أجرت نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان، اليوم الخميس، لقاءات مع نظرائها الأتراك في العاصمة التركية أنقرة، لبحث العلاقات الثنائية وللتمهيد للقمة المرتقبة بين رئيسي البلدين.
والتقت شيرمان مع نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، وأجرت معه مشاورات سياسية وفق وزارة الخارجية، وتناول اللقاء العلاقات التركية الأميركية وبحث قضايا إقليمية ودولية تهم البلدين، وعلى رأسها الإعداد للقمة المرتقبة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي جو بايدن.
ويفترض أن تعقد القمة المنتظرة بين الرئيسين في 14 يونيو/ حزيران على هامش اجتماعات قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، بعد أن اتفق الرئيسان على اللقاء في الاتصال الهاتفي الوحيد بينهما الشهر الماضي.
وفي 23 إبريل/ نيسان الماضي، اتفق أردوغان وبايدن على "أهمية العمل المشترك لتوسيع التعاون بين البلدين"، وعلى اللقاء على هامش قمة حلف شمال الأطلسي، حيث اعتبر أن الاتصال متأخراً بين الرئيسين "يعكس خلافات واسعة" بينهما.
وكانت صحيفة "حرييت" قد ذكرت في وقت سابق أن نائبة وزير الخارجية الأميركي ستلتقي مع المسؤولين الأتراك ومع منظمات المجتمع المدني من أجل ترتيبات اللقاء، مبينة أن هذا اللقاء سيكون هاماً على صعيد مستقبل العلاقات التركية الأميركية التي تعاني من مشاكل عديدة.
ومنذ تولي بايدن مقاليد الحكم في يناير/كانون الثاني الماضي، كانت هناك اتصالات بين وزيري خارجية البلدين، التركي مولود جاووش أوغلو ونظيره أنتوني بلينكن، كما جرت اتصالات بين المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان.
ويأتي لقاء مساعدي وزيري الخارجية، متزامناً مع لقاء آخر عقده السفير الأميركي في أنقرة ديفيد ساترفليد مع زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، في لقاء مفاجئ ويأتي في إطار المشاورات الأميركية المختلفة مع الأطراف التركية.
وعُقد اللقاء، بناء على طلب من الجانب الأميركي، وذلك في مقر الحزب بأنقرة، وشارك فيه الدبلوماسي التركي المتقاعد أونال تشويك غوز، وتناول الحوار تطورات العلاقات الثنائية.
وأفاد ساترفيلد، بحسب ما نقله الإعلام التركي، أن "تركيا تعتبر حليفة مهمة مذكراً بأهمية اللقاء المقبل بين رئيسي البلدين، وأن تركيا مكانها في أوروبا، ويجب أن تكون السياسة التركية متوافقة مع المصالح الأميركية والأوروبية".
وتعول تركيا على القمة المرتقبة من أجل تجاوز الخلافات بين البلدين والتأسيس لعلاقات جديدة، حيث تأمل فتح صفحة جديدة مع بايدن، ولكن الأخير استهل العلاقات مع تركيا بوصفه أحداث العام 1915 بحق الأرمن، في زمن الدولة العثمانية، بأنها "إبادة"، ما أضاف بعداً جديداً للخلافات، واستدعى ردود أفعال كبيرة من تركيا، حيث جاء اعترافه بعد يوم واحد من اتصاله الوحيد مع أردوغان، ما يُشير إلى أجواء متوترة ستتضح أكثر خلال لقاء الشهر المقبل.
ومن الملفات العالقة بين البلدين، ملف جماعة "الخدمة" وزعيمها الداعية فتح الله غولن، الموجود في أميركا، حيث تحمل تركيا الجماعة مسؤولية الوقوف خلف المحاولة الانقلابية في العام 2016 للإطاحة بحكم الرئيس أردوغان، وعدم التعاون القضائي الأميركي مع الجانب التركي.
وأيضاً مسألة "وحدات الحماية الكردية" والدعم الأميركي الواسع لها، وهو ملف خلافي بين البلدين، حيث تتهم تركيا هذه الوحدات بأنها امتداد لـ"حزب العمال الكردستاني" في الساحة السورية.
ومن الملفات العالقة قضية مصرف "خلق بانك"، والمحاكمة المستمرة بحجة خرق العقوبات على إيران، وأيضاً ملف صواريخ "إس 400" الروسية التي اشترتها أنقرة، ما أدى إلى فرض عقوبات على تركيا ومنعها من الحصول على مقاتلات "إف 35" وإخراجها من برنامج تصنيعها، وفرض عقوبات على مسؤولين أتراك.
ولعل أبرز ما أثار حفيظة الجانب التركي تصريح لبايدن قبل نحو عام، تحدث فيه عن تشكيل أردوغان خطراً، وأنه يجب دعم المعارضة التركية من أجل الإطاحة به.
وبناء على ما سبق، يبدو أن الملفات الخلافية بين البلدين عميقة جداً، ولا توجد بوادر لحلها، ورغم ذلك تأمل تركيا أن يكون اللقاء المباشر وجهاً لوجه بين الرئيسين مفتاحاً لبدء عودة العلاقات بين الطرفين العضوين في حلف الشمال الأطلسي، واللذين يمتلكان أكبر قوة عسكرية فيه.