نتنياهو يُفشل مفاوضات غزة... للنجاة وخشية المحاسبة

31 يوليو 2024
خلال تظاهرة ضد نتنياهو في تورنتو، 24 يوليو 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تعطيل المفاوضات**: نتنياهو يضع شروطاً جديدة في كل مرة تقترب فيها مفاوضات وقف الحرب وتبادل الأسرى من النهاية، مما يعطل المفاوضات ويحمل حماس المسؤولية.
- **استراتيجية المماطلة**: نتنياهو يستخدم المماطلة بوضع شروط جديدة مثل منع المسلحين من العودة لشمال غزة، مما يزيد من معاناة المدنيين ويضغط على المفاوضين.
- **مخاوف نتنياهو**: يخشى نتنياهو أن يؤدي الوصول إلى هدنة إلى نهاية حياته السياسية ومحاكمته، لذا يستمر في الحرب لتحقيق تنازلات أكثر من المقاومة.

في كل مرة تقترب فيها مفاوضات وقف الحرب على قطاع غزة وتبادل الأسرى من نقطة النهاية، يعود رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليضع شروطاً جديدة في مسعى يقول كثيرون إنه لتخريب مفاوضات غزة وتحميل الجانب الفلسطيني، خصوصاً حركة حماس ومعها المقاومة، مسؤولية التعطيل ولاستجلاب المزيد من التنازلات منها ولحماية نفسه من المحاسبة داخلياً. وعرقل نتنياهو أكثر من مرة الوصول إلى اتفاق على الرغم من التقارب في المواقف والتنازلات الواضحة التي قدمتها "حماس" في الأشهر الأخيرة للوصول إلى إنهاء الحرب التي ضربت عميقاً في القطاع وأدت إلى ثاني أكبر مأساة فلسطينية بعد النكبة عام 1948.

وقال بيان مقتضب لحركة حماس مساء الاثنين الماضي إنّه نُقل إليها من الوسطاء عقب اجتماع روما الأحد حول مفاوضات غزة لوقف إطلاق النار، أن نتنياهو عاد من جديد إلى استراتيجية المماطلة والتسويف والتهرب من الوصول إلى اتفاق من خلال وضع شروط ومطالب جديدة. وذكرت "حماس" أنّ نتنياهو تراجع أيضاً عمّا نقله الوسطاء على أنه ورقة إسرائيلية، والتي كانت جزءاً من مشروع الرئيس الأميركي جو بايدن ولاحقاً قراراً لمجلس الأمن الدولي. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، في اليومين الماضيين، إنّ نتنياهو عاد للمطالبة بمنع من أسماهم المسلحين من العودة إلى شمالي قطاع غزة، ويتمسك ببقاء الحاجز الأمني وسط القطاع وفي محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، كما طالب بالحصول على أسماء الأسرى الأحياء الذين تريد المقاومة مبادلتهم بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وقبل ذلك، وبينما وافقت "حماس" على الإطار الذي وضعه الرئيس الأميركي للمفاوضات، كان نتنياهو والمؤسسة الأمنية والعسكرية يعلنون البدء في العدوان البري الواسع على مدينة رفح الحدودية في 7 مايو/أيار الماضي. أما في الميدان، وكلما تبدأ جولة مفاوضات جديدة للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تصعّد إسرائيل من عدوانها وقتلها الفلسطينيين وترتكب المزيد من المجازر بحقهم، وبات الفلسطينيون يخشون بدء مفاوضات غزة لأنها تنقلب عليهم "جحيماً"، ويرتكب جيش الاحتلال خلالها مجازر جديدة ويضغط أكثر على المدنيين لإجبارهم على إخلاء مناطق جديدة من أجل تدميرها وبدء عمليات فيها، وهو ضغط على المفاوضين والمقاومة.

مخاوف نتنياهو

وقال الكاتب والخبير في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ نتنياهو يعرف أنّ الوصول إلى هدنة وتبادل أسرى يعني الفتور تجاه العودة للحرب ووقفها، ويعني ذلك ربما بداية النهاية لحياته السياسية، وبمجرد انتهاء الحرب سيبدأ التحقيق الإستراتيجي الأكبر في تاريخ إسرائيل حول "طوفان الأقصى"، وسيكون هناك تسريع للمحاكم الجنائية له على ارتكابه مخالفات جنائية يمكن أن تؤدي به إلى السجن.

أنطوان شلحت: استمرار الحرب يخدم بقاء نتنياهو في سدة الحكم

ولفت شلحت إلى أنّ مصلحة نتنياهو الشخصية والخاصة أن يهرب من هذه المحاسبات، ومن جانب آخر، بمجرد انتهاء الحرب ستتفكك حكومته لأنه مهدد بانسحاب اليمين المتطرف وتيار الصهيونية الدينية من الحكومة إذا أوقف الحرب. وأوضح أن "استمرار الحرب يخدم بقاء نتنياهو في سدة الحكم". ونبّه إلى أنّ نتنياهو يهرب من كل القرارات الحاسمة التي يجب أن يتخذها، وليس فقط من المضي قدماً في مفاوضات غزة للتوصل إلى صفقة، إذ يتهرّب من قضية ما يُعرف باليوم التالي للحرب، ويتهرّب من وضع خطة سياسية لليوم التالي، ويطرح شروطاً تعجيزية لا أحد يقبلها. وتوقع شلحت أنّ تستمر الحرب إلى أنّ يحدث ضغط من جهتين لفرض وقفها والوصول إلى صفقة، الجهة الأولى هي الولايات المتحدة، وهي قادرة على فعل ذلك رغم ممارستها بعض الضغط حالياً لكن يمكنها أن تضغط أكثر وتفرض على نتنياهو الأمر، والجهة الثانية هي المؤسسة العسكرية والأمنية التي تقول إنها مختلفة معه، ولكنها لا تأخذ مواقف لأن لديها "نزعة انتقام لا تقل عن النزعة التي عند نتنياهو".

في السياق ذاته، رأى الخبير في الشأن الإسرائيلي صلاح العواودة أنّ نتنياهو "لا يؤمن بالوصول إلى صفقة، ولا يؤمن أنّ الصفقة من مصلحته ومصلحة إسرائيل، لذلك لم يمضِ باتجاهها"، مشيراً إلى أنّ قناعته بأنّ الضغط الزائد يؤدي إلى تنازلات أكثر من المقاومة في طريق تحقيق أهداف الحرب.

الهدف من عرقلة مفاوضات غزة

لفت العواودة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ نتنياهو يريد "نصراً ساحقاً على المقاومة ومقتنع بذلك"، لذلك يحاول أنّ يتشدد لتحقيق هذه الأهداف، وفي كل مرة يعرقل فيها مفاوضات غزة ويخربها يقوم باتهام المقاومة بأنها لم تتنازل عن شروطها للوصول إلى صفقة ونهاية الحرب. ونبّه إلى أنّ نتنياهو غير مهتم بالأسرى الإسرائيليين في غزة، وهي ورقة من أوراق الانتصار وتحقيق أهداف الحرب وليست الهدف الأول له وليست بأي ثمن، فهو يريد الأسرى لكنهم ليسوا أولوية، معتقداً أننا "ذاهبون إلى استمرار الحرب إلى ما لا نهاية".

صلاح العواودة: الوضع يعتمد على قدرة المقاومة على الصمود

وأشار إلى أن الوضع وتغيراته منذ اليوم الأول لحرب الإبادة يعتمد على قدرة المقاومة على الصمود، فإمكانيات الاحتلال كبيرة ويدعمه العالم، وما دامت المقاومة غير وحيدة فإنّه بات من المؤكد أن عدم توقف الحرب في غزة يعني اتساع الرقعة واشتعال جبهة لبنان، وربما تنتقل من هناك إلى أقطار أخرى.