أكّد مسؤولون في الخارجية الأميركية، في إيجاز صحافي عبر الهاتف، الجمعة، أنّ القرار الأميركي المتعلّق باستثناء المناطق الواقعة شمال غربي وشرقي سورية من العقوبات الأميركية، "ليس خطوة سياسية ولا يدعم أي استقلال ذاتي لتلك المناطق بل هو خطوة اقتصادية"، وأشاروا إلى أنّ الولايات المتحدة خصصت 110 ملايين دولار للمناطق المحررة من تنظيم "داعش"، في العراق، وتلك الخارجة عن سيطرة النظام في سورية.
وقال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لملف سورية وبلاد الشام في مكتب شؤون الشرق الأدنى، إيثان غولدريتش، في الإيجاز الذي وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، إنّ أهداف رفع الاستثناء من العقوبات "عملية، وتهدف إلى تحسين نوعية حياة السكان في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام السوري، كي لا تكون المساعدات الإنسانية هي العائد الوحيد الذي يدخل هذه المناطق".
وأوضح أنّ الاستثناء "لا يعني بأي شكل من الأشكال منح الاستقلال الذاتي للمناطق السورية المستثناة"، حيث تؤكد واشنطن دائماً على تمسّكها بوحدة الأراضي السورية، كما تهدف أيضاً إلى الضغط على النظام لإجراء الإصلاحات الضرورية والمضي قدماً في العملية السياسية، لافتاً إلى أنّ بلاده أبلغت أصدقاءها العرب والمجتمعين في بروكسل خلال مؤتمر المانحين بالرخص الممنوحة.
ومن جانبه، أكّد نائب مساعد وزير الخارجية لمكافحة التهديدات المالية والعقوبات في مكتب الشؤون الاقتصادية والتجارية إريك وودهاوس، أنّ هدف العقوبات الأميركية "ليس الضغط على الشعب بل معاقبة النظام السوري"، وتعتزم الولايات المتحدة الإبقاء على العقوبات كوسيلة ضغط حيوية لمعاقبته وشركائه والمتعاونين معه.
وأشار إلى أنّ واشنطن تهدف إلى إرساء الاستقرار في المنطقة وترغيب السكان بالعودة إلى منازلهم، ومعالجة الصعوبات المعيشية التي قد تؤدي إلى عودة ظهور "داعش".
ولفتت مديرة ملف العراق وسورية في مجلس الأمن القومي الأميركي، زهرة بيل، إلى أنّ الولايات المتحدة ما زالت ترى في تطبيق القرار الأممي 2254 "ضرورة وأولوية"، إضافة إلى إجراء انتخابات وإصلاحات سياسية وتداول سياسي للسلطة، كما تسعى لتحقيق استقرار سياسي مستدام في البلاد وضمان الحد من العنف والمحافظة على اتفاقيات وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أنّ هذه الاستثناءات "لا تؤثر على هذا المسار، لأنّ العقوبات في الأساس تستهدف نظام الأسد وليست لمعاقبة المدنيين".
من جهته، قال وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة المعارضة، عبد الحكيم المصري، لـ"العربي الجديد"، إنّ الاستثناء "سيشجع الاستثمار وعمليات البيع والشراء في المنطقة، وقد يجعل الاستثمار في المنطقة سهلاً على الشركات إذا ما اعتمدت على النفط الموجود في مناطق الإدارة الذاتية"، وأشار إلى أنه قد يوقف طريق تهريب المحروقات إلى مناطق سيطرة النظام السوري، الذي تشرف عليه شركات كبرى مملوكة لرجال أعمال مقربين من الأسد.
وأبدى استغرابه لاستثناء منطقتي إدلب وعفرين بريف حلب، اللتين يشكل النازحون معظم سكانهما، وأكّد على أنّ "من الضروري بالتوازي مع هذا الانفتاح التوجّه نحو الاعتراف بالوثائق الرسمية الصادرة عن مؤسسات هذه المنطقة المشمولة بالاستثناء، والسماح بافتتاح بنوك وشركات تحويلات مالية، حيث تكمن عقبات كبيرة وراء عمليات التحويل".
وبدوره، قال الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتيّة، سليمان بارودو، لـ"العربي الجديد"، إنّ التعليمات التنفيذية "لم تصدر حتى الآن، ولم نبلغ بأي تفاصيل، لكن نرى أنّ الاستثناء سيشكل دفعة كبيرة للمنطقة، ولا سيما أنها تمتلك موارد طبيعية وبشرية، وسيسمح هذا الاستثناء بعودة أصحاب رؤوس الأموال المغتربين للاستثمار وإطلاق مشاريع هامة للسكان".
وأعلن مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية، الجمعة، عن إجازة أعمال الشركات والأفراد الراغبين بالعمل خارج مناطق سيطرة النظام السوري في شمال شرقي وشمال غربي سورية، باستثناء إدلب وعفرين، بما يضمن لها الحصول على كافة التسهيلات اللازمة لتنفيذ أعمالها في قطاعات البناء، والصناعة والتجارة، والصحة والتعليم، والطاقة والنفايات، والتمويل والاتصالات، حتى لو كانت هذه التسهيلات محظورة بموجب قوانين العقوبات السابقة.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد قرر تمديد حالة الطوارئ التي تتضمن إجراءات العقوبات المتخذة على النظام السوري لعام آخر، وذلك نظراً لاستمراره في تهديد الأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد للولايات المتحدة، فضلاً عن استمرار ممارساته الوحشية ضد الشعب السوري، بحسب ما نشره البيت الأبيض، في 9 مايو/أيار الجاري.