هل تنجح قمة برلين الثانية بتقديم حلول للأزمة في ليبيا؟

22 يونيو 2021
سبق أن استضافت برلين قمة حول ليبيا العام الماضي (هانيبال هنشكي/ فرانس برس)
+ الخط -

تستضيف العاصمة الألمانية برلين، يوم غد الأربعاء، قمة دولية حول الملف الليبي على مستوى وزراء الخارجية، تناقش عدة ملفات، من أبرزها ضمان إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها المقرّر في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وإجلاء المرتزقة والقوات الأجنبية.

وقد توجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، اليوم الثلاثاء، إلى ألمانيا للمشاركة في القمة. وأفادت الصفحة الرسمية لمنصة "حكومتنا" التابعة للحكومة، على موقع "فيسبوك"، بأنّ الدبيبة توجه برفقة وفد وزاري إلى العاصمة الألمانية للمشاركة في القمة التي تُعقد على مستوى وزراء الخارجية.

وأكدت مصادر خاصة مقربة من وزارة الخارجية الليبية، لـ"العربي الجديد"، أنّ وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش ووزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي ضمن الوفد المرافق للدبيبة.

وإضافة إلى الدول المعنية بليبيا، والتي شاركت في القمة الأولى في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، تشارك ليبيا في القمة الحالية لأول مرة، من خلال وفد يضم وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، التي أجرت عدة زيارات ولقاءات مع نظرائها في العديد من الدول، آخرها في القاهرة، التي التقت فيها أيضاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

ووفقاً للمصادر المقربة من وزارة الخارجية الليبية، ستحمل حقيبة المنقوش رؤية حكومتها الخاصة للوضع في البلاد، مؤكدة أن الإحاطة التي ستقدمها ستتركز حول ملف إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، والحدّ من تأثير التدخلات الخارجية في الشأن الليبي، كونها أقصر الطرق لإنجاح العملية السياسية.

وقالت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ الرؤية الليبية ستتضمن أيضاً مضمون تقارير اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، بشأن استحالة تطبيق بنود الاتفاق العسكري، الموقّع في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من دون إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، مؤكدة أن تلك الرؤية التي تركز على هذا الجانب ناقشتها المنقوش مع كل المسؤولين الذين التقتهم في جولاتها الأخيرة.

في غضون ذلك، ذكر المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا ريتشارد نورلاند أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن سيشارك في أشغال قمة برلين. جاء ذلك في سلسلة تغريدات نشرتها وزارة الخارجية على حسابها بالعربية بموقع "تويتر" نقلت من خلالها عن نورلاند قوله "نعتبر هذا المؤتمر فرصة ليدعم المجتمع الدولي التقدم الذي أحرزه الشعب الليبي"، مضيفاً: "نعيد وشركاؤنا التأكيد في برلين على دعمنا لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة فيما تواصل التحضير للانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر من هذا العام وفقاً لخريطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي التي تمت الموافقة عليها من خلال العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة".

ولفت المبعوث الأميركي إلى أنه "ستكون مشاركة حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة هي المرة الأولى التي يتم فيها إدراج ليبيا في عملية برلين كمشارك، ما يسلط الضوء على الإنجازات الكبيرة التي حققتها ليبيا منذ مؤتمر (برلين 1) حول ليبيا في كانون الثاني/يناير 2020".

من جهته، توجّه وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم الثلاثاء، إلى العاصمة الألمانية برلين للمشاركة في مؤتمر برلين 2 حول ليبيا، تلبيةً لدعوة من وزير خارجية ألمانيا وسكرتير عام الأمم المتحدة.

وقال بيان للخارجية المصرية، إنّ الوزير شكري سيؤكد خلال مشاركته في المؤتمر المُقرر انعقاده غدًا الأربعاء على موقف مصر الثابت من ضرورة حماية سيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ودعم تطلعات الشعب الليبي في بناء مستقبل أفضل.

وشدد البيان على "مساندة مصر جميع الجهود الرامية إلى تحريك العملية السياسية الشاملة بقيادة الليبيين لإنهاء الصراع وتحقيق انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة ونزع سلاح الجماعات المسلحة، فضلاً عن أهمية تضافر الجهود من أجل عقد الانتخابات العامة في موعدها المُقرر في 24 ديسمبر/كانون أول المقبل".

ووفقاً لبيانات وزارة الخارجية الألمانية، فإنّ المشاركين في القمة "سيناقشون التقدم المحرز في العملية السياسية منذ انعقاد مؤتمر برلين الأول في العام الماضي"، لكن أطرافاً خارجية يبدو أنها سعت لاستباق نتائج القمة لتوتير الوضع في ليبيا، بحسب الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق.

ويشير البرق، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ حراك اللواء المتقاعد خليفة حفتر العسكري نحو الجنوب، وتعثر فتح الطريق الساحلي، وعرقلة التوصل إلى قاعدة دستورية للانتخابات المقبلة، علاوة على امتناع مجلس النواب عن اعتماد الميزانية للحكومة، كلها من ملامح توتير الوضع.

واليوم، الثلاثاء، بررت لجنة 5 + 5 قرارها بشأن تأجيل خطوة فتح الطريق الساحلي، الرابط بين شرق البلاد وغربها، بحاجة الطريق "إلى إصلاحات عاجلة"، بحسب بيان موسع لها، وذلك بعد يومين من إعلان الدبيبة فتح الطريق الساحلي، ومشاركته في إزالة السواتر الترابية على الطريق الرابط بين سرت ومصراتة.

وأشارت اللجنة، في بيانها التوضيحي، إلى أنّ قرارها بتأجيل فتح الطريق الساحلي جاء بعد "الزيارات الميدانية للجنة"، مضيفة أنه "تم اللقاء بين غرف العمليات الميدانية من الطرفين ولجنة الترتيبات الأمنية بشكل مباشر على خط التماس، لأول مرة، من أجل التنسيق التام لتنفيذ الأعمال المناطة بهم".

وأشارت إلى أنه "من خلال مرور اللجنة على الطريق الساحلي وقفت على حاجة الطريق إلى إصلاحات عاجلة".

وفيما ذكرت اللجنة أنها تواصلت مع الشركة المختصة بالصيانة المطلوبة لبدء أعمالها، أكدت استمرار اجتماعاتها وأعمالها الميدانية المتعلقة بالصيانة والتأمين، و"ذلك لفتح الطريق الساحلي فور انتهاء هذه الأعمال والتي ستتم خلال أيام قليلة".

وبعد إعلان الدبيبة فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها، الأحد الماضي، عرقل أعضاء الوفد الممثل لحفتر في لجنة 5 + 5، خلال اجتماعها الخامس بمدينة سرت، أمس الاثنين، الخطوة، بل واتهم المتحدث الرسمي باسم قيادة مليشيات حفتر أحمد المسماري بأنّ ظهور الدبيبة للمشاركة في إزالة السواتر الترابية عن الطريق الساحلي مهرجان "مدفوع الثمن"، في تصعيد جديد ضمن مواقف قيادة حفتر تجاه الحكومة.

وكلها مساعٍ تجاوزها الوقت، وإن وقفت وراءها ودعمتها دول كبرى كروسيا، أو حضرت خلالها دولة كالإمارات، بحسب رأي البرق، الذي قال إنّ "المجتمع الدولي مصرّ على تنفيذ خطة على مراحل لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية"، معتبراً أنّ "الانخراط الأميركي الكبير، وعلى مستوى عالٍ، يشير إلى رغبة دولية في حسم ملف المرتزقة".

ويلفت البرق إلى العديد من الأسئلة التي تنتظر الإجابة، مثل "هل ستقبل الدول الأفريقية برجوع المرتزقة الذين قاتلوا في صفوف حفتر؟ وهل ستصنف فاغنر الروسية ضمن القوات الأجنبية؟ وماذا عن سلاح المرتزقة الأفارقة، هل سيعود معهم؟ وإذا تقرر تجريدهم من السلاح، من سيشرف على ذلك؟ وماذا عن القوات التركية التي توجد وفق اتفاق رسمي وشرعي؟"، مؤكداً أن لقاءً دولياً على هذا المستوى من المؤكد أنه وضع تصورات للإجابة عن كل هذه الأسئلة، وأن إجلاء المرتزقة والقوات الأجنبية سيمرّ بمراحل لضمان المغادرة السلسة من دون إضرار الدول المتدخلة بمصالح بعضها البعض.

أما الباحثة الليبية في الشأن السياسي هنية فحيمة، فلا ترى أن القمة ستفاجئ الرأي العام بأي جديد، قائلة إنّ "مجموع نتائج الزيارات واللقاءات الدولية يوضح رغبة دولية في حسم ملف المرتزقة والقوات الأجنبية، وهو ملف تتعامل معه تلك الدول بحسب مصالحها". وأضافت: "قبل أيام، زار وزير الدفاع التركي (خلوصي أكار) فرقاطة تركية قبالة طرابلس، وأكد أن قوات بلاده ليست أجنبية، وعناصر (فاغنر) لا تعترف روسيا بوجودهم، والدول الأفريقية لن تقبل بأفراد حركات التمرد، فكيف سيتم حسم الملف من دون مراعاة مصالح الكبار والمتدخلين؟".

وتضيف فحيمة: "حفتر تحرك نحو الجنوب، ما يعني أنه يتحرك في وسط مجموعات المرتزقة الأجانب، فلماذا لا يُساءل بشأن هذا، ولا يعلن المجتمع الدولي أنه هو من جلب المرتزقة وهو الذي يحميهم، ويطرد من خرج عن سيطرته منهم"، مشيرة إلى أن سياسة المجتمع الدولي تجاه ملفات الأزمة الليبية "لا تزال غير واضحة".

وتعبّر فحيمة عن تفاؤلها، في حال نجحت القمة، في تثبيت وقف إطلاق النار والحيلولة دون تفجر الأوضاع مجدداً في البلاد.

المساهمون