منتدى التفكير العربي في لندن ينظم ندوة حول ازدواجية المعايير الغربية في حرب غزة

26 فبراير 2024
شارك في الندوة عدد من النخب الأكاديمية العربية البارزة (العربي الجديد)
+ الخط -

نظم منتدى التفكير العربي في لندن، مساء السبت، ندوة بعنوان "الغرب وفلسطين.. ازدواجية المعايير ومتلازمة التفوّق الاستشراقي"، سلط خلالها الضوء على التناقضات الواضحة في تعاطي حكومات الدول الغربية مع قضية فلسطين، وخاصة خلال الحرب على غزة.

وقال رئيس المنتدى الإعلامي محمد أمين، في كلمة بالندوة، إن "حرب الإبادة البربرية والوحشية في غزة تجاوزت كل القوانين الدولية والمفاهيم الإنسانية"، مشيراً إلى استمرار إسرائيل في تدمير المستشفيات وقتل الأطفال، وفي سياسة حرب تجويع "لم نشهد مثلها منذ الحرب العالمية الثانية".

وكانت الندوة التي جمعت باحثين وأكاديميين وصحافيين في العاصمة البريطانية لندن، فرصة لمناقشة التناقضات الغربية في التعاطي مع الحرب على غزة، وكيفية تشكيل الدول الغربية رؤية مغايرة حيال الصراع الفلسطيني، عبر تصوير إسرائيل ضحية تدافع عن نفسها.

وافتتح الندوة سفير دولة فلسطين لدى لندن الدكتور حسام زملط، الذي أعرب عن استنكاره "تلك الازدواجية والنفاق الغربي" قائلاً: "إنّنا نتعرّض لعملية إبادة شعب كامل، فيما نشاهد بعض المواقف الدولية المتقاعسة والبعض الآخر المتواطئة بشكل مباشر. إسرائيل كانت ستعجز عن القيام بكل ذلك بدون الدعم المادي والعيني والمباشر بالسلاح من قبل دول عظمى مثل الولايات المتحدة".

وشدّد على أن "ما يحدث في غزة هو نكبة مستمرة لمدة 76 عاماً. ما يجري اليوم ليس فقط مرحلة ألم، بل لحظة تاريخية نشهد فيها على الرسالة الواضحة التي أوصلها شعبنا إلى البشرية جمعاء بأنّه لن يُباد".

وفيما أشار إلى أهمية النقاش الفكري من أجل إجلاء الحقيقة وإيصال المظلمة الفلسطينية إلى العالم، قال إنّ "المعركة تبدأ بالكلمة. هم استخدموا الكلمة لقتلنا قبل الرصاص، من خلال التضليل الإعلامي، وكرّروا علينا السؤال ذاته على منابر الإعلام الغربي: (هل تدينون؟ هل تشجبون؟ هل تستنكرون؟)".

وحول هذا النوع من الأسئلة، أكد زملط أنه مقصود ومصمم ومعروف وجهته، ويوضع في إطار فكري وسياسي يتمحور حول "أنت المعتدي والغازي وبالتالي يجب أن تشجب نفسك".

وشارك في الندوة كل من عالم الاجتماع السياسي أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة السوربون الفرنسية الدكتور برهان غليون، والأستاذ بجامعة سواس البريطانية الدكتور جلبير الأشقر، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة ويستمنستر عاطف الشاعر.

وشهدت الندوة مداخلات مهمة قدمها عدد من الأكاديميين والمختصين من بينهم رئيس حركة التضامن مع فلسطين البروفيسور كامل حواش، وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عارف عبيد، والأستاذ في جامعة بريستول الدكتور محمد عودة، والطبيب والناشط المعروف الدكتور محمد النجار.

وأجمع المتناقشون في الندوة على أن حرب الإبادة الإسرائيلية الحالية في غزة كشفت ازدواجية المعايير الغربية، وحجم التماهي الغربي مع إسرائيل وتأييد احتلالها الأراضي الفلسطينية.

برهان غليون: إسرائيل تحولت إلى مليشيا محلية لخدمة السياسة الأميركية

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة السوربون الدكتور برهان غليون إنه "بعد نصف ساعة من عملية طوفان الأقصى، بدأ القادة الغربيون في الذهاب أو التواصل مع إسرائيل، كما انحاز الإعلام الغربي بشكل سافر إلى جانب الرواية الصهيونية، وأصبح مدافعاً عنها وعن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

وقال غليون: "الذي خلق إسرائيل وقواها هو دورها الوظيفي لترسيخ نفوذ الغرب، واستخدامها كعصا غليظة للتحكم في العالم؛ ولذلك حتى لو رغبت إسرائيل في السلام مع العرب، فإن الغرب لن يقبل بذلك؛ لأنها تحولت إلى مليشيا محلية لخدمة السياسة الأميركية في المنطقة".

وسرد الدكتور غليون، بشكل ملخّص تاريخ القضية، ليظهر الاختلاف بين السردية الحقيقية والسردية الغربية التي على أساسها تقدّم تلك الحكومات الدعم المطلق لإسرائيل بغضّ النظر عن مشروعها.

جلبير الأشقر: نحن نتكلم عن حرب إبادة وعن نكبة جديدة

أما الدكتور جلبير الأشقر، فقال: "نحن أمام كارثة هائلة، نحن نتكلم عن حرب إبادة وعن نكبة جديدة. أكثر من حجم القتل هو حجم إزالة معالم غزة الفلسطينية، ومن هذه الناحية فإن الشبه بنكبة 48 ليس فقط بالقتل والتهجير، بل أيضاً التدمير".

وأضاف: "ما ألقته إسرائيل من سلاح في غزة يساوي قنبلتين ذريتين من عيار قنبلة هيروشيما الذرية، وهو ما يجعلنا فعلاً أمام عملية إبادة حقيقية. الإبادة التي لم تقتصر على البشر، بل تشمل أيضاً المعالم الحضارية.. ونحن أمام أوّل حرب تقودها إسرائيل بتأييد أميركي كامل وجسر جوّي مستمرّ لغاية اللحظة، يزوّدها ليس فقط كمياً بالمطلوب بل نوعياً أيضاً بأنواع قنابل غير النووية التي تسببت بهذا الحجم الهائل من القتل والدمار. وهو ما يدل على نفاق الولايات المتحدة في زعمها أن لها بعض الاعتبارات الإنسانية إزاء ما يجري".

وختم الدكتور بالقول، إنّ "كل ما يحدث ما كان ممكناً لولا مساهمة وتواطؤ بعض الدول العربية، التي لو اتخذت موقفاً مختلفاً، مثل إشهار سلاح النفط، الذي رفضت حتى التحدّث عنه هذه المرّة، لكان من الممكن تبديل جميع هذه الظروف".

المساهمون