- التحديات والوعود: تناول عون في خطابه أهمية سياسة دفاعية متكاملة، إعمار ما دمره العدوان، رفض التوطين، تعزيز العلاقات الخارجية، تغيير الأداء السياسي، تحقيق العدالة، محاربة الفساد، وتطوير النظام القضائي والاقتصاد.
- العلاقات الإقليمية والدولية: شدد على الحوار مع سوريا لمعالجة القضايا العالقة، تعزيز العلاقات مع الدول العربية، والانفتاح على الشرق والغرب، بما يحفظ سيادة لبنان.
تعهد جوزاف عون بأن يضمن حق الدولة في احتكار حمل السلاح
بات عون الرئيس الرابع عشر للبنان وخامس قائد جيش ينتخب رئيساً
عون: لدينا فرصة تاريخية لبدء حوار جدي وندّي مع الدولة السورية
تعهّد جوزاف عون، اليوم الخميس، بأن تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان وبحصر السلاح بيد الدولة، وذلك بعد انتخابه رئيساً للجمهورية اللبنانية خلفاً لميشال عون، منهياً بذلك شغوراً في المنصب استمرّ منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022. وانتُخب جوزاف عون في الدورة الثانية من جلسة تصويت عقدها البرلمان وحصل على 99 صوتاً من أصل 128، وذلك بعدما عقد لقاء بعد الدور الأول مع ممثلين عن حزب الله وحركة أمل. وبات عون الرئيس الرابع عشر للبنان وخامس قائد جيش ينتخب رئيساً للجمهورية.
وفور حصوله على الأصوات المطلوبة، توجّه جوزاف عون إلى قاعة مجلس البرلمان حيث أدى اليمين رئيساً، متعهداً بحماية استقلال الوطن وسلامة أراضيه. وقال عون خلال أدائه خطاب القسم الدستوري بعد انتخابه لولاية لستّ سنوات، إنه سيمارس "دوره كقائد أعلى للقوات المسلحة ورئيس للمجلس الأعلى للدفاع، بحيث يعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة باحتكار حمل السلاح، دولة تستثمر في جيشها الذي يساهم بضبط الحدود، وتثبيتها جنوباً، وترسيمها شرقاً وشمالاً وبحراً، ويمنع التهريب، ويحارب الإرهاب، ويحفظ وحدة الأراضي اللبنانية، ويطبّق القرارات الدولية، ويحترم اتفاق الهدنة، ويمنع الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، جيش لديه عقيدة قتالية دفاعية يحمي الشعب، ويخوض الحروب وفقاً لأحكام الدستور". وأضاف أنه سيعمل "على تفعيل عمل أجهزة القوى الأمنية على اختلاف مهامها كأداة أساسية لحفظ الأمن وتطبيق القوانين".
وألقى عون خطاباً فيه الكثير من التحديات والوعود والمشاريع وحسن العلاقات الخارجية والرسائل التي اعتُبرت موجّهة بالدرجة الأولى لحزب الله، خصوصاً على صعيد السلاح وقرار الحرب والسلام، والحق في الدفاع عن الأراضي اللبنانية بوجه العدو، مع خلوّه بشكل لافت من عبارة المقاومة أو ذكرها. وقال عون إنه سيدعو "إلى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكّن الدولة اللبنانية، وأكرر الدولة اللبنانية، من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وردّ عدوانه عن الأراضي اللبنانية كافة".
كما تعهّد بـ"إعمار ما هدّمه العدوان في الجنوب والبقاع والضاحية وجميع أنحاء لبنان بشفافية، وبإيمان بأن شهداءنا هم روح عزيمتنا، وأسرانا هم أمانة في أعناقنا، فلا نفرّط في سيادة واستقلال لبنان، وبأنّ وحدتنا هي ضمانة مناعتنا، وتنوّعنا هو غنى تجربتنا، وأنه آن الأوان لنراهن على لبنان في استثمارنا علاقاتنا الخارجية، لا أن نراهن على الخارج في الاستقواء على بعضنا البعض". وأشار جوزاف عون إلى أنه صار "الرئيس الأول بعد المئوية الأولى لقيام دولة لبنان الكبير، في وسط زلزال شرق أوسطي تصدّعت فيه تحالفات وسقطت أنظمة وقد تتغير حدود. لكن لبنان بقي هو هو، على الرغم من الحروب والتفجيرات والتدخلات والعدوان والأطماع وسوء إدارة أزماتنا"، لكن لم يرد في خطابه عمّا يعنيه في "وقد تتغيّر حدود".
جوزاف عون: وصلنا إلى ساعة الحقيقة
وتابع: "لقد وصلنا إلى ساعة الحقيقة، نحن في أزمة حكم يفترض فيها تغيير الأداء السياسي في رؤيتنا لحفظ أمننا وحدودنا في سياساتنا الاقتصادية، وتخطيطنا لرعاية شؤوننا الاجتماعية، وفي مفهوم الديمقراطية، وحكم الأكثرية، وحقوق الأقليات، وفي صورة لبنان في الخارج، وعلاقاتنا بالاغتراب، وفي فلسفة المحاسبة والرقابة، ومركزية الدولة، والإنماء غير المتوازن، ومحاربة البطالة، ومكافحة الفقر والتصحّر البشري والبيئي". وأردف: "إذا أردنا أن نبني وطناً علينا أن نكون جميعاً تحت سقف القانون والقضاء، حيث لا صيف ولا شتاء على سطح واحد بعد الآن، حيث لا مافيات أو بؤر أمنية، ولا تهريب أو تبييض أموال أو تجارة مخدرات، ولا تدخّل في القضاء، ولا تدخّل في المخافر، ولا حمايات أو محسوبيات، ولا حصانات لمجرم أو فاسد أو مرتكب. العدل هو الفاصل والحصانة الوحيدة".
وأشار جوزاف عون إلى أنه سيعمل "مع الحكومة المقبلة على إقرار مشروع قانون جديد لاستقلالية القضاء، بشقه العدلي والإداري والمالي، وتطوير عمل النيابات العامة، وإجراء التشكيلات القضائية على أساس معايير الكفاءة والنزاهة، وتفعيل هيئة التفتيش القضائي، وتبسيط أصول المحاكمات، وإصلاح السجون، وتسريع البت بالأحكام بما يضمن الحريات والحقوق، ويشجّع الاستثمار ويكافح الفساد". وأضاف أنه سيدعو "إلى استشارات نيابية سريعة لتكليف رئيس حكومة هو شريك في المسؤولية لا خصم، يمارس صلاحياتها بروح إيجابية، تهدف إلى استمرارية المرفق العام، وتفضيل الكفاءة على الزبائنية والوطنية على الفئوية والفعالية على البيروقراطية".
رفض التوطين حفاظاً على حق العودة
وتعهّد عون بـ"العمل مع مجلس النواب والوزراء لنعيد هيكلة الإدارة العامة، ونقوم بالمداورة في وظائف الفئة الأولى في الإدارات والمؤسسات العامة، وأن يتم تعيين الهيئات الناظمة، كما التمسك بمبدأ رفض توطين الإخوة الفلسطينيين، حفاظاً على حق العودة، وتثبيتاً لحلّ الدولتين الذي أقرّ في قمة بيروت، وفقاً لمبادرة السلام العربية، ونتمسّك بحق الدولة اللبنانية في ممارسة سلطتها على الأراضي اللبنانية كافة، ومن ضمنها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والحفاظ على كرامتهم الإنسانية".
إلى جانب ذلك، قال جوزاف عون إنّه سيعمل على إقامة "أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة انطلاقاً من أن لبنان عربي الانتماء والهوية، وأن نبني شراكات استراتيجية مع دول المشرق والخليج العربي وشمال أفريقيا، وأن نمنع أي تآمر على أنظمتها وسيادتها، وأن نمارس سياسة الحياد الإيجابي، وأن لا نصدّر لها سوى أفضل ما لدينا من منتجات وصناعات، وأن نستقطب السياح والتلامذة والمستثمرين العرب، لنواكب تطورهم، ونغنيهم بطاقاتنا البشرية، ونبني اقتصادات متكاملة ومتعاونة".
حوار ندي مع الدولة السورية
وأشار عون إلى أنه "انطلاقاً من المتغيرات الإقليمية المتسارعة لدينا فرصة تاريخية لبدء حوار جدي وندّي مع الدولة السورية، بهدف معالجة المسائل العالقة بيننا كافة، لا سيما مسألة احترام سيادة واستقلال كل من البلدين، وضبط الحدود بالاتجاهين، وعدم التدخل في شؤون الداخلية لأي منهما، وملف المفقودين، وحل مسألة النازحين السوريين لما لها من تداعيات وجودية على الكيان اللبناني، والتعاون مع الإخوة السوريين والمجتمع الدولي لمعالجة الأزمة بعيداً عن الطروحات العنصرية أو المقاربات السلبية، والسعي مع الحكومة المقبلة والمجلس النيابي إلى وضع آلية واضحة قابلة للتنفيذ الفوري تعيدهم إلى وطنهم".
#عاجل | الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون:
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 9, 2025
📌لدينا فرصة تاريخية لبدء حوار جدي مع الدولة السورية لمعالجة المشاكل العالقة
📌سنناقش مع سوريا قضايا الحدود ومسألة النازحين وتداعياتها pic.twitter.com/PU1tGQ6IDG
وأضاف جوزاف عون في خطابه أيضاً أنه سيعمل على أن "ننفتح على الشرق والغرب ونقيم التحالفات ونفعّل علاقة لبنان الخارجية مع الدول الصديقة والمجتمع الدولي، بناء على قاعدة الاحترام المتبادل بما يحفظ سيادة لبنان وحرية قراره". وتعهّد عون بالتمسك بالحفاظ على الاقتصاد الحر والملكية الفردية.
كواليس التصويت لصالح عون
في الأثناء، قال عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم إنّ "من حق أي مكوّن أو كتلة نيابية أن تتخذ الموقف الذي ينسجم مع قناعاتها وخياراتها السياسية، وهذا أمر واضح وفي كل الأحوال كان هناك اليوم إصرار على إنجاز الانتخابات وأن تكون الجلسة منتجة، وهذا الإصرار من رئيس البرلمان نبيه بري بالأساس، ولكن طبعاً قد يكون ما حصل في الدورة الأولى شكّل مفاجأة للكثيرين وما تعدّل في الدورة الثانية أيضاً".
وأضاف هاشم في تصريح لـ"العربي الجديد": "لا شكّ أننا مررنا بساعات وأيام كانت تستوجب مثل هذه المواقف ضمن تكتيك سياسي يخدم الاستراتيجية وهي إنتاج رئيس للجمهورية في هذه الجلسة من خلال توافق أو شبه توافق وطني شامل ومن هذا المنطلق لأننا أصحاب شعار أن يكون التوافق والتفاهم هما الأساس لانتخاب رئيس وعلى هذا الأساس كان موقفنا وكنا نسعى لانتخابات رئاسية".
وحول الاجتماع الذي عقد بين موفدي حركة أمل وحزب الله مع جوزاف عون خلال الاستراحة بين الدورتين الأولى والثانية وما تبدّل من بعده على صعيد الانتقال من الورقة البيضاء إلى التصويت لصالحه، قال هاشم: "كان هناك نقاش حول مجمل الأمور، لكن ليس هناك من نقاط محددة تم التطرق إليها إنما جولة أفق".
وتابع: "فليس هناك من تباعد مع قائد الجيش حول كثير من الأمور التي كانت تُبحث، بالعكس بري لطالما كان يستقبله وهنالك بحث مع القوى السياسية كان يستجدّ بين الحين والآخر، وبالتأكيد الكلّ يشهد للجيش في المرحلة التي مررنا بها من دور وطني لعبه وطبعاً مما يحمله قائد الجيش أو فخامة الرئيس اليوم من كفاءة وقدرة على إدارة المرحلة وهذا لا غبار عليه ولطالما ردّدنا أن لا فيتو على عون لكن الظروف مرات، تفرض اتخاذ القرار بهذا الاتجاه أو ذاك".
وحول ما حُكي عن ضغوط خارجية حصلت لانتخاب عون، قال هاشم: "للأسف نسمع الكثير من الكلام، قد يكون البعض خضع لمثل هذا الضغط أو استجاب بناءً للضغط لكن نحن لم ندخل في هذه السردية لا من قريب ولا من بعيد ومن حق الفريق أن يطرح أفكاره كما اليوم الرئيس عون وضع خطوطاً عريضة لرؤيته لهذا العهد، وكل فريق سياسي في كلّ الأحوال من حقه أن يكون لديه تساؤلات وكل القوى السياسية وبلا استثناء كان لها من لقاءات وأسئلة وأخذت أو كان هناك تجاوب مع رؤيتها أو البحث في ما طرحته".
ووصف هاشم خطاب عون بالجيد "فهذه رؤية الرئيس للمرحلة القادمة وطرح خطوط عريضة لكن هذا يحتاج لحكومة فاعلة وقادرة لأن الحكومة هي التي تترجم مثل هذا الخطاب وتضع السياسات العامة لها". وعما إذا كان نواب حركة أمل وحزب الله جميعاً انتخبوا قائد الجيش في الدورة الثانية، قال هاشم: "نحن صوتنا بالكامل لصالح عون في الدورة الثانية، وعندما نقول قناعاتنا نكون أوفياء لها، ولا أحد يمكن معرفة ما في داخل صندوق الاقتراع، فهناك ألاعيب انتخابية لا نعرف كيف تتحرك، حتى أن البوانتاجات الإعلامية والسياسية منذ يوم الأمس وفي الصباح كانت تتحدث عن نيل قائد الجيش في الدورة الأولى 83 صوتاً وحتى أكثر من دون احتساب الثنائي الوطني، ورأينا كيف حصل على 71 صوتاً، والأمر نفسه في الدورة الثانية، قد يكون هناك من بدّل صوته".