نفوذ "داعش" في الرقة يتقلص... وتحركات لحسم إدارة المدينة

13 يونيو 2017
تواصل القوات المهاجمة التوغّل داخل أحياء المدينة(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
يضيق الخناق أكثر على مسلحي تنظيم "داعش" في الرقة، بعد أسبوع من انطلاق معركة انتزاع السيطرة على المدينة بدعم من التحالف الدولي، في وقت تحتدم المعارك فيه في قلب البادية السورية بين قوات النظام والمليشيات الموالية له من جهة، ومسلحي تنظيم "داعش" من جهة أخرى.
وبدأت كل من "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي يشكّل مقاتلون أكراد ثقلها الرئيسي، وقوات "النخبة" السورية، التابعة لرئيس الائتلاف الوطني الأسبق، أحمد الجربا، بالتوغّل أكثر داخل مدينة الرقة من الجهتين الشرقية والغربية، وبذلك يضيق الخناق أكثر على مقاتلي تنظيم "داعش" في المدينة.

وأكد المتحدث باسم قوات "النخبة"، محمد خالد الشاكر، أن مقاتلي هذه القوات سيطروا بشكل كامل على حي الصناعة شرقي المدينة بعد اشتباكات وصفها بـ"العنيفة" مع مسلحي التنظيم، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن مجموعتي اقتحام قامتا بالسيطرة على الحي. وأوضح الشاكر أن مقاتلي "النخبة" وجدوا في الحي مصنع ذخيرة لـ"داعش" يعمل فيه أربعة عناصر يحملون الجنسية المصرية، مشيراً إلى أن قوات "النخبة" تقوم بتثبيت نقاط سيطرتها في حيي المشلب والصناعة، نافياً انتزاع السيطرة على باب بغداد، ومنطقة سوق الغنم شرقي مدينة الرقة.

ولا يزال تنظيم "داعش" يسيطر على قبري الصحابيين عمار بن ياسر وأويس القرني شرقي المدينة، ولكن الشاكر أكد أن انتزاع السيطرة عليهما "مسألة وقت لا أكثر". ويُعد هذان القبران من أهم المعالم التاريخية في مدينة الرقة وريفها، وحاولت إيران خلال عهدي حافظ وبشار الأسد، وبتسهيل منهما، استغلال القبرين للتغلغل داخل أبناء المحافظة ونشر التشيع، ولكن سيطرة الجيش السوري الحر على الرقة بداية عام 2013، أفشل هذه المساعي الإيرانية.

وفي الجهة الغربية من مدينة الرقة، تواصل "قوات سورية الديمقراطية" التوغّل داخل أحياء المدينة إثر سيطرتها على حيي السباهية والرومانية، وأكدت مصادر في هذه القوات أنها بدأت أمس الإثنين باقتحام حي حطين، مشيرة إلى مقتل 23 من مسلحي التنظيم في الاشتباكات.
ولا تزال الجبهة الشمالية من دون أي اختراق حقيقي، إذ لم تستطع "قوات سورية الديمقراطية"، وقوات أميركية تدعمها، تحقيق تقدّم في ظل استشراس مقاتلي التنظيم بالدفاع عن مقرات الفرقة 17 العسكرية التي كانت تابعة لقوات النظام قبل سيطرة التنظيم عليها منتصف عام 2014، بعد أشهر من سيطرته على الرقة. ويدرك التنظيم أن خسارته للفرقة 17، تعني بداية تراجع لا ينتهي إلا بخروجه من المدينة بشكل كامل، فالسيطرة على الفرقة من قِبل "سورية الديمقراطية" تعني انتقال الصراع إلى قلب المدينة.
وتمتد مدينة الرقة، التي سيطر عليها تنظيم "داعش" أوائل عام 2014، على مسافة تُقدّر بنحو 8 كيلومترات من الشرق للغرب، و4 كيلومترات من الجنوب إلى الشمال، وتضم العديد من الأحياء، والحارات الصغيرة، التي تعرضت لدمار كبير على مدى السنوات الماضية، من طيران النظام والطيران الروسي وطيران التحالف الدولي.


وفي ظل التقدّم العسكري في مدينة الرقة والمتوقّع له أن يتطور أكثر خلال الأيام المقبلة، بدأت واشنطن تبدي اهتماماً بمسألة إدارة المدينة بعد انتزاع السيطرة عليها، وبدا واضحاً أنها تدفع باتجاه تولي العرب السوريين هذه المسؤولية. وذكرت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن سعد الشويش، وهو رئيس المجلس المحلي للرقة الذي يتخذ من جنوب تركيا مقراً، تلقى دعوة لزيارة الولايات المتحدة الأميركية، مشيرة إلى أن واشنطن طرحت فكرة دمج هذا المجلس مع مجلس آخر شكلته "قوات سورية الديمقراطية" أخيراً. ولا تحوي مدينة الرقة وريفها أي وجود سكاني كردي كبير، باستثناء بعض القرى في منطقة تل أبيض شمال الرقة، وتنتمي الغالبية الساحقة من سكان الرقة وريفها إلى عشائر عربية معروفة.

في موازاة ذلك، لا تزال البادية السورية تشهد معارك كر وفر بين قوات النظام، ومليشيات إيرانية من جهة، ومسلحي تنظيم "داعش" من جهة أخرى. ونقلت وكالة "سانا" التابعة للنظام عن مصدر عسكري قوله إن قوات النظام تابعت عملياتها في عمق البادية على اتجاه حقل آرك للغاز والمحطة الرابعة في منطقة تدمر بريف حمص الشرقي.
من جهته، ذكر مدير المكتب الإعلامي لـ"جيش أسود الشرقية" سعد الحاج، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المعارك تجددت أمس الإثنين بين مقاتلي المعارضة المسلحة وقوات النظام المدعومة بمليشيات أجنبية في محور دكوة في البادية الشرقية في ريف دمشق الشمالي الشرقي.

وفي دير الزور، تحدثت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" عن مقتل ثلاثة مدنيين وجرح آخرين جراء قصف جوي روسي على بلدة حطلة في ريف دير الزور الشرقي، كما طاولت الغارات الروسية دوار البانوراما ومدرسة البانوراما وكازية الإيمان ومحيط مطار دير الزور العسكري في مدينة دير الزور، أسفرت عن أضرار مادية جسيمة. وتأتي الغارات الروسية هناك، بالتزامن مع استمرار المعارك بشكل عنيف بين تنظيم "داعش" وقوات النظام في محيط دوار البانوراما والمطار العسكري إثر هجوم من التنظيم بدأ فجر أمس.
في غضون ذلك، شنّت قوات النظام هجوماً ضد تنظيم "داعش" في جبهات قريتي عرشونة والبرغوثية في منطقة عقيربات، بريف حماة الشرقي، انطلاقاً من مواقعها في محيط قرية عقارب الصافية في ناحية السلمية. وشنّ الطيران الروسي أكثر من عشرين غارة جوية على قريتي عرشونة والبرغوثية بقنابل عنقودية وصواريخ فراغية أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى من تنظيم "داعش" والمدنيين.