نهاية خلاف مصر و"حماس"؟

29 نوفمبر 2014
من المفترض أن تشهد العلاقة تحسّناً قريباً (رحيم خطيب/الأناضول)
+ الخط -
أثارت تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة "المقاومة الإسلامية"، (حماس)، محمود الزهار، المتعلقة بوجود رغبة لدى مصر وحركة حماس، في تحسين العلاقات التي ساءت كثيراً بينهما في الآونة الأخيرة، أسئلة عن قدرة الطرفين على تجاوز أزمة عمرها أكثر من عام ونصف العام، وزاد الإعلام المصري من تفاقمها بشكل كبير.

وساعد الإعلام المصري، عبر حملة منظمة لشيطنة "حماس" وقطاع غزة، في تشكيل حاضنة كارهة للفلسطينيين عموماً، ولأهالي القطاع والحركة الإسلامية خصوصاً، لكن الملفت أن أياً من المسؤولين المصريين لم يتهم "حماس" رسمياً بتلك الاتهامات، التي تسوقها وسائل الإعلام وتلصقها بالحركة.

وأكد الزهار، أكثر من مرة في تصريحات صحافية، أنّ "هناك رغبة مصرية في تحسين العلاقات مع حركته وتطويرها، وترميم ما دمره الإعلام المصري في حملته ضد الشعب الفلسطيني وحماس". وأكد في الوقت عينه وجود رغبة لدى حركته في فتح صفحة جديدة في العلاقة مع مصر.

ومنذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 في مصر، تأزمت علاقة القاهرة بـ"حماس" إلى حدّ غير مسبوق، وأطلق النظام عشرات الاتهامات بحق الحركة، التي تسيطر على قطاع غزة، وألقى عليها بالمسؤولية عن استهداف السجون خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وعن تفجيرات استهدفت عسكريين مصريين في سيناء وغيرها.

لكن أياً من هذه الاتهامات لم تثبت صحته، ولم تقدم وسائل الإعلام المصرية التي أشعلت "نار الاتهام" أية أدلة حقيقية وواضحة على ما تدعيه. كما كان يسارع مسؤولون مصريون على صلة بالملف الفلسطيني، تحديداً في جهاز الاستخبارات العامة، إلى الاتصال بـ"حماس" للتبرؤ مما يدعيه الإعلام المصري.

وعلمت "العربي الجديد"، أن "اتصالات رفيعة المستوى جرت بين حماس والقاهرة، عقب حادثة استهداف الجنود المصريين في كرم القواديس، وأنّ الاتصالات تركزت على ضرورة ضبط الحدود بين غزة ومصر، وألا تسمح حماس بمرور أيٍ ممن تعتقد السلطات المصرية مشاركتهم في العملية إلى القطاع".

وضبطت "حماس" الحدود جيداً حينها، واستجابت لكافة الطلبات المصرية، تحديداً تلك المتعلقة بالبحث عن جرحى من المهاجمين، قد يدخلون غزة عبر الأنفاق. وأجابت الحركة عن كل الأسئلة التي وُجّهت إليها، وهو ما لقي "إشادة وتقديراً" من مسؤولي الاستخبارات المصرية.

ويلفت الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "هناك حراكاً حقيقياً لعودة العلاقات الدافئة بين مصر وحماس". وأشار إلى أنه "قد نكون أمام تحول هام في شكل العلاقة، وهذه التصريحات تعكس القناعة الراسخة، التي كانت موجودة لدى أطراف وازنة داخل حركة حماس وبين القيادة المصرية، انتقلت إلى مرحلة متقدمة وإلى برنامج عمل لعودة العلاقات لمجاريها".

ويضيف: "كلا الطرفين بحاجة لبعضهما بعضاً، وتربطهما مصالح عديدة، فحماس تتطلع لدور مصري أكثر تأثيراً في ملفات عدة، تتعلق بالصراع مع إسرائيل، وأهمها ملف تبادل الأسرى وملف التهدئة والمصالحة الوطنية ومعبر رفح والحملة الإعلامية المصرية التي تستهدفها".

ويلفت الدجني الانتباه إلى أنه "من الممكن ترميم صورة حماس في مصر، وذلك في حال صدقت النوايا وألزمت الدولة المصرية وسائل الإعلام المختلفة بوقف حملة التشويه، التي تستهدف الحركة، والتي تنعكس سلباً على القضية الفلسطينية وعلى الدور المصري فيها".

ويشير إلى أنّ "تحسين العلاقة وتطويرها سيكون قريباً ولن يطول انتظاره". وأبدى اعتقاده بأن "المصالحة الخليجية قد تكون أخذت بعين الاعتبار العلاقة مع حماس، وفصلها عما يجري بالساحة المصرية، كونه شأناً داخلياً مصرياً".

ويتابع "وما يدلّ على ذلك هو عدم إدراج حماس على قوائم الإرهاب لدى السعودية ودولة الإمارات، وبذلك قد نشهد إيجابيات في القريب العاجل، ستنعكس ايجاباً على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وقد تساهم في تسريع خطوات المصالحة الداخلية والإعمار".

على الجانب الآخر، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في غزة، عدنان أبو عامر، في حديث مع "العربي الجديد"، بأنّ "الحديث عن طي صفحة الخلاف بين حماس ومصر، مجرد تمنيات، لأنّ المعطيات على الأرض لا تشير إلى أننا أمام انفراج في العلاقات، لاعتبارات مصرية داخلية".

ويقول إنّ "القطاع لا يزال في نظر المسؤولين الأمنيين والسياسيين في مصر في موقع اتهام". وأشار إلى أنّ "ما يعيق التقدم في طي صفحة هذا الملف، هو الاعتبارات الداخلية في مصر، إلى جانب عدم رغبة السلطات المصرية في التعامل مع غزة من دون حكومة الوفاق الوطني، وفي ظل تباطؤ المصالحة الفلسطينية، لا يبدو أنّ مصر متعجلة للحديث مع غزة وحماس".

ويلفت أبو عامر إلى أنّ "مصر ليست في عجلة في هذا الوقت من أمرها لبدء مفاوضات بين حماس وإسرائيل لتبادل الأسرى، ولو بطلب إسرائيلي حتى، لأنّ أية صفقة قادمة ستعزز موقف حماس وحضورها وستكون مكسباً كبيراً للحركة، وهو ما لا تريده القاهرة".