- عضو هيئة الدفاع، المحامي مختار الجماعي، أشار إلى تطورات مهمة ومخاوف من التلاعب بالإجراءات القانونية لإبقاء المعتقلين وراء القضبان، في ظل تعقيدات الوضع السياسي بعد الانقلاب في 2021.
- حزب "التيار الديمقراطي" انتقد النظام واتهمه بالفشل في تقديم أدلة ضد المعتقلين، معتبراً اعتقالهم تعسفياً وخرقاً للقانون التونسي والاتفاقيات الدولية، وحذر من استخدام القضية للتصفية السياسية.
ختم قاضي التحقيق في تونس اليوم الاثنين التحقيق في ما يُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" ضد المعتقلين السياسيين وتقررت إحالتهم جميعا على دائرة الاتهام بدل محكمة التعقيب، وذلك مع قرب انتهاء مدة الاحتفاظ القصوى الممكنة لجميع المتابعين في القضية، المحددة في 14 شهراً كحد أقصى والتي تنتهي بالنسبة لبعض المتابعين في 19 إبريل/ نيسان الجاري.
ومن بين المعتقلين، الذين تم إيداعهم السجن على خلفية نشاطهم السياسي بعدما وجهت لهم تهمة "التآمر على أمن الدولة": الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، والناشط السياسي خيام التركي، والأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، وعضو جبهة الخلاص الوطني المعارضة جوهر بن مبارك، والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والناشط السياسي رضا بالحاج.
وأوضح عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في تونس المحامي مختار الجماعي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "قاضي التحقيق أعلن اليوم ختم الأبحاث وتمت دعوة جميع المتهمين السياسيين الصادرة في شأنهم بطاقات إيداع بالسجن"، مؤكدا أن "هناك متهمين في حالة سراح في هذه القضية ولكنهم موقوفون في قضايا أخرى، وهناك من هو في حالة سراح كامل".
وأضاف أن "الناشط السياسي خيام التركي حضر اليوم، وكذلك نائب رئيس حركة النّهضة، نور الدين البحيري، والقيادي بالنهضة السيد فرجاني، والناشط السياسي رضا شرف الدين، وتم إعلامهم بقرار ختم البحث وسجلوا استئنافهم"، موضحاً أن "من المتهمين من رفض المثول احتجاجاً على الإجراء الذي سبق وأعلنت عنه هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين والمتعلق بتوجيه الملف إلى قاضي التحقيق منذ أيام خارج التوقيت الإداري بدل توجيهه إلى محكمة التعقيب".
وبخصوص الخطوات المحتملة بعد قرار ختم البحث، أشار الجماعي إلى أنها تتمثل إما في "تطبيق القانون ما يعني إطلاق سراح جميع هؤلاء والإفراج الوجوبي عنهم، باعتبار فوات أقصى مدة الاحتفاظ، خاصة في ظل عدم صدور أي قرار عن دائرة الاتهام، أو السيناريو الثاني، وهو الأسوأ، أي التلاعب بالإجراءات والإصرار على إبقاء المعتقلين السياسيين في حالة إيقاف سواء على أساس هذه القضية ما يعني الإبقاء على مفاعيل بطاقات الإيداع أو إصدار بطاقات جديدة ضدهم في قضايا أخرى وهو ما عهدناه منذ انقلاب 25 يوليو/ تموز 2021".
ولفت الجماعي في تصريحه لـ"العربي الجديد" إلى أن "الملف لم يوجه إلى محكمة التعقيب، بل وجه إلى قاضي التحقيق، في حين أن كل بحث يجب أن ينتهي بقرار ختم البحث وأن تتعهد به محكمة التعقيب، أما أن يتعهد قاضي التحقيق ويحوز الملف ففي ذلك خرق واضح للإجراءات لأن هيئة الدفاع قدمت مطلباً بالاستئناف والقانون ينص على إحالته وجوبا على محكمة التعقيب". وحول مدة الـ14 شهرا من الإيقاف، بيّن الجماعي أنها "تنتهي على مراحل مختلفة تبعا للبطاقات بالإيداع الخاصة بكل شخص، لأنهم لم يسجنوا جميعا في نفس اليوم وعموما هي تنتهي في الأيام القريبة القادمة".
من جهته، قال حزب "التيار الديمقراطي" إن "نظام القمع عجز حتى اليوم عن تقديم أيّ دليل ماديّ أو بداية حجّة لمختلف الاتهامات الموجهة للمعتقلين السياسيين"، مضيفاً في بيان له اليوم: "وأمام غياب أي تقدّم في الملفّ وأي استماع أو استنطاق أو مكافحة للمعتقلين منذ إيقافهم، ممّا يؤكّد مرّة أخرى نيّة التصفية السياسيّة بملفّ لا سند ماديا أو قانونيا له، تواصل اعتقالهم رغم إجماع مختلف الأطراف السياسية والمدنية والحقوقيّة على ضرورة رفع هذه المظلمة التي أعادت بلادنا لعهود كان يظنّ التونسيّات والتونسيّون أنها مضت بغير رجعة".
وأكد أنّ "مواصلة اعتقال هؤلاء القادة السياسيّين يوماً واحداً في السجن بعد هذه المدّة سيُعتبر احتجازاً تعسفياً خارج القانون يجرّمه القانون التونسي والاتفاقات الدولية"، محذّرا من "الخضوع للتعليمات والتلاعب بملف القضيّة بغاية ختم الأبحاث فيها وتوجيه تهم واهية بعد استيفاء 14 شهراً كاملة من التنكيل بالمعتقلين وعائلاتهم، وسماعهم لمرّة وحيدة يوم إيداعهم السجن وبعد الخرق الواضح للإجراءات القانونيّة بحرمانهم من حقهم في مسار الطعن في رفض مطلب الإفراج عنهم".
يُذكر أنّ عدداً من القادة السياسيين في تونس يقبع في السجن منذ فبراير/ شباط 2023، من دون محاكمات إلى غاية اليوم، ودون توجيه تهم واضحة للكثير منهم، وكذلك دون التحقيق معهم إلى الآن. وتحتل تهمة "التآمر على أمن الدولة" صدارة القضايا والملاحقات التي طاولت رموز المعارضة والنشطاء السياسيين في تونس ليبلغ عدد المعتقلين والمطلوبين العشرات، بعدما تحولت إلى سلاح خطير يتربص بالمعارضين.