تمكن ستة أسرى فلسطينيين، اليوم الإثنين، من الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي، وهو ما شكّل صدمة في صفوف الاحتلال الإسرائيلي وأجهزته الأمنية، لكن أولئك الأسرى من بين نخبة من مقاومي "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، وبينهم القائد السابق لكتائب "الأقصى" في الضفة الغربية الذراع العسكرية لحركة "فتح" زكريا الزبيدي، وبعضهم حاول الهروب من السجن في مرات سابقة.
تفاصيل هروب 6 أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع
وبحسب مصادر صحافية، فإن 5 من الأسرى الستة هم أعضاء في حركة "الجهاد الإسلامي"، حيث تم تحديد قضية الهروب بالفعل في تمام الساعة الواحدة فجراً - والمسافة من نقطة الهروب إلى جنين، إذا تلقوا مساعدة خارجية، هي أقل من ساعة بالسيارة.
وقال الأسير المحرر ماهر الأخرس لـ"العربي الجديد"، "إن العديد من الأسرى الذين أعلن الاحتلال اليوم، أنهم استطاعوا الخروج من سجون الاحتلال عبر نفق، كانوا لسنوات تحت إجراءات مشددة وعزل بسبب اتهامهم بمحاولة حفر نفق والهروب في العام 2014". وأضاف الأخرس: "عشت في نفس القسم مع ثلاثة من أولئك الأسرى، وهم: محمود العارضة، وأيهم كممجي، ويعقوب غوادرة (القادري)، وكانت ظروف اعتقالهم صعبة في ظل قيام إدارة سجون الاحتلال بجولة على القسم كل نصف ساعة، فضلاً عن عدم إخراج أي منهم دون تكبيل".
وقال الأخرس إن "الاحتلال اتهم تلك المجموعة بمحاولة حفر نفق لكنها نفت ذلك، ولم يتم إثبات ذلك، ولكن تم عزلهم وتفريقهم عن بعضهم البعض بعدة سجون، وكانت قوات السجون دائماً وبفترات بسيطة تقوم بالتأكد من وجودهم وتوجيه إضاءة إليهم، واستمر ذلك لفترات طويلة".
وفي التقرير نسلّط الضوء على أولئك الأسرى:
زكريا الزبيدي
يُعتبر الزبيدي (مواليد 1976) أحد مؤسسي كتائب "شهداء الأقصى" في الضفة الغربية، وقائدها في مدينة جنين شمال الضفة الغربية في انتفاضة الأقصى الثانية، وهو الوحيد الذي لم يسلّم سلاحه ضمن التفاهمات الأمنية الفلسطينية الإسرائيلية التي قضت بإنهاء المقاومة المسلحة لحركة "فتح" في انتفاضة الأقصى عام 2005، كجزء من البرنامج السياسي للرئيس محمود عباس، والذي دخل حيّز التنفيذ عام 2007.
وقال عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" جمال حويل لـ"العربي الجديد"، "إن جد الزبيدي، واسمه محمد والملقب بالجهجاه، فرّ من سجن شطة فترة الاحتلال الإنكليزي، وقد كان محكوماً بالسجن المؤبد حينها".
وطارد الاحتلال الزبيدي على مدار تسع سنوات، وخلال محاولات الإمساك به استشهدت والدته وشقيقه خلال الاقتحام الكبير الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين في العام 2002، في عملية أسمتها إسرائيل بـ"السور الواقي". وجُرح الزبيدي بالرصاص نحو سبع مرات، وتعرض لست محاولات اغتيال فاشلة، وهدم بيته في مخيم جنين ثلاث مرات.
في ديسمبر/كانون الأول 2011، ألغت الحكومة الإسرائيلية قرار العفو عنه من دون إعطاء تفسير، ومنذ ذلك الحين، ظل الزبيدي على لائحة المطلوبين في إسرائيل، وبقي يتنقل في الاحتجاز في مقرات السلطة الفلسطينية حتى عام 2017.
عام 2014، أجرت صحيفة "العربي الجديد" مقابلة خاصة وحصرية معه، حيث كان محتجزاً في سجن "الأمن الوقائي" في مدينة رام الله، وقال حينها: "لن أناقش وجود الكتائب، لأن الشهداء الذين ينتمون لها، والأسرى كذلك، يؤكدون وجودها، والآن لدينا مطاردون حاصلون على إعفاء من الاحتلال ومن الممكن أن يعودوا للميدان بين يوم وليلة".
عام 2009، شارك في مؤتمر "فتح" السادس في مدينة بيت لحم، عبر تنسيق أمني خاص، يسمح له بالتنقل من مخيم جنين شمال الضفة إلى بيت لحم جنوباً. وهو المؤتمر ذاته الذي طُرد منه لأنه تجرأ وقال لعباس، أمام مئات من المشاركين "واهم، واهم، واهم، كل من يعتقد بإمكانية حل الدولتين"ـ وذلك بعدما شاهد الزبيدي، الذي خرج لأول مرة من جنين ومخيمها منذ عشر سنوات، المستوطنات التي تحيط بالمدن الفلسطينية، والتي كانت تشبه مدناً حقيقية من الإسمنت حول المدن الفلسطينية التي بدأت تصغر حجماً وتزداد كثافة لصالح المستوطنات، حسب تصريحاته لـ"العربي الجديد".
وتعرض الزبيدي للاعتقال عدة مرات من قبل السلطة الفلسطينية كانت إحداها عام 2012 بتهمة إطلاق النار على محافظ جنين قدورة موسى، حيث قضى الأخير بنوبة قلبية، وكان هناك اعتقال آخر للزبيدي، لكن المحاكم الفلسطينية برأته من التهم التي وُجهت إليه.
وفي المؤتمر السابع لحركة "فتح" 2016، تم انتخاب الزبيدي عضواً في المجلس الثوري للحركة.
وفي 27 فبراير/شباط 2019، اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي الزبيدي من رام الله، بذريعة أنه عاد لنشاطه العسكري ضد الاحتلال.
ساعد الزبيدي في إنشاء "مسرح الحرية" في جنين عام 2006، وخلال احتجازه في مقرات السلطة الفلسطينية، أنهى درجة البكالوريوس في علم الاجتماع، وهو على وشك إنهاء درجة الماجستير حيث قدم رسالته إلى جامعة بيرزيت وهي بعنوان" التنين والصياد"، والزبيدي متزوج وهو أب لصبي وفتاة.
يعقوب محمود قادري (غوادرة)
لم يكن الأسير غوادرة (49 عاماً) من قرية بير الباشا جنوب جنين، رجلاً عادياً، فقد بدأت حكايته منذ أن تعرض للاعتقال في الانتفاضة الفلسطينية الأولى وكان عمره 15 عاماً، وتعرض للاعتقال 4 مرات.
في عام 1996، جهز الأسير يعقوب غوادرة نفسه للقيام بعملية استشهادية لم يقدر لها النجاح بسبب اعتقاله لدى أجهزة الأمن الفلسطينية لمدة 5 أشهر، بعدها التحق يعقوب بصفوف المقاومة الفلسطينية منذ بداية الانتفاضة الثانية، وتعرض للملاحقة والمطاردة واستطاع أن ينجو من الاعتقال على مدار عامين، وشارك في معركة الدفاع عن مخيم جنين عام 2002. وتعرّض غوادرة الذي ينتمي لـ"سرايا القدس" - الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي" لمحاولات اغتيال من قبل الاحتلال، إلى أن اعتقل في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2003.
أمضى يعقوب أربعة أشهر تحت التعذيب للتحقيق، وفي تاريخ 28-7-2004 عقدت الجلسة النهائية للأسير يعقوب غوادرة في ما تُسمّى محكمة سالم، وحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين، بالإضافة إلى 35 عاماً، بتهمة الانتماء والعضوية في "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، وقتل مستوطن قرب مستوطنة مابودوتان الواقعة جنوب غربي جنين، والمشاركة في عمليات السرايا ضد قوات الاحتلال.
وبحسب موقع "سرايا القدس" الإلكتروني، فإنه في عام 2014، أقدم الأسير يعقوب غوادرة ومجموعة من الأسرى، على حفر نفق داخل سجن شطة، ليهرب من سجنه ويواصل عمله الجهادي، وحين اكتشف أمره صدر بحقه قرار بالعزل الانفرادي مدة ستة أشهر.
محمود عارضة
تعرّض الأسير محمود عارضة (46 عاماً) من بلدة عرابة جنوب جنين، للاعتقال عام 1992 وحكم عليه بخمسين شهراً بتهمة المشاركة في فعاليات الانتفاضة الأولى. أمضى من الحكم 41 شهراً ثم أفرج عنه عام 1996 خلال إفراجات اتفاقيات أوسلو، وأمضى حوالي 8 شهور حراً ثم تم اعتقاله من جديد بذات العام.
وحكم على الأسير عارضة بالسجن المؤبد بالإضافة إلى خمسة عشر عاماً، بتهمة الانتماء والعضوية في الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، والمشاركة في عمليات للمقاومة أدت لمقتل جنود إسرائيليين.
حصل على شهادة الثانوية العامة وشهادة البكالوريوس في التربية الإسلامية داخل الأسر، ويُعتبر من المرجعيات الثقافية في داخل السجون وألّف عدداً من الكتب والروايات، من بينها الرواحل وتأثير الفكر على الحركة الإسلامية في فلسطين، وغيرها لم يخرج إلى النور بعد.
تعرض الأسير عارضة خلال فترة اعتقاله الطويلة للكثير من العقوبات والتضييق من مصلحة السجون، حيث عزلته في 19-6-2011، وبعد 4 أشهر من العزل عقدت له محكمة داخلية وجددت له العزل لمدة 60 يوماً دون ذكر الأسباب، وكذلك فقد تم عزله بتاريخ 11-6-2014، على خلفية اكتشاف نفق في سجن شطة معدّ للهروب، وأمضى في العزل ما يزيد عن سنة.
انتخب أخيراً عضواً في الهيئة القيادية العليا لأسرى الحركة في السجون، ونائباً للأمير العام للهيئة.
محمد عارضة
ولد الأسير محمد قاسم أحمد عارضة بتاريخ 3-9-1982، في بلدة عرابة جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، ودرس المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس بلدة عرابة، والتحق بمدرسة عرابة الثانوية إلا أن السلطة الفلسطينية اعتقلته قبل أن يحصل على شهادة الثانوية العامة (التوجيهي) في يناير/كانون الثاني عام 2000.
اعتقلته قوات الاحتلال بتاريخ 16-5-2002، بعد حصار مشدد ضربته حول البناية التي كان يختبئ بها في مدينة رام الله، وحُكم عليه بثلاثة مؤبدات وعشرين عاماً بتهمة الانتماء والعضوية في "سرايا القدس"، والمشاركة في عمليات للمقاومة ضد قوات الاحتلال.
حصل خلال سنوات أسره على دورات عديدة في كافة التخصصات الدينية والسياسية والثقافية، بالإضافة إلى حصوله على شهادة البكالوريوس في علم التاريخ من جامعة الأقصى، وحصل على الماجستير المهني في إدارة الأعمال تخصص إدارة مؤسسات من جامعة القاهرة في مصر، وأكمل حفظ القرآن الكريم.
أيهم كممجي
كان أيهم كممجي ابن قرية كفر دان غرب جنين بعمر سبعة عشر عاماً حين انخرط في المقاومة، وحكم عليه بمؤبدين بعد خطف المقاومة وقتلها المستوطن الياهو اوشيري.
بدأت عملية مطاردة كممجي كما يروي شقيقه عماد لـ"العربي الجديد"، في العام 2003، واعتقل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية في نفس العام على خلفية تخطيطه لعملية فدائية، ليهرب بعد أكثر من عام من سجن أريحا، ويعتقل لاحقاً لدى الاستخبارات العسكرية الفلسطينية وينضم إليها ويعمل في صفوفها، ويخرج في دورياتها، وواصل في تلك الفترة العمل المقاوم، وهو أحد أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وليتم اختطاف المستوطن وقتله، ويعتقل مرة أخرى لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية في سجن البالوع في مدينة البيرة.
يقول شقيقه عماد: "إن قوات الاحتلال الإسرائيلي حاصرت المقر الفلسطيني بالمركبات والطائرات واعتقلته من داخله".
كان أيهم ضمن المجموعة التي اتهمها الاحتلال عام 2014 بحفر نفق ومحاولة الهروب من نفس سجن جلبوع، وتم تحويله للعزل.
ويروي شقيقه عماد أنه سأله في إحدى المرات بعد تلك الحادثة عن السبب: "سألته ماذا تستفيد؟ سيمسكون بك، فقال يكفي أن نخرج. نتنفس دقيقة واحدة، ونريهم أننا قادرون على فعل شيء كبير".
بدأ أيهم حياته في المقاومة وهو في عمر 17 عاماً في صفوف حركة "الجهاد الإسلامي"، ثم انضم لصفوف كتائب "شهداء الأقصى" التابعة لحركة "فتح"، وانضم قبل تنفيذ عملية خطف المستوطن وقتله إلى ألوية الناصر صلاح الدين، ثم عاد لصفوف "الجهاد الإسلامي" بعد اعتقاله، وهي تنقلات ارتبطت بالعمل المقاوم وإمكانياته في كل فترة، بغض النظر عن الفصيل السياسي، وهو الآن يبلغ 35 عاماً.
مناضل نفيعات
مناضل يعقوب نفيعات يبلغ من العمر 26 عاماً، وهو من يعبد جنوب غربي جنين، اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في العام 2019 ولا يزال موقوفاً دون صدور حكم بحقه. ويقول شقيقه نضال لـ"العربي الجديد"، إنه قضى حتى اللحظة منذ اعتقاله الأخير 17 شهراً كانت عبارة عن تمديد لجلسات المحاكم دون إصدار حكم.
ونفيعات أسير محرر كان قضى في سجون الاحتلال في عدة اعتقالات أكثر من ستة أعوام، منها وفقاً لحكم محكمة ومنها ما كان وفقاً للاعتقال الإداري بلا تهمة.
سجن جلبوع
يقع في شمال فلسطين وأُنشئ حديثاً بإشراف خبراء أيرلنديين، وافتتح في العام 2004 بالقرب من سجن شطة في منطقة بيسان. ويُعدّ السجن ذا طبيعة أمنية مشددة جداً، ويوصف بأنه السجن الأشدّ حراسة، ويحتجز الاحتلال فيه أسرى فلسطينيين يتهمهم بالمسؤولية عن تنفيذ عمليات داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948.