نتائج ساعات من محادثات سوليفان في بكين

30 اغسطس 2024
من لقاء سوليفان والوفد الأميركي مع شي في بكين، 29 أغسطس 2024 (تريفور هانيكات/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **زيارة جيك سوليفان إلى الصين**: استمرت ثلاثة أيام، التقى خلالها الرئيس الصيني ومسؤولين آخرين، وناقشوا العلاقات الثنائية وقضايا مثل تايوان وحقوق الإنسان والأزمة الأوكرانية.

- **التوترات الصينية الأميركية**: رغم الجهود الدبلوماسية، أبدت وسائل الإعلام الصينية حذراً بشأن تخفيف التوترات، مشيرة إلى أن القضايا الرئيسية مثل تايوان والحرب التجارية قد لا تشهد تحسناً كبيراً.

- **التوترات الصينية التايوانية**: أكدت وزارة الدفاع التايوانية أن الصين تواصل تطوير أسلحة جديدة وتهديد تايوان، بينما رفض زعماء دول المحيط الهادئ دعوات لقطع العلاقات مع تايوان.

أفردت وسائل إعلام صينية، اليوم الجمعة، مساحة كبيرة للحديث عن نتائج زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى الصين، التي استمرت ثلاثة أيام، التقى خلالها الرئيسَ الصيني شي جين بينغ، ووزير الخارجية وانغ يي، ونائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية في الحزب الشيوعي الصيني تشانغ يو شيا، وعدداً من المسؤولين الصينيين.

ونقلت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية عن المدير العام لإدارة شؤون أميركا الشمالية وأوقيانوسيا في وزارة الخارجية الصينية يانغ تاو قوله إن وزير الخارجية وانغ يي أجرى اتصالات استراتيجية مكثفة مع سوليفان خلال اليومين الماضيين، وعقد الجانبان ست جلسات بلغت مدتها أكثر من 11 ساعة، وناقشا العلاقات الصينية الأميركية، والقضايا الحساسة، والبؤر الساخنة الدولية والإقليمية الرئيسية، بما في ذلك مسألة تايوان، وملف حقوق الإنسان، والأزمة الأوكرانية، والتوتر في بحر الصين الجنوبي، مشيرة إلى أن الجانب الصيني أثار مخاوف جدية، وأوضح موقفه، ووضع مطالب جادة بشأن هذه القضايا.

وقالت الصحيفة الصينية إن ترتيب وتلبية رغبة سوليفان في التواصل مع كبار المسؤولين الصينيين في القطاعين الدبلوماسي والعسكري، وأيضاً مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، يعكسان صدق بكين في إدارة واستقرار العلاقات الثنائية. ومع ذلك، أبدت حذراً بشأن مدى قدرة الاتصالات على المساعدة في تخفيف التوترات القائمة بين البلدين، ونقلت عن الأستاذ في جامعة الشؤون الخارجية الصينية لي هايدونغ قوله إن "الاحتكاكات أو التوترات بين الصين والولايات المتحدة بشأن قضية تايوان، أو بحر الصين الجنوبي، أو الحرب التجارية، أو القيود العلمية والتكنولوجية، من غير المرجح أن تشهد تحسناً كبيراً طالما ظلت استراتيجية احتواء الصين الأميركية قائمة". وأضاف أن أقصى ما يمكن أن تفعله الصين هو التأكد من عدم تصعيد التوترات القائمة وخروجها عن السيطرة، وأنه بناءً على نتائج المحادثات، يمكن على الأقل إضافة بعض العناصر البراغماتية إلى أساس العلاقات الصينية الأميركية، ما يمنح الإدارة الأميركية المقبلة أساساً إيجابياً نسبياً لبدء سياستها تجاه الصين.

من جهتها، قالت صحيفة ساوث تشاينا مورنيغ بوست إن زيارة سوليفان إلى الصين تُعدّ جزءاً من جهد أكبر تبذله القوتان العظميان لتحقيق الاستقرار في التنافس الشرس الذي امتد إلى كل الجبهات. ونقلت الصحيفة عن سوليفان قوله في أعقاب لقائه بالرئيس الصيني: "إن علاقة واشنطن مع بكين ستظل تنافسية، لكن القوتين العظميين بحاجة إلى إدارة العلاقات بشكل مسؤول". وأضاف: "إننا نفعل ذلك من خلال هذه الجولات المتعددة التفصيلية والمضنية من الجهود الدبلوماسية، وليس من الضروري أن نصل إلى نتيجة نهائية محددة حيث يُحل كل شيء، بل من الأفضل أن نصل إلى أساس مستقر حتى يتمكن كل منا من الدفاع عن مصالحه"، لافتاً إلى أن هذا هو الهدف من هذه الرحلة، وهذا هو الهدف من الدبلوماسية في السنوات القليلة الماضية، ونحن نعتقد أن هذا يضعنا في موقف يسمح لنا بزيادة احتمالات استقرار العلاقات في المستقبل.

وكان سوليفان قد اعترف في إحاطة صحافية، أمس الخميس، بأن التقدم الذي أُحرز في قضايا مثل حرب أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي كان ضئيلاً، لكنه أضاف أن الولايات المتحدة ستسعى إلى تعزيز التعاون مع الصين في مجالات مثل مكافحة المخدرات، كما ستعملان على تعميق الاتصالات العسكرية. وفي وقت سابق من اليوم نفسه، التقى سوليفان مع تشانغ يو شيا، نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية في الحزب الشيوعي الصيني، لإجراء محادثات بشأن تايوان. وقال البيت الأبيض إن الجانبين أكدا أهمية الاتصالات العسكرية المنتظمة، ويعتزمان إجراء مكالمة بين قادة المسرح العسكريين في المستقبل القريب.

وقال سوليفان إن الاتفاق على المكالمة كان نتيجة إيجابية للغاية لمناقشاته في بكين، وأن اجتماعه مع تشانغ كان مهماً لأنه سمح لكلا الجانبين بإعطاء الزخم والقوة لخطوط الاتصال العسكرية. وفي ما يتعلق ببحر الصين الجنوبي، قال المسؤول الأميركي إنه أثار مخاوف بشأن تصرفات بكين المزعزعة للاستقرار، وإن واشنطن ستواصل المناقشات مع نظيرتها الصينية. وأضاف: "نعتقد أن الأمر الأكثر إلحاحاً يجب أن يكون خفض التصعيد، ونحن ندعم المناقشات المباشرة بين الفيليبين وجمهورية الصين الشعبية"، ولفت إلى أن بكين تدرك جيداً الالتزام طويل الأمد الذي تلتزم به الولايات المتحدة بموجب معاهدة الدفاع المشترك مع الفيليبين، كما أن مانيلا تدرك جيداً أن لدينا التزاماً راسخاً بدعمها في ممارستها المشروعة لحقوقها، واستدرك بأنه في الوقت نفسه لا أحد يبحث عن أزمة، لا الفيليبين ولا الولايات المتحدة، وأضاف: "نأمل أن تكون جمهورية الصين الشعبية كذلك".

مزيد من التوتر على خط العلاقات الصينية التايوانية

وفي سياق العلاقات الصينية المتوترة مع جيرانها، قالت وزارة الدفاع في تايوان إن الصين ليست لديها القدرة على غزو الجزيرة "بالكامل" لأنها لا تملك العتاد اللازم لذلك، لكنها تجلب لترسانتها أسلحة جديدة متطورة، ولديها خيارات أخرى لتهديد تايوان. وتعتبر الصين تايوان جزءاً من أراضيها، وكثفت الضغوط العسكرية والسياسية على الجزيرة على مدى السنوات الخمس المنصرمة للتأكيد على مطالبتها بالسيادة عليها، وهو أمر ترفضه تايبيه بقوة. ولم تستبعد الصين مطلقاً استخدام القوة لإخضاع الجزيرة لسيطرتها.

وذكرت وزارة الدفاع في تايوان، في تقييم سنوي للتهديد الصيني أرسلته اليوم الجمعة للنواب، وفق "فرانس برس"، أن بكين تواصل شحذ مهاراتها في مجالات مثل عمليات القيادة المشتركة. وأضاف التقييم: "لكن استخدام أساليب واستراتيجيات ضد تايوان لا يزال محدوداً بسبب طبيعة البيئة الجغرافية لمضيق تايوان، وعدم كفاية عتاد الإنزال وكذلك القدرات اللوجستية". وذكر التقييم أن الصين "لم تمتلك بالكامل بعد القدرات القتالية التقليدية اللازمة لتنفيذ غزو شامل لتايوان". لكن الوزارة أشارت إلى أن الصين تسرع وتيرة تطوير العديد من الأسلحة الجديدة، مثل قاذفة القنابل إتش-20 وصواريخ فرط صوتية، وتزيد عدد الرؤوس الحربية النووية في وقت تجرب فيه أيضا أساليب جديدة.

وأشار التقرير إلى مناورات حربية نفذتها بكين في مايو/ أيار حول تايوان، قامت فيها سفن تابعة لخفر السواحل الصيني للمرة الأولى بتدريبات على عمليات اعتراض سفن وتفتيشها قبالة الساحل الشرقي. وجرت تلك المناورات عقب تولي الرئيس التايواني الجديد لاي تشينغ-ته منصبه. وأضافت الوزارة أن الصين تهدف من تلك المناورات إلى التدرب على قطع اتصالات تايوان مع العالم الخارجي، كما أن اعتلاء سفن شحن أجنبية يُعدّ أحد الخيارات التي قد تلجأ إليها بكين دون خوض صراع مفتوح أوسع نطاقاً.

وفي سياق متصل، رفض زعماء دول المحيط الهادئ، وفق "رويترز"، اليوم الجمعة، دعوات تدعمها بكين إلى قطع العلاقات مع تايوان، قائلين إن التحالف الإقليمي سيبقي على سياساته المستمرة منذ عقود، في تصريحات أثارت غضب الصين التي ردت بأن ذلك "خطأ يجب تصحيحه". ورفض منتدى جزر المحيط الهادئ خلال اجتماع سنوي عقد في تونغا مسعى جزر سليمان، أحد أعضائه الحليفة للصين، لوقف معاملة تايوان كشريك في مجال التنمية. وفي بيان ختامي أعاد زعماء الكتلة "تأكيد" اتفاق وُقّع عام 1992 سمح بإجراء محادثات مع تايبيه. ورد المبعوث الصيني الخاص إلى جزر المحيط الهادئ تشيان بو على البيان قائلاً: "لا بد أن هناك خطأ". وأضاف "هذا خطأ مفاجئ ارتكبه شخص ما (...) أعتقد أنه يجب تصحيحه"، مشيراً إلى أنه اتصل بأمانة المنتدى لتوضيح الأمور.