أثار اعتقال رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، من قبل السلطات في 17 إبريل/ نيسان الماضي تساؤلات عن الشغور الحاصل في رئاسة الحركة ومن ينوبه في تسيير هياكلها.
وبمرور أسبوع صعب على حركة النهضة، كتب نائب رئيس حركة النهضة منذر أونيسي، على حسابه الرسمي في "فيسبوك"، رداً على ما يروج من شغور وفراغ في رئاسة الحركة، أن "الأستاذ راشد الغنوشي هو رئيس حركة النهضة اليوم وغداً".
ويبدو أن اتفاقاً قد تمّ بين قيادات الحركة على تولي أونيسي تسييرها مؤقتاً، حيث كان قد بادر إلى عقد ندوة صحافية حول تطورات قضية الغنوشي.
وأونيسي (56 عاماً) من بين القيادات البارزة في حركة النهضة، حيث انتمى إليها منذ عام 1984 وظل ينشط داخلها، فيما انتخب عضواً بمجلس الشورى خلال المؤتمر العام العاشر في 2016.
وقال قيادي بارز في حركة النهضة لـ"العربي الجديد"، إن "الحركة لا تشهد شغوراً على مستوى الرئاسة ولا تعيش شللاً تنظيمياً، رغم دقة المرحلة وحساسيتها"، مضيفاً أن الغنوشي ما زال رئيساً للحزب و"اعتقاله رغم جسامته كان أمراً متوقعاً، وبالتالي لم يسجل فراغ على مستوى قيادة الحزب، حيث تولى نواب الرئيس متابعة التطورات الأخيرة وقاموا بتقديم التوضيحات والتصريحات".
وبين أن "للغنوشي 5 نواب على مستوى رئاسة الحركة، وهم كل من علي العريض ونور الدين البحيري المعتقلين أيضاً مع الغنوشي، وكل من الدكتور منذر أونيسي والعجمي الوريمي ووسيلة الزغلامي".
وأوضح القيادي أن "القيادة التنفيذية للحركة بصدد دراسة من ينوب عن الغنوشي على مستوى تسيير الحركة وقتياً".
وأفاد بأنه ستتضح خلال الأيام القادمة إمكانية انتخاب رئيس للحركة خلفاً للغنوشي أو تكليف رئيس بالإنابة للتسيير المؤقت، مبينا أن تكليف أونيسي التسيير أمر غير مستبعد.
وأشار إلى أن وحدات الأمن ما زالت حتى اليوم تمنع النشاط داخل مقر الحركة، مبيناً أن تزامن ذلك مع عيد الفطر أخّر انعقاد اجتماع هياكل الحركة لحسم موضوع الإنابة.
وينص الفصل الـ33 من القانون الأساسي للنهضة الخاص بالشغور في الرئاسة على أنه "يحصل شغور في منصب رئاسة الحركة في حالات، عجز مانع عن أداء مهامه يقدره مجلس الشورى، أو تقديم الاستقالة ثم قبولها من مجلس الشورى، أو الوفاة".
وفي حالة حصول شغور في رئاسة الحركة، يتولى مجلس الشورى في أجل شهر من تاريخ حصول الشغور، دعوة مؤتمري آخر مؤتمر عام سابق لانتخاب رئيس جديد للحزب لاستكمال العهدة، وفقاً للقانون الأساسي للحركة.
وإن كانت المدة الباقية على المؤتمر العام أقل من ستة أشهر، فإنّ مجلس الشورى ينتخب بأغلبية أعضائه رئيساً جديداً لاستكمال المدة الباقية.
ويتولى رئيس مجلس الشورى رئاسة الحركة إلى حين انتخاب رئيس وفق أحكام الفقرتين السابقتين.
وحول مستجدات قضية الغنوشي، قال عضو هيئة الدفاع، صابر العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "عضو هيئة الدفاع سمير ديلو، زار الغنوشي الخميس الماضي ثم زارته الهيئة الوطنية لمقاومة التعذيب في السجن"، مشيراً إلى أن "ظروف إقامته عادية".
وبين العبيدي أن "لا وجود لأي مستجد على مستوى القضية وأن هيئة الدفاع ستجتمع خلال هذا الأسبوع وسيتم الإعلان عن قراراتها".
وأضاف عضو هيئة الدفاع، أن عقوبة تهمة تبديل هيئة الدولة تصل إلى السجن المؤبد، مشيراً إلى أن الإيقاف يمكن أن يستمر لما يقارب سنة و4 أشهر.
وتابع أن "هيئة الدفاع صمتت ولم تترافع عن المشرقي والنوري بعد ما حدث في مرافعة الغنوشي قبلهما، وذلك بسبب تأكدها من وجود قرار بإيداعهم السجن حتى في حالة صمتهما في كل الأوضاع".
وشدد العبيدي على "أن الملف فارغ إلا من ورقة عمل خاصة بيوسف النوري تمت مواجهة الغنوشي بها".
وقالت المحامية إسلام حمزة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الفصول المعتمدة في القضية 86 و72 من المجلة الجزائية مبنية على تهمة التآمر، "وهي تهمة تستعمل في كل محاولة للزج بقيادي سياسي في السجن".
ومضت قائلة: "هناك العشرات من القادة السياسيين تم سجنهم بهذه التهمة، ورغم اختلاف الحيثيات إلا أنها موجودة في غالبية الملفات"، مضيفة أن "كل الأنظمة الاستبدادية تلتجئ لتهمة التآمر لملاحقة معارضيها وتصفية السياسيين بكل بساطة".
وحول مسار القضية ومراحلها، قالت حمزة: "إن مسار التحقيق يمكن أن يطول، وفي غياب الأسس القانونية يمكن أن تدوم لأشهر ثم تنتهي العملية ويتم تبرئتهم".
وأوضحت حمزة أن الاعتقال جاء بقرار من السلطة السياسية، ونهايته لا تكون إلا بقرار سياسي.
وعرفت حركة "النهضة" نكسات وشغورات في منصب الرئاسة بسبب استهداف رموزها من قبل السلطات المتعاقبة، منذ تأسيسها في عام 1972 باسم "الجماعة الإسلامية".
وعاشت النهضة زمناً من العمل السري في عهد الرئيس الراحل بورقيبة ثم من بعده زين العابدين بن علي، حيث قمعت ومنعت من النشاط كما تم اعتقال قياداتها وتهجيرهم.
ويعد الغنوشي الرئيس الـ13 في تاريخ حركة النهضة، حيث ترأسها عند تأسيس الحزب في إبريل/نيسان 1972، إلى ديسمبر/ كانون الأول 1980، ثم انتقلت رئاستها إلى القيادي عبد الرؤوف بولعابي.
واستعاد الغنوشي ثانية في إبريل/ نيسان 1981 رئاسة الحركة، وبعده تداول عليها منذ يوليو/ تموز 1981، كل من فاضل البلدي وحمادي الجبالي وصالح كركر وجمال العوي ومحمد القلوي والصادق شورو ومحمد العكروت ومحمد بن سالم والحبيب اللوز ونور الدين العرباوي ووليد البناني.
وعاد الغنوشي في نوفمبر/ تشرين الثاني 1991، إلى رئاسة الحركة، حيث جددت الثقة له خلال المؤتمرات الخمسة التي عُقدت بعد ذلك التاريخ وحتى اليوم.