نواب تونسيون يحذرون مجدداً من المرسوم 54: "سيف مسلط على الحريات"

18 ديسمبر 2024
مجلس النواب التونسي 21 أكتوبر 2010 (ياسين القايد/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حذر نواب ومنظمات حقوقية تونسية من مخاطر المرسوم 54، مشيرين إلى تعارضه مع الدستور والمواثيق الدولية وتهديده للحقوق والحريات المكتسبة بعد الثورة، مع اقتراح تعديل أو سحب المرسوم.
- أكد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أن المرسوم يُستخدم لمحاكمة النشطاء والسياسيين، داعيًا لسحبه وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتعزيز حقوق الإنسان وحرية التعبير.
- أشار نقيب الصحافيين وأعضاء هيئة المحامين إلى تهديد المرسوم لحرية التعبير واستخدامه الفضفاض، داعين لإلغائه أو إعادة صياغته لضمان الأمان القانوني وتعزيز الحريات.

حذر نواب ومنظمات حقوقية تونسية، اليوم الأربعاء، من مخاطر المرسوم 54، ودعوا إلى ضرورة تنقيحه أو سحبه بسبب ما يحتويه من تعديات على الحقوق والحريات التي تعتبر من أهم مكتسبات الثورة، مؤكدين أن هذا المرسوم لا يتلاءم مع الدستور والمواثيق الدولية. وأكد عدد من النواب، اليوم في مؤتمر صحافي بحضور منظمات حقوقية، أنه سيتم تقديم مقترح لاستعجال النظر في المبادرة التشريعية المودعة في مجلس نواب الشعب لسحب أو تعديل هذا المرسوم، مضيفين أن على رئيس مجلس النواب عدم رفض هذا المقترح.

وأكدت عضوة لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، هالة جاب الله، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مبادرة لتعديل المرسوم 54 مودعة بالبرلمان وسيتم تقديم مقترح لاستعجال النظر فيه، خاصة وأن البلاد انتهت من مناقشة الموازنة والانتخابات الرئاسية، وقد حان الوقت للنظر في هذا المرسوم مجدداً"، موضحة أنه "من مخاطر هذا المرسوم هو سوء استعماله بما يقود لضرب الحريات، فهو مخصص للجرائم الإلكترونية، ولكن للأسف سوء استعماله قد يقود إلى المس بالحقوق والحريات، التي هي مضمونة في تونس". وبينت أن "أهم المقترحات تنص على تنقيح الفصل 24 الذي يتضمن خرقاً لحقوق الإنسان"، مؤكدة أن "هذا الفصل يتناقض والمعاهدات التي صادقت عليها تونس"، وأضافت أنه "حان الوقت للعمل على المرسوم 54، ودورنا بصفتنا نوابا هو الدفع لتمرير مقترح تنقيح المرسوم وحسن تطبيق القوانين. لا يوجد أي مبرر لتطبيقه على الصحافيين مع وجوب ملاءمة القوانين مع المعاهدات الدولية".

وقال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي في كلمة إن "هذا المرسوم عُرف بمرسوم الزج بالسياسيين والمواطنين في السجن وبمحاكمة النشطاء والمحامين والإعلاميين وحتى النواب"، مضيفاً أن "المئات يحاكمون بسبب هذا المرسوم الخطير الذي لا يتلاءم مع الدساتير والمواثيق الدولية، وهناك عدة جرائم تُرتكب ولكن للأسف لا يُطبق منه إلا الفصلين 24 و28 الخاصين بحرية التعبير".

وأضاف أن "المرسوم 54 لا يعتدي فقط على الحقوق والحريات بل أيضاً على حرمة المعطيات الشخصية، ولابد من سحبه واستعجال النظر فيه داخل مجلس نواب الشعب" مضيفاً أن "الرابطة كثيراً ما نددت به"، مشيراً إلى أن "السلطة السياسية ووزارة العدل تحديداً، يإمكانهما إصدار توصيات للقضاة وإلى النيابة العمومية بعدم تطبيق هذا المرسوم والابتعاد عن تطبيق فصوله وإيقاف العمل به إلى حين سحبه"، داعياً إلى "إطلاق سراح المساجين السياسيين الذين حوكموا وفق هذا المرسوم وكافة السجناء المعتقلين والنشطاء بسبب هذا المرسوم". وقال إنه "لابد من المرور إلى مرحلة جديدة وإلى تهدئة سياسية تقوم على تكريس حقوق الإنسان والحق في التعبير".

وقال النائب محمد علي سليمان في كلمته إن "هناك عدة مكاسب تحققت بعد الثورة، من ذلك حرية التعبير والدفاع عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في إطار ما يسمح به القانون"، مبيناً أنه "بعد 14 عاماً من الثورة فإن المرسوم 54 هو عنوان لمنوال سياسي ضرب أهم مكسب للثورة وهو حرية التعبير"، مؤكداً أن "المرسوم تحول إلى آلية سياسية لإدارة الصراع السياسي مع الخصوم". وبين أنه "حتى في الانتخابات الرئاسية استعمل هذا المرسوم لإدارة الانتخابات، كما أنه على خلفية هذا المرسوم يُمنع الناس من السفر. المعركة واضحة إذ لابد من الكف عن إدارة الحياة السياسية والاجتماعية وفق هذا المرسوم ولابد من الذهاب إلى منوال يخلق التهدئة لأن هذا المرسوم يفتح باباً لمآلات خطيرة".

وقال سليمان في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "عديد الجرائم أصبحت تحت طائلة هذا المرسوم وكأن كل التشريعات تركت جانباً وأصبح فقط هناك المرسوم 54"، مؤكداً "ضرورة استعجال النظر فيه لتنقيحه أو سحبه، خاصة وأن متطلبات الحياة السياسية والاجتماعية تتطلب التضامن والحرية بعيداً عن هذا المرسوم الذي تسبب في فتنة وأحدث شرخاً داخل المجتمع، وللخروج من المأزق الذي نعيشه لابد من الغاء الفصل 24 وتعديل بقية المرسوم". واضاف أنهم "قدموا في مناسبتين مقترحين لتنقيح هذا المرسوم، وللأسف لم يمر"، مؤكداً أنهم "بوصفهم جهة مبادرة ونواب سيتقدمون مجدداً بمبادرة لتعديل أو إلغاء هذا المرسوم وعلى رئيس مجلس نواب الشعب عدم تعطيل ذلك".

ورأى نقيب الصحافيين زياد دبار في كلمته أن "المرسوم 54 مس حرية التعبير، وإذا مُست حرية التعبير فإن أهم مكسب للثورة ضُرب والمرحلة الحالية هي مرحلة نضال مستمر لتنقيح هذا المرسوم الذي ينسف كل الضمانات التي أتى بها الدستور". وقال عضو هيئة المحامين عمر السعداوي في المؤتمر إن "هذا المرسوم غريب وأن موقف الهيئة كان واضحاً منذ البداية نظراً لخطورته على حرية التعبير"، مبيناً أنه "يفترض أن دستور 2022 نص على جملة من الحقوق والحريات، ومن المفارقات أن يصدر المرسوم 54 لاحقاً وهو مخالف للمعايير الدولية منها المادة 17و19 لحقوق الإنسان".

ولفت السعداوي إلى أن "المرسوم تضمن عدة مصطلحات غير محددة بما يفسح المجال لتطويعه واستعماله بطريقة فضفاضة ما يخلق ازدواجية تؤدي إلى فقدان الأمان القانوني ويجعل الأمر موكولاً للسلطة التنفيذية" ودعا إلى "ضرورة إلغاء هذا المرسوم أو اعادة صياغة جزء كبير منه"، مضيفاً أن "أغلب الشكايات صادرة عن السلطة التنفيذية، ما جعل مناخ الحريات يتراجع كثيراً ويدفع المنظمات الوطنية لمزيد من العمل والضغط لإلغاء هذا المرسوم أو تعديله وتنقيح جملة من الفصول ما يسمح بتدقيق المفاهيم".

المساهمون