تعقد اللجنة المركزية لحركة "فتح"، اليوم الاثنين، اجتماعاً لها برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبمقاطعة مستمرة من عضو اللجنة ناصر القدوة، الذي أعلن فعلياً تشكيل "الملتقى الوطني الديمقراطي".
ومن المنتظر أن يشكل القدوة قائمة لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة، في ظل حديث متصاعد عن إمكانية "معاقبته" على الخطوة بالفصل من اللجنة المركزية أو تجميد عضويته، وكذلك تنحيته عن رئاسة "مؤسسة ياسر عرفات".
وتشير مصادر "العربي الجديد" إلى أن الرئيس الفلسطيني استنفذ كافة وسائل الترهيب مع القدوة، حيث تم تهديده أكثر من مرة بعواقب تشكيله قائمة انتخابية أمام حركة "فتح"، منها ما هو مباشر. وأعلن عنه القدوة صراحة حين قال في أحد تصريحاته: "بدي ألعن أبوكم"، في إشارة إلى تهديد عباس.
وتابعت المصادر، التي تحدثت شريطة عدم كشف هويتها، أن التهديدات كانت كذلك غير مباشرة على لسان رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، حيث قال موجها كلامه للقدوة: "حتى لو لزم الأمر أن نلاحق كل من يهدد وحدة حركة (فتح) في الشوارع سنفعل ذلك". وجاء ذلك بحضور أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب وعضوها حسين الشيخ.
وكان هذا التهديد غير المباشر للقدوة يوم 20 فبراير/شباط الماضي، خلال لقاء دعا فيه عباس القدوة للحضور إلى مقر الرئاسة، بعد تصريحات الأخير خلال مؤتمر لجامعة بيرزيت التي أكد خلالها: "يجب تغيير النظام الفلسطيني، لأنه لم تعد هناك فرصة لإصلاحه"، ودعا الأسير مروان البرغوثي لحسم أمره بالنسبة للترشح للانتخابات التشريعية.
سيقاطع القدوة اجتماع اللجنة المركزية مساء اليوم الإثنين، وهذا هو الاجتماع الثالث الرسمي للجنة المركزية الذي يقاطعه
وخلال الأيام الماضية، التقى العديد من أعضاء مركزية "فتح" بالقدوة لثنيه عن إكمال ما بدأ فيه، لكنهم فشلوا بذلك، وكان آخر هذه اللقاءات يوم أمس الأحد، حيث التقى القدوة بأكثر من 20 عضواً من أعضاء المجلس الثوري لحركة "فتح". ولكن ذلك لم يقنع القدوة بتغيير موقفه بإكمال ما بدأه، وهو قيامه وعدد من السياسيين والمثقفين والشباب وغيرهم بشكيل قائمة "الملتقى الوطني الديمقراطي".
وقال الرجوب في تصريحات لـ"العربي الجديد": "ما زلت أتمنى على السيد ناصر القدوة إذا كان لديه مشروع إصلاح أن يعمل عليه عبر موازين قوى داخل حركة فتح لإنجازه، أما خروجه فلا يمكن أن يخدمه أو يخدم الحركة أو يخدم المشروع الوطني".
وتابع: "القدوة هو عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح حتى اليوم، ويتمتع بكافة حقوقه كعضو فيها، بما في ذلك الحصانة التنظيمية، كما أن الحوار معه مستمر".
وسيقاطع القدوة اجتماع اللجنة المركزية مساء اليوم الاثنين، وهذا هو الاجتماع الرسمي الثالث للجنة المركزية الذي يقاطعه، رغم توجيه الدعوة له للحضور.
والقدوة عضو في اللجنة المركزية لحركة "فتح" منذ مؤتمرها السادس عام 2009، وأعيد انتخابه في المؤتمر السابع عام 2016.
وكان القدوة قد حسم رأيه وتحدث علانية عن عدم نيته حضور اجتماعات اللجنة المركزية للحركة، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع الصحافيين مساء يوم الخميس الماضي، حيث أكد أنه "شعر بعدم قدرته على التأثير بشكل كبير، وعدم جدوى المشاركة".
وأضاف: "هناك جانب أنني بدأت أفكر باتجاه آخر (في إشارة إلى قائمة الملتقى الانتخابية خارج فتح)، وأخلاقياً ليس من المناسب سماع خطط عمل وتصورات داخل المركزية، يجب أن يكون هناك احترام متبادل لزمالة قديمة بغض النظر عما سيحصل".
ويدور حديث في أوساط أعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" حول نية اللجنة إصدار قرار بفصل القدوة أو تجميد عضويته، لكن هذا النقاش لم يُحسم بعد. وسيصار إلى حسمه إذا قرر عباس ذلك، فيما يبدو أن هناك أصوات تفضل الانتظار إلى نهاية الشهر الجاري، وهو الموعد الذي حددته لجنة الانتخابات للانتهاء من تقديم القوائم، حيث سيعرف حينها إن تقدم القدوة بقائمة "الملتقى الوطني الديمقراطي" بشكل رسمي وكان على رأسها أو شارك فيها أم لا؟
ورشح أيضاً أن هناك توجهاً لدى الرئيس الفلسطيني لإعفاء القدوة من رئاسة "مؤسسة ياسر عرفات" التي يرأس مجلس إدارتها، وهو ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، فيما يرأس مجلس الأمناء عمرو موسى. إلى جانب ذلك، فمجلس الإدارة يضم شخصيات عربية، ما يعني أن اتخاذ عباس أي قرار في هذا الاتجاه، مثل إصدار مرسوم بتنحية القدوة، ستكون له ردود أفعال وصدى عربي وليس فلسطينيا فقط.
من جهته، قال رئيس مكتب مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة "فتح" منير الجاغوب إن "القدوة عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح، ومن الطبيعي أن تتم دعوته لحضور اجتماع اليوم، والحركة كبيرة وفيها هيئات تنظيمية مثل اللجنة المركزية والمجلس الثوري والأقاليم والمفوضيات، ويستطيع أي عضو في الحركة أن يقول كلمته ويوضح رأيه على طاولة الحركة".
وتابع الجاغوب في تصريح له: "عضو اللجنة المركزية يستطيع أن يقول ما يريد على طاولة اللجنة المركزية وأن يجند أصواتا معه، لكن إذا فشل لا يجوز أن يذهب ليتخذ خطوات منفردة بعيدة عن قرارات اللجنة المركزية".
وختم بالقول إن "هناك نظاما داخليا للحركة يلزم قيادتها وأعضاءها بقراراتها، وكل شخص في الحركة لديه حقوق وعليه واجبات يجب أن يقوم بها، وإن لم يستطع أن يغيّر من داخل الحركة فمن غير الممكن أن يغيّر من خارج الحركة".