في الوقت الذي يشهد فيه العراق انقساماً سياسياً ملحوظاً إزاء الموقف من الهجوم الإيراني الصاروخي على مواقع داخل مدينة أربيل، فجر اليوم الأحد، تستعد السلطات في إقليم كردستان العراق لتنظيم جولات في المواقع التي تم استهدافها لتفنيد الراوية الإيرانية بأن تلك المواقع تابعة للموساد الإسرائيلي، في وقت يؤكد فيه مسؤولون في الجيش العراقي بمحافظة الأنبار غربي البلاد بأن عدداً من الفصائل المسلحة على الحدود العراقية السورية بمناطق التنف والبو كمال السورية أخلت مواقعها التي تنتشر فيها تحسباً لأي رد أميركي على الهجوم.
وتبنّى "الحرس الثوري" الإيراني، في بيان له اليوم الأحد، قصف مواقع داخل مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، وقال إنه استهدف "المركز الاستراتيجي للمؤامرة والشرارة للصهاينة بصواريخ قوية ودقيقة"، وهو ما رفضته أربيل واعتبرته ادعاءات لا أساس لها من الصحة وأن المواقع المستهدفة مدنية.
ونددت الخارجية العراقية في بيان لها بالهجوم، مؤكدة أنه استهدف مباني سكنية، ووصفت الهجوم بأنه "ترهيب للمدنيين وانتهاك لسيادة لعراق"، فيما أصدرت عدة قوى سياسية عراقية مواقف منددة بالهجوم، كان أبرزها موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي طالب حكومة الكاظمي بتقديم مذكرة إلى الأمم المتحدة واستدعاء السفير الإيراني، مطالباً طهران بعدم تحويل العراق إلى ساحة تصفية حسابات.
كما نددت قوى سياسية أخرى بالهجوم، من بينها تحالف "السيادة"، في قت التزم "الإطار التنسيقي" الصمت إزاء الهجوم.
إلى ذلك، اعتبر المتحدث باسم "الحشد الشعبي" عن محور الشمالي علي الحسيني أن الهجوم "رد طبيعي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي قدمت شهيدين اثنين في سورية"، على حد قوله.
وأضاف الحسيني في تصريحات صحافية ببغداد بأن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية لديها أهداف ومعلومات، وما حصل في أربيل هو رد باعتقادهم على موقع فيه وجود أميركي أو أجنبي، ومن حقهم الرد على الكيان الصهيوني في أي نقطة".
بدوره، قال مسؤول عراقي في قيادة عمليات الجيش العراقي في الأنبار غربي البلاد، لـ"العربي الجديد"، إن ما لا يقل عن ثلاثة مواقع تابعة لكتائب حزب الله العراقية والنجباء والإمام علي، تم إخلاؤها من العناصر في التنف والبو كمال تحسباً لأي قصف أميركي يأتي رداً على هجوم أربيل، مضيفاً أن حركة واسعة للفصائل العراقية وغير العراقية المرتبطة بإيران تشهدها المناطق الحدودية العراقية تحسباً لأي قصف جوي إثر تداعيات الهجوم على أربيل.
فيما قال هلكورد أحمد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل إنه "سيتم تنظيم جولات لأي شخص يرغب في معاينة الأماكن المقصوفة والتي تزعم إيران أنها مواقع سرية للموساد"، وأضاف لـ"العربي الجديد" أنه سيجد منازل ومباني مدنية مقصوفة وشركة للصرف الصحي لا أكثر، وأن إيران تبحث عن أي رد على مقتل عناصرها في سورية ولم تجد غير أربيل، متسائلاً "عن سبب تجنبهم الرد في الجولان المحتل مثلاً؟".
ووصف القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم القصف الإيراني بأنه "إعلان رسمي عن تحويل العراق إلى ساحة حرب، وهذا مؤشر خطير جداً، ولا ينبغي السكوت عنه"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" بأن "الحكومة العراقية في بغداد مطالبة بشكل سريع بالرد على هذا الاعتداء الإيراني".
وتعليقاً على القصف الإيراني قال القيادي في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، علي الفتلاوي، إنه "ينبغي إدانة القصف التركي أيضاً"، مستدركاً بالقول "لا يوجد مبرر للقصف الإيراني ولا التركي. الأتراك يقصفون داخل العراق منذ فترة طويلة، وهكذا عمليات تخرق سيادة العراق وتهدد أمن البلاد".
وأضاف الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، أن "استمرار ضعف الحكومة في المرحلة المقبلة سيحول العراق رسمياً إلى ساحة صراع دولية وإقليمية، وهذا ما تسعى إليه بعض الأطراف الداخلية والخارجية، ولهذا نحن نعمل ونسعى لتشكيل حكومة قوية، تكون قادرة على منع أي خروقات من أي دولة جارة أو أي دولة في العالم".
من جهته، اعتبر رئيس مركز "التفكير السياسي"، إحسان الشمري، في حديث مع "العربي الجديد"، القصف الإيراني امتداداً "لاستخدام إيران العراق كأرض تصفية حسابات".
وأضاف أن على الحكومة التحرك وعدم الاكتفاء بالإدانة، فبغداد عليها التحرك نحو مجلس الأمن الدولي، فتكرار القصف الإيراني على العراق هو مقدمة لنتائج أخطر على الداخل العراقي.
ولفت إلى أن "القصف الإيراني على أربيل مؤشر سلبي من طهران تجاه العراق، وهذا القصف سيكون له تأثير على الوضع السياسي في العراق، وتحديداً عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، خصوصاً أن حلفاء إيران سيكونون متشددين تجاه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، وقد تستغل هذا الموضوع للحصول على تنازلات بشكل أكبر من قبل بارزاني في ما يرتبط بعملية تشكيل الحكومة الجديدة أو التحالف الثلاثي".
وكانت وكالة الأنباء العراقية قد نقلت عن محافظ أربيل، أوميد خوشناو، قوله إن عدة صواريخ سقطت على أربيل، عاصمة إقليم كردستان، في شمال العراق، في وقت مبكر من صباح الأحد.
وقال مسؤول أميركي لـ"رويترز" إن الصواريخ التي استهدفت أربيل في إقليم كردستان العراق أُطلقت من إيران.
وأفادت الوكالة، نقلاً عن قوات مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان، بأن أربيل استُهدفت باستخدام 12 صاروخاً باليستياً من خارج العراق.
والقصف الإيراني لأربيل هو الثاني من نوعه للأراضي العراقية في غضون عامين، بعد قصف قاعدة حرير الجوية خلال الرد الإيراني على اغتيال واشنطن قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني.