منذ عام 1992، وبعد انتخاب الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، توقفت ولاية جورجيا الأميركية عن إعطاء أصواتها للديمقراطيين، وباتت معقلاً للجمهوريين. اليوم، ووسط التسابق الرئاسي بين المرشح الجمهوري الرئيس، دونالد ترامب، وغريمه المرشح الديمقراطي جو بايدن، بدأت الولاية تتحول من اللون الأحمر إلى الأزرق (في إشارة إلى التحول من انتخاب الجمهوريين إلى الديمقراطيين)، ويعود السبب في ذلك إلى الجهود الحكيمة لستايسي أبرامز.
أصبحت خريجة كلية الحقوق بجامعة ييل، ومحامية الضرائب، وممثل ولاية جورجيا السابقة نجمة صاعدة عندما ترشحت لمنصب حاكم ولايتها الأصلية في عام 2018، لكنها خسرت تلك الانتخابات أمام براين كيمب، وهو سياسي جمهوري انتخب حاكم ولاية جورجيا.
وفق تحقيق أجرته وكالة "أسوشيتيد برس" عشية الانتخابات، ألغى كيمب قبل الانتخابات في عام 2018، تسجيل أكثر من مليون ناخب بين عامي 2012 و2018. وفي الفترة التي سبقت السباق على حكام الولايات، جمد كذلك ما يقدر بنحو 53 ألف مسجل معظمهم ينتمون إلى الناخبين الأميركيين من أصل أفريقي، ما شكّل عائقاً أمام فوز أبرامز.
إلا أن خسارة أبرامز بحوالي 55 ألف صوت، شكّلت لها حافزاً للتخطيط الجيد، بحسب ما تصفه مجلة "ذا فوغ" الأميركية.
أعمال ناجحة
لطالما رفضت أبرامز التبسيط المفرط والأفكار المسبقة عن كون ولاية جورجيا مكاناً مأهولاً فقط بالمحافظين البيض. في عام 2013، وبصفتها عضواً في المجلس التشريعي للولاية، أنشأت منظمة غير ربحية لتسجيل الناخبين تسمى "مشروع جورجيا الجديدة"، والتي أكملت 86 ألف طلب ناخب جديد. وبعد خسارتها في عام 2018، ضاعفت من قوتها وأصبحت واحدة من أبرز نشطاء حقوق التصويت في البلاد، حيث أطلقت حملة "نزال عادل" (Fair Fight) غير الربحية لمكافحة قمع الناخبين، ونتيجة لذلك تزايد إقبال الناخبين الأميركيين الآسيويين والمتحدرين من جزر المحيط الهادئ والشباب على المشاركة بالانتخابات في جورجيا.
وتمكنت أبرامز من إلهام 1.2 مليون ديمقراطي أسود في جورجيا للتصويت لها، وحصلت كذلك على أعلى نسبة من الناخبين الديمقراطيين البيض في الولاية.
وبناءً على جهود "مشروع جورجيا الجديدة" وغيره، سجلت أبرامز و"نزال عادل" عدداً مذهلاً يقدر بنحو 800 ألف ناخب جديد منذ عام 2018 وساعدت في القضاء على السياسات القمعية مثل "المطابقة التامة". وقالت أبرامز في تصريح لها إن 45 % من هؤلاء الناخبين الجدد تقل أعمارهم عن 30 عاماً شاركوا في دعم الديمقراطيين، وإن 49% من هؤلاء الناخبين هم أشخاص ملونون.
وتسير الأمور في ولاية جورجيا نحو انقلاب حقيقي بتحولها إلى اللون الأزرق، مما يمثل جزءاً من الطريق إلى فوز بايدن. بعبارات لا لبس فيها، إذا ساهمت جورجيا في فوز بايدن بالرئاسة، فلدى أبرامز، التي حاولت أن تقنع بايدن في السابق بأنها مرشحة جيدة لمنصب نائب الرئيس، الكثير مما ستفتخر به.
وأشار آخرون إلى أن قصة أبرامز هي "قصة شكسبير سياسية" للطريقة التي حولت بها خسارتها الانتخابية الشخصية إلى نصر أكبر. فالمرشحة السابقة التي واجهت قمعاً عنصرياً للناخبين، حولت الولاية إلى مكان آخر لا يشبه المكان الذي كانت عليه بالأمس.
من هي ستايسي أبرامز؟
ولدت في 9 ديسمبر/ كانون الأول 1973، وهي الثانية من بين ستة أخوة، انتقلت بعد ولادتها من مدينة ماديسون بولاية ميسوري، إلى مدينة أتلانتا في ولاية جورجيا. خلال المرحلة التعليمية تم اختيارها لتعمل على الآلة الكاتبة خلال إحدى حملات الكونغرس، وعندما بلغت سن 17 تم اختيارها كاتبة خطابات لإحدى حملات الكونغرس، حصلت عام 1995 على درجة البكالوريوس في الدراسات متعددة التخصصات في مواد العلوم السياسية والاقتصاد والدراسات الاجتماعية من كلية سبيلمان.
وأبرامز سياسية أميركية من أصول أفريقية ومحامية شغلت مناصب عدة في مجلس النواب بولاية جورجيا من عام 2007 إلى عام 2017. وشغلت منصب زعيم أقلية من عام 2011 إلى عام 2017. وهي عضو في الحزب الديمقراطي، ومرشحة سابقة للحزب في انتخابات حكام جورجيا لعام 2018.
استطاعت إصلاح أنظمة احتجاز القاصرين وتحسين نظام الإفراج المشروط. بالإضافة إلى ذلك، منعت بمفردها الزيادات الضريبية على الفقراء العاملين والطبقة الوسطى، في حين قامت أيضاً بتشكيل تحالفات استراتيجية لمنع التشريعات المناهضة للبيئة بشكل متكرر التي دفعها كبار الجمهوريين.
وصفها الصحافي وكاتب العمود، بينجامين جيلس بـ "المفكرة الخلاقة"، وقال عنها "كنت مؤمناً بطموحها لخلق مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً في الجنوب، وهذا بالضبط ما كان لي شرف مشاهدته على مدى العقود الثلاثة الماضية". ويضيف "بصفتها ناشطة ومحامية وزعيمة سياسية ذات مكانة مرموقة، فقد أثبتت مراراً وتكراراً قدرتها على كسر الحواجز أمام الآخرين".