- محمد إسلامي يعلن عن حل نصف القضايا مع الوكالة، مشيراً إلى تقدم في معالجة مسألة موقعين مشتبه بهما والتزام إيران بالتعاون وتقديم المعلومات اللازمة.
- الاتفاق المبرم بين إيران والوكالة في مارس 2023 يعزز التعاون ويتضمن بنوداً للشفافية وأنشطة التحقق، مع استمرار المفاوضات الثنائية لتخفيف التوترات ورفع العقوبات.
في خضم التوترات في المنطقة على خلفية الحرب على غزة وبعيداً عنها، ثمة مؤشرات عن بدء "مرحلة جديدة" في العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ظهرت في أعقاب زيارة المدير العام للوكالة، رافاييل غروسي، إلى طهران خلال الأسبوع الماضي.
هذه التطورات، التي تعكسها تصريحات الجانبين، تأتي في سبيل حل القضايا العالقة بين الطرفين والمرتبطة بشكل غير مباشر، لكنه مؤثر، مع المفاوضات النووية المتعثرة راهناً بين طهران وواشنطن، إذ كانت تلك القضايا إحدى أهم العقبات أمام المفوضات قبل توقفها في محطة فيينا اعتباراً من سبتمبر/أيلول 2022 وانتقالها إلى قناة سلطنة عمان ومباحثات سرية هناك أفضت أحياناً، خلال العامين الأخيرين، إلى تفاهمات جزئية، لكن الحرب على غزة وما أعقبها من توترات أعادت الوضع إلى الوراء قليلاً وأثرت على مسار التفاهمات.
وفي السياق، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، اليوم الأربعاء، على هامش اجتماع الحكومة الإيرانية إن "نحو نصف القضايا المتبقية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تم حلها"، في إشارة غير مباشرة إلى حل قضية موقعين مشتبه بممارسة أنشطة نووية غير معلنة فيهما خلال السنوات الماضية، وذلك من أصل أربعة مواقع، وأضاف إسلامي أن "الموقعين المتبقيين قيد الحل" مشيراً إلى مباحثات جارية بين نائبه بهروز كمالوندي ونائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأوضح إسلامي أن المباحثات بين إيران والوكالة الذرية لحل القضايا الخلافية العالقة لا علاقة لها بالمفاوضات النووية بين طهران والمجموعة الدولية، وعلق على الأنباء بشأن شراء إيران الكعكة الصفراء من نيجيريا متسائلاً عن مصدر هذا الخبر الذي نشرته صحيفة لوموند الفرنسية.
وتعقيباً على تصريحات المدير العام للذرية الدولية حول احتمال بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين الوكالة وإيران، قال إسلامي إن غروسي كان يقصد دخول الاتفاق المبرم بين الجانبين خلال مارس/آذار 2023 مرحلة التنفيذ. وتضمن الاتفاق ثلاثة بنود؛ الأول أكد أنّ التعامل بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران "سيبنى على روح التعاون مع مراعاة جميع صلاحيات الوكالة والحقوق والتعهدات للجمهورية الإسلامية الإيرانية، على أساس اتفاق الضمانات" الملحق بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، فيما نص البند الثاني على أنّ "إيران على استعداد لاستمرار التعاون وتقديم المعلومات ومنح المزيد من الوصول إلى المعلومات لأجل معالجة هذه القضايا" الخلافية، بينما أكد البند الثالث من البيان أنّ "إيران ستسمح للوكالة طوعاً بتنفيذ المزيد من أنشطة التحقق والمراقبة عندما تقتضي الحاجة"، مشيراً إلى أنّ "الطرفين سيتفقان على طريقة تنفيذ ذلك خلال اجتماع فني سينعقد قريباً في طهران".
وكان غروسي قال، أمس الثلاثاء، خلال مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز إنه لمس خلال زيارته إلى طهران "إدراكاً" لأهمية استمرار التعامل مع الوكالة بدلاً من قطع مسار مختلف يمكن أن يؤدي إلى المزيد من التصعيد، موضحاً أن العلاقات بين الطرفين يمكن أن تشهد مرحلة جديدة، وأضاف أن طهران ترغب في التفاوض حول القضايا "الملموسة"، مشيراً إلى أن إيران والولايات المتحدة ما زالتا تواصلان فتح "قناة ثنائية" للمفاوضات.
كما أوضح أن طهران منذ بدء الحرب على غزة "لم تغير سرعة أو مستوى أنشطتها النووية"، مشيراً إلى أنه لا توجد مستندات تؤشر إلى حركة إيران نحو برنامج نووي مسلح أو أنها تخطط له، غير أن غروسي أكد في الوقت ذاته أن إيران تمتلك في الوقت الراهن المواد الانشطارية الكافية لإنتاج نحو ثلاثة قنابل نووية في غضون عدة أسابيع.
إيران والوكالة.. تعاون تكتيكي
وبشأن التطورات الجديدة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، يقول الخبير الإيراني البارز هادي خسروشاهين لـ"العربي الجديد"، إن الطرفين "ما زالا على طريق إدارة التوترات عبر التعاون التكتيكي بشأن مواضيع محددة على حد سواء"، وأضاف أنه على أرضية هذا الشكل من التعاون ستجد الذرية الدولية من خلال "أدوات ضغطها" إمكانية الرقابة على البرنامج النووي الإيراني "بشكل محدود ومتوسط"، مشيراً إلى أن الأهم من ذلك "أنها ستتمكن من الحفاظ على علاقاتها مع إيران".
في الجانب الآخر، ستكون إيران، وفق الخبير الإيراني، قادرة على ضبط التوتر مع الذرية الدولية وإدارة هذا التوتر والحؤول دون إصدار قرارات وبيانات شديدة في اجتماعات مجلس محافظي الوكالة الموسمية.
وما إذا كانت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتجهان نحو حل القضايا الخلافية بينهما، يستبعد الخبير خسروشاهين أن تعمل طهران بطريقة تفقد "أدوات ضعطها النووية وتتحرك صوب حل جميع قضاياها مع الوكالة من دون عدم تأكدها من نجاح المفاوضات (النووية) الهادفة لرفع العقوبات".
ويرى خسروشاهين أن مفتاح نجاح خريطة الطريق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية المرسومة خلال مارس 2023 ليس بيد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية "بل أساساً يتحدد مصيرها خلف طاولة مفاوضات" بين كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني ونظيره الأميركي بريت ماكغورك للوصول إلى توافقات بشأن الحد من التوترات ورفع العقوبات.
ويوضح الخبير الإيراني أنه كما حصل في مراحل زمنية محددة فإن حتى هذا المستوى من التعاون بين إيران والذرية الدولية "رهين" بالمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، مثلما حصل من تعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في أعقاب المباحثات بين باقرير كني وماكغورك في سلطنة عمان خلال مايو/أيار 2023، وهو ما عكسته أيضاً تقارير المدير العام للوكالة خلال يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2023.، كما أن الاتفاق الذي أبرم في مارس/آذار 2023 بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية كان يُستبعد التوصل إليه من دون ضوء أخضر من المبعوث الأميركي السابق للشأن الإيراني روب مالي.