هجوم باريس يحيي صدمة عمليات قتل ناشطات كرديات في فرنسا قبل 10 سنوات

25 ديسمبر 2022
تظاهرة لأكراد غاضبين وسط باريس (جوليان دي روزا/فرانس برس)
+ الخط -

أحيت المواجهات التي اندلعت بين متظاهرين أكراد غاضبين والشرطة في وسط باريس، الجمعة، عقب اعتداء استهدف مركزاً للجالية الكردية، صدمة أثارتها ثلاث عمليات قتل وقعت عام 2013 وبقيت من دون حل، فيما يحمّل كثيرون تركيا مسؤوليتها.

وأطلقت الشرطة التي انتشرت خارج المركز الثقافي، الغاز المسيل لتفريق محتجين حاولوا خرق الطوق الأمني الذي يحمي وزير الداخلية جيرالد دارمانان، وفق ما أفادت وكالة "فرانس برس".

وشوهد البعض يلقون مقذوفات على الشرطة، ويضرمون النيران في حاويات القمامة، بينما تضررت سيارات عدة خلال الاضطرابات.

وأثار الاعتداء غضب الجالية الكردية التي وجّهت مجدداً أصابع الاتهام إلى تركيا، رغم عدم وجود دليل بعد يدين أنقرة في هذه المرحلة.

كما اتهم الأكراد السلطات الفرنسية بعدم القيام بما يكفي لحمايتهم.

وقالت جهان أكدوغان لـ"فرانس برس": "لا يمكنني تصديق أن الأمر يتكرر". وأضاف شقيقها جوان غولان إليبيغ (41 عاماً) "عرفنا أنها (عمليات القتل) ستبدأ مجدداً".

كان كلاهما يشيران إلى مقتل ثلاث ناشطات كرديات قبل نحو 10 سنوات في المنطقة نفسها في باريس، ما أحدث هزّة في أوساط الجالية الكردية في فرنسا.

في يناير/ كانون الثاني 2013، قتلت ثلاث ناشطات من حزب العمال الكردستاني، إحداهن من مؤسسات المجموعة، في مركز كردي قريب، في اعتداء كان أشبه بهجوم محدد الأهداف.

ووُجهت لاحقاً اتهامات لرجل تركي بالوقوف وراء عمليات الاغتيال المفترضة، لكنه توفي في السجن عام 2016 قبل محاكمته.

ولطالما وجّهت عائلات الضحايا أصابع الاتهام إلى تركيا بتدبير عمليات قتل النساء الثلاث اللواتي جرى إطلاق النار عليهن في الرأس والعنق، كما نددت بفرنسا لفشلها في التحقيق بشكل مناسب بالحوادث.

وصرخ شاب في وجه الشرطة في موقع حادثة الجمعة، وهو يجهش بالبكاء "لا تقومون بحمايتنا. نحن نقتل!".

بدورها، سارعت تركيا لتحميل حزب العمال الكردستاني المسؤولية عن صدامات باريس.

وقال مستشار الرئيس التركي للشؤون الخارجية إبراهيم كالين في تغريدة الأحد، أرفقها بصور لسيارات محترقة: "هذا هو حزب العمال الكردستاني في فرنسا (...) المنظمة الإرهابية ذاتها التي تدعمونها في سوريا" في إشارة واضحة إلى "وحدات حماية الشعب الكردية".

هجوم عنصري؟

ورغم الشبهات التي يتحدث عنها أفراد الجالية الكردية، لا يوجد أي دليل على ما يبدو على أن عملية إطلاق النار، الجمعة، تمّت بدوافع سياسية أو كانت على صلة بتركيا.

والتزمت السلطات الفرنسية الحذر إلى حد كبير في التحدث عن الدوافع، رغم أن الفرضيات الأولى أشارت إلى أنها عنصرية.

ومطلق النار المشتبه به هو متقاعد فرنسي، كان سائق قطارات يبلغ من العمر 69 عاماً، لديه تاريخ في العنف ضد الأجانب.

قتل أجانب 

وفي الشأن، أعلنت المدعية العامة لباريس لور بيكوا، الأحد، أن المتقاعد الذي اعترف بقتل ثلاثة أكراد، الجمعة، في باريس قال إنه ذهب أولاً إلى بلدة في ضاحية سانت دوني الشمالية للعاصمة باريس "لارتكاب جرائم قتل ضد أجانب".

وقالت لور بيكوا، في بيان، إن المشتبه به "تخلى أخيراً عن التحرك في هذا الاتجاه نظراً لقلة الموجودين، وبسبب ملابسه التي تمنعه من إعادة ملء سلاحه بسهولة". وأضافت أن الرجل البالغ من العمر 69 عاماً اعترف بأنه يكن "كراهية للأجانب أصبحت حالة مرضية تماماً".

وفي ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، وجّهت له تهمة مهاجمة مهاجرين يقطنون خياماً في شرق باريس باستخدام سيف، ما أسفر عن إصابة شخصين منهم بجروح.

وقال وزير الداخلية دارمانان للصحافيين إن المتقاعد "كان يستهدف الأجانب بوضوح"، لكنه أضاف أنه "من غير المؤكد" إن كان يهدف إلى قتل "الأكراد على وجه التحديد".

وأضاف "لا نعرف بعد دوافعه بشكل دقيق".

نشاط كردي

سُمع بعض المتظاهرين يهتفون، الجمعة، بشعارات مؤيدة لحزب العمال الكردستاني، وهي منظمة كردية مصنّفة من قبل أنقرة والاتحاد الأوروبي وجهات أخرى بأنها "إرهابية".

وشن حزب العمال الكردستاني تمرّداً ضد الدولة الكردية منذ عام 1984، في البداية من أجل دعم قيام دولة كردية مستقلة ولاحقاً من أجل المطالبة بحكم ذاتي كردي ضمن تركيا.

ويوصف الأكراد بأنهم أكبر جالية في العالم من دون دولة، ويتوزعون على تركيا وسورية والعراق وإيران.

وتشن تركيا عمليات عسكرية متكررة ضد حزب العمال الكردستاني ومجموعات كردية تتهمها بالتحالف معه في سورية والعراق المجاورتين.

وأشار المجلس الديمقراطي الكردي في فرنسا، وهو مجموعة كردية تتخذ من المركز الثقافي الذي استُهدف الجمعة، بأصابع الاتهام إلى تركيا أيضاً.

وقال المتحدث باسم المجلس أجيت بولات لوكالة فرانس برس: "بالنسبة لنا، لا شك في أن ما حصل هو اعتداء إرهابي جاء مباشرة قبيل حلول الذكرى العاشرة لعمليات قتل ثلاث ناشطات كرديات في باريس".

(فرانس برس)

المساهمون