مخيم جباليا ومحيطه: مصيدة لجنود الاحتلال رغم الدمار والاستهداف

13 نوفمبر 2024
فلسطينيون يسيرون وسط الدمار على أثر غارة إسرائيلية على جباليا، 10 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الوضع الحالي في مخيم جباليا يشهد مواجهات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تستخدم الأخيرة أساليب التجويع والتدمير لدفع السكان للنزوح، بينما تعتمد المقاومة على تكتيكات مثل تفخيخ المنازل والعبوات الناسفة.

- تكتيكات المقاومة في جباليا وبيت لاهيا تعتمد على تشكيلات "الزُّمر" العسكرية الصغيرة، مما أدى إلى مقتل 24 جندياً إسرائيلياً واستهداف آليات الاحتلال، مسبباً نقصاً في المعدات.

- مخيم جباليا له تاريخ ثوري طويل، وكان نقطة انطلاق انتفاضة الحجارة عام 1987، ويعاني حالياً من حصار إسرائيلي مشدد منذ أكتوبر 2024، مما أدى إلى استشهاد وإصابة الآلاف.

تتبع المقاومة أسلوب تفخيخ المنازل ونسفها في قوات الاحتلال

المقاومة تعتمد في مخيم جباليا وبيت لاهيا على تشكيلات عسكرية صغيرة

قُتل 24 جندياً منذ بدء التوغل البري في جباليا خلال شهر ونصف

تحوّل مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة والمناطق المحيطة به، وخصوصاً مشروع بيت لاهيا وبيت لاهيا والمناطق الغربية، إلى مصيدة حقيقية لقوات الاحتلال الإسرائيلي، في ظل العملية البرية المتواصلة للشهر الثاني على التوالي، وسط استخدام الاحتلال سلاح التجويع والتدمير للضغط على الأهالي، ودفعهم من أجل ترك منازلهم والنزوح جنوباً.

وتنتهج المقاومة والأذرع العسكرية التابعة لها، وتحديداً كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، ومعها سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، تكتيكات عدة في مواجهة التوغل الكثيف للقوات في مناطق شمالي قطاع غزة، ما يساهم في وقوع أعداد أكبر من الجنود بين قتلى وجرحى. وقد أعلن في أوقات سابقة أن من بينهم قيادات في الوحدات الهندسية أو قادة الألوية للجيش.

ومن بين التكتيكات التي تتبعها المقاومة أسلوب تفخيخ المنازل ونسفها في قوات الاحتلال من خلال إعادة تدوير بعض الصواريخ التي ألقتها قوات الاحتلال ولم تنفجر، إذ يجري استخدامها مواد متفجرة للفتك بالقوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى الاعتماد على المقذوفات المحمولة، مثل قاذف الياسين، وقاذف "آر بي جي"، و"التاندوم"، وأيضاً العبوات الناسفة المصنعة محلياً.

وتعتمد المقاومة في مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا على التشكيلات العسكرية صغيرة العدد التي يطلق عليها "الزُّمر"، وهي مجموعات يتراوح عدد أفرادها بين 5 إلى 7 أفراد يعمل بها عناصر يمتلكون مهارات في القنص والرماية والهندسة، حيث تعمل هذه الخلايا على استهداف قوات الاحتلال في محاور القتال عبر استدراجها لكمائن ثم مهاجمتها بشكل عنيف ومركز.

وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فقد قُتل 24 جندياً منذ بدء التوغل البري في جباليا خلال شهر ونصف فقط، فيما أصيب عشرات آخرون بجراح متفاوتة في العملية البرية الثالثة التي تشهدها مناطق الشمال بعد عمليتين سابقتين في ديسمبر 2023 ومايو/ أيار ويونيو/ حزيران الماضيين من العام الجاري.

وشهدت العملية البرية المتواصلة قتل المقاومة الفلسطينية لقائد لواء المدرعات 401 إحسان دقسة، حيث قتل في العملية وأصيب نائبه بجراح خطرة، إلى جانب بعض الجنود الذين كانوا موجودين معه في مخيم جباليا، فيما تبنّت كتائب القسام العملية. وشهد المخيم، الذي يطلق عليه مخيم "الغضب والثورة"، عمليات إطلاق نار واسعة واستهداف لجنود الاحتلال، فيما أقرت صحيفة هآرتس العبرية بأن قائد جيش الاحتلال ورئيس أركانه، هرتسي هليفي، نجا من محاولة لاغتياله من قبل عناصر حركة حماس، حيث استُهدف المكان الذي كان موجوداً به بعد لحظات بسيطة من مغادرته.

ونشرت المقاومة الفلسطينية بمختلف تشكيلات أذرعها العسكرية جانباً من عملياتها الذي أظهر استهدافاً مركزاً لآليات الاحتلال، مثل "دبابات الميركافا 4" والجرافات من طراز "D9"، والتي اعترف الاحتلال مؤخراً بوجد نقص شديد بها، جراء الاستهدافات المتكررة وعمليات التدمير. وأظهرت مقاطع فيديو صادرة عن الأذرع العسكرية في غزة تمكن عناصرها من حرق وإتلاف هذه الآليات، ما دفع القوات الإسرائيلية لتركها والانسحاب من محاور التوغل في مناطق شمال القطاع ومخيم جباليا على وجه الخصوص.

وخلال العملية البرية الثانية في مايو ويونيو، أعلنت كتائب القسام تمكنها من أسر وقتل وجرح جنود من القوات الإسرائيلية، حيث نشرت فيديو يظهر سحب أحد الجنود، دون أن تقدم مزيداً من التفاصيل بشأنه أو مصيره.

تاريخ مخيم جباليا

يعتبر مخيم جباليا أحد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في القطاع، حيث أنشئ بمحاذاة بلدة جباليا بعد نزوح آلاف الفلسطينيين إليها قادمين من قرى ومدن جنوب فلسطين، عقب النكبة عام 1948، فيما يقع المخيم جغرافياً في الشمال الشرقي لقطاع غزة، ويحدّه من الشمال مشروع بيت لاهيا، ومن الجنوب والغرب مدينة جباليا والنزلة.

تاريخياً، كان للمخيم أثر كبير في العمل الوطني والثوري الفلسطيني، حيث كانت شرارة انتفاضة الحجارة من المخيم في 8 ديسمبر/ كانون الأول 1987، عندما دهس سائق شاحنة إسرائيلي مجموعة من العمال الفلسطينيين، ما أسفر عن استشهاد 4 عمال وجرح 7 آخرين، لتنطلق معها شرارة الانتفاضة من المخيم التي انتشرت في جميع أنحاء القطاع والضفة، واستمرت حتى توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993. ومنذ الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول 2024، يتعرض مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا وبعض مناطق بيت حانون لحصار إسرائيلي مطبق، ما تسبب في استشهاد أكثر من ألف فلسطيني وإصابة الآلاف، إضافة إلى التجويع وعمليات النسف والإبادة التي تجري في المنطقة.