفية إدانة الرئيس السابق ترامب".
وقالت السلطات، وفقاً لبيان نشره موقع "Punchbowl" الإخباري لأول مرة: "في حين أن أجهزة إنفاذ القانون لا تتعقب أي تهديدات محددة وذات مصداقية ضد مبنى الكابيتول أو مكاتب الولاية، فهناك احتمال لحدوث مظاهرات".
كما طُلب من الموظفين توقّع زيادة في وجود شرطة الكابيتول، وإنفاذ القانون، حول مبنى الكابيتول في الأيام المقبلة، في وقت يكون فيه مجلسا الكونغرس (النواب والشيوخ) في عطلة للأسبوعين المقبلين، احتفالاً بأعياد الربيع الدينية.
وختم تقرير "واشنطن بوست" بأنه من شبه المؤّكد أن يوجّه الاتهام إلى ترامب، يوم الثلاثاء، بعيداً عن نظر الجمهور الأوسع، باستثناء الرسوم التوضيحية من داخل قاعة المحكمة، فعلى الرغم من كونها عاصمة الإعلام في العالم، فإن نيويورك هي إحدى الولايات القضائية الأميركية التي تحظر استخدام الكاميرات في معظم قاعات المحاكم، وتقتصر المشاهدة على الحاضرين شخصياً.