- المناظرة الأولى ستجري في أتلانتا بدون جمهور، وهو ترتيب يفضله بايدن، فيما يستعد كلا المرشحين لإثبات قدراتهما الذهنية والبدنية كأكبر مرشحين سناً في تاريخ الانتخابات الأمريكية.
- المناظرات تعد فرصة لبايدن لتعزيز صورته ومعدلات التأييد، ولترامب لإظهار قدرته على القيادة مجدداً، مع تسليط الضوء على قضايا مثل الهجرة غير النظامية والعدوان على غزة لمهاجمة بايدن.
وافق الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب، أمس الأربعاء، على إجراء مناظرتَين قبل الانتخابات الرئاسية، الأولى في 27 يونيو/حزيران والثانية في 10 سبتمبر/أيلول المقبلين، بعدما تحدى بايدن ترامب بإجرائهما، ووافق الأخير على الفور، لتبدأ التكهنات حول الشكل الذي تتخذه مناظرتا ترامب وبايدن لا سيما أن سوابق المناظرات بين الرجلين في انتخابات 2020 حملت الكثير من تبادل الاتهامات، وهو ما لا يتوقع أن يكون مختلفاً هذا العام في ظل عناوين سياسية واقتصادية واجتماعية ستكون محور المناظرتين المقبلتين إلى جانب التركيز على عمر بايدن وهفواته المتكررة فضلاً عن القضايا التي تلاحق ترامب.
مناظرتا ترامب وبايدن
وأعلنت شبكة "سي أن أن"، في بيان أمس، أن المناظرة الأولى بين الرئيس الديمقراطي وسلفه الجمهوري في إطار حملة انتخابات 2024، ستعقد عبر الشبكة في 27 يونيو. وأكدت أن المناظرة ستجري في أتلانتا بولاية جورجيا، من دون جمهور وهو ما يفضله بايدن. كذلك أعلن بايدن وترامب، الأول عبر منصة إكس والثاني عبر شبكته "تروث سوشال"، أنهما سيجريان مناظرتهما الثانية في 10 سبتمبر المقبل. وأكدت قناة "آي بي سي" أنها ستستضيف المناظرة الثانية.
وقال بايدن، البالغ 81 سنة والمرشح لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عبر "إكس": "حالياً يقول (ترامب) إنه يريد أن يجري مناظرة معي مرة جديدة". وأضاف بايدن في مقطع فيديو: "في هذه الحالة سأفعل ذلك مرتين"، الأولى في يونيو والثانية في سبتمبر المقبلين. ورد ترامب على الفور عبر شبكته "تروث سوشال"، قائلاً: "أنا مستعد ومصمم على إجراء مناظرة ضد جو المحتال في الموعدين المقترحين". وغالباً ما يستخدم ترامب لقب "جو المحتال" للإشارة إلى خصمه. وأضاف ترامب، البالغ 77 سنة: "أخبرني متى وسأكون هناك، حان وقت المعركة"، معتبراً أن منافسه الديمقراطي "أسوأ مناقش" قابله. وتابع: "أقترح بشدة إجراء أكثر من مناظرتين".
وبخلاف المعسكر الديمقراطي الذي يطالب بمواجهة من دون جمهور، اعتبر ترامب أنه لإضفاء "مزيد من الإثارة" على المناظرة فإنها يجب أن تجرى في "غرفة كبيرة جداً، حتى لو أنه يبدو أن بايدن يخاف من الحشود". واقترح فريق حملة ترامب، في بيان، تنظيم أربع مناظرات: في يونيو ويوليو/تموز وأغسطس/آب وسبتمبر.
ويتوقع أن تكون مناظرتا ترامب وبايدن محتدمتين، حيث إن العداء قوي بين الرجلَين المتنافسَين. وستكون مناظرتا ترامب وبايدن أيضاً بمثابة اختبار لحيوية المرشحَين وقدراتهما الذهنية، علماً أنهما الأكبر سناً على الإطلاق من بين من ترشحوا للانتخابات الرئاسية الأميركية. ويواصل الجمهوريون مهاجمة بايدن بسبب زلاته ولحظات ارتباكه، بينما ينتقد الديمقراطيون تصريحات ترامب بشأن عدد من المواضيع.
وفي رسالته المصوّرة، قال بايدن ساخراً: "لنختر التواريخ يا دونالد. سمعت أنك حر الأربعاء"، في إشارة إلى اليوم الوحيد الذي تتوقف خلاله محاكمة سلفه أسبوعياً، إذ يتعين عليه أن يمثل خلال باقي أيام الأسبوع أمام المحكمة في نيويورك في قضية دفع أموال لشراء صمت ممثلة إباحية. ويتوقع أن تنتهي المحاكمة قبل 27 يونيو المقبل، الذي يصادف يوم خميس.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أمس الأربعاء أنه إذا تعثر بايدن (81 سنة) أو بدا عليه أنه ينسى، خلال المناظرة الأولى، فإنه يخاطر بتأكيد شكوك بعض الأميركيين بأنه كبير في السن ولا يمكنه تولي المنصب. كما واجه ترامب، الذي يصغره بأربع سنوات فقط، شكوكاً حول عمره. كما يمكن أن يذكر الاجتماع وجهاً لوجه الأميركيين بتقلبات ترامب وسيمنح بايدن الفرصة لوصف الانتخابات بأنها خيار بين الرجلين، وليست استفتاء على سجله.
بايدن لديه الكثير على المحك
وقال ديفيد أكسلرود، كبير المستشارين السابق للرئيس باراك أوباما، للصحيفة إنه "بسبب هذه الأسئلة حول قدراته، فإن بايدن لديه الكثير على المحك، لكن ترامب لديه الكثير على المحك هنا أيضاً، لأنه إذا استطاع بايدن تغيير النظرة إليه بشأن هذه الرواية (حالته الذهنية بسبب عمره)، فإنه قد يغير ديناميكية السباق".
والمناظرة محفوفة بالمخاطر لكلا المرشحين اللذين يواجهان سباقاً متقارباً وحماساً منخفضاً من الناخبين. وتبنى بايدن في الأشهر الأخيرة نهجاً أكثر عدوانية تجاه ترامب، حيث ألقى خطاباً رئيسياً حول الديمقراطية قبل يوم من الذكرى السنوية لأحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021، وهي اقتحام مبنى الكابيتول، بالإضافة إلى خطاب حالة الاتحاد الذي ركز على ترامب. وفي حين أن بايدن يتراجع في استطلاعات الرأي العامة والخاصة، فإن فريق حملته لا يزال يعتقد أنه سيحسن وضعه بمجرد أن يرى الناخبون الرجلين كخياريهما الواقعيين الوحيدين للرئاسة ويتذكروا سجل ترامب في المنصب، لا سيما في قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإجهاض.
وتظهر خطوة بايدن أنه على استعداد لتحمل مخاطرة لتعزيز معدلات التأييد له في استطلاعات الرأي في سباق يتخلف فيه عن ترامب في الولايات الحاسمة الرئيسية، لأن الناخبين ما زالوا قلقين بشأن مسألة تقدمه في العمر (81 سنة) ومعالجته للاقتصاد. وفي الوقت نفسه، يواصل ترامب التعامل مع دوامة من القضايا القانونية.
استخدام ترامب ورقة المهاجرين
وخلال مناظرتي ترامب وبايدن فإن ترامب قد يستخدم إلى جانب تقدم بايدن في السن، ورقة المهاجرين غير النظاميين لمهاجمة خصمه. وقبل بضعة أشهر قال ترامب إن المهاجرين "يسممون دم" الولايات المتحدة وهي تصريحات قوبلت بسيل من الانتقادات. واتهمه فريق حملة بايدن بتقليد الزعيم النازي أدولف هتلر. وكان ترامب شبّه أخيراً المهاجرين بالثعابين مدعياً خلال مخاطبته أنصار له تجمعوا في وايلدوود أخيراً، أن أغنية "الثعبان" "تتحدث عن الهجرة غير النظامية ومدى غباء ما نفعله الآن"، مع العلم أن الأغنية كتبها أميركي من أصل أفريقي ناشط في مجال الحقوق المدنية ولاقت شهرة من خلال مغني السول، آل ويلسون، عام 1968. وهي لا تتحدث عن الهجرة. وتحكي كلمات الأغنية قصة امرأة تهتم بثعبان ضعيف عثرت عليه قبل أن تموت مسمومة بلدغة منه. واعتبر ترامب أن "هذه هي قصة بلدنا".
وقد يستخدم ترامب موضوع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال المناظرات لإظهار وقوفه إلى جانب تل أبيب. وكان ترامب اتهم بايدن أخيراً بـ"الوقوف إلى جانب" حركة حماس بعد تهديدات الرئيس بوقف إمدادات أسلحة معينة إلى إسرائيل في حال اجتياحها مدينة رفح جنوب القطاع. وقال ترامب إن "ما يفعله بايدن في ما يتعلق بإسرائيل أمر مشين. لقد تخلى عن إسرائيل تماماً، ولا يمكن لأحد أن يصدق ذلك". وتابع: "بايدن ضعيف وفاسد ويقود العالم مباشرة إلى الحرب العالمية الثالثة"، موضحاً أنه حال عودته إلى البيت الأبيض "سنطالب بالسلام عبر القوة".
في المقابل، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي أن "الحجة القائلة إننا ننسحب بطريقة أو بأخرى من هذا الدور، وأننا غير مستعدين لمساعدتهم على هزيمة حماس، لا تتفق مع الحقائق". ونددت حملة بايدن أخيراً بشدة بتقارير تفيد بأن ترامب وعد مديري شركات نفط بأن يعكس الكثير من السياسات المتعلقة بالبيئة إذا انتُخب رئيساً. واتهمت حملة بايدن الرئيس السابق بـ"بيع الأسر العاملة" مقابل "تبرعات لحملته من بارونات النفط".
وتحت عنوان "لماذا بايدن حريص على مناظرة ترامب"، بعد نحو أربع سنوات من آخر مناظرة بينهما، ذكرت شبكة "سي أن أن" أمس، أن بايدن يبدو واثقاً من نفسه، موضحة أنه يريد تكرار المناظرتين مع ترامب في العام 2020، فيما ترامب يهدف من وراء المناظرتين إلى إظهار قدرته على أنه الملائم ليكون القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وأوضحت الشبكة أنه من المرجح أن يشعر بايدن بضغط أكبر من المعتاد نظراً للمخاوف داخل الحزب الديمقراطي وبين المعتدلين بشأن عمره واستطلاعات الرأي التي تظهر أنه يتخلف عن ترامب في بعض الولايات المتأرجحة. وعلاوة على ذلك، وفي حين أن الرؤساء الحاليين يتمتعون عادة باهتمام أكبر بكثير من أولئك الذين يسعون إلى استبدالهم، فإن حقيقة أن ترامب رئيس سابق وقادر على جذب اهتمام وسائل الإعلام في هذه الانتخابات تجعل المناظرات أكثر أهمية بالنسبة لبايدن. وأشارت الشبكة إلى أنه غالباً ما يكون من الممكن معرفة الكثير عن شخصية المرشحين وقدرتهم على التحمل من خلال أدائهم خلال المناظرة.
في المقابل، ستتاح لترامب فرصة لإثبات أن لديه نوعاً من الرؤية المقنعة للبلاد تتجاوز رغبته في القضاء على خصومه والمؤسسة. وقال مستشاران في حملة ترامب الانتخابية إن حملته تعتقد أن المواجهة بين ترامب وبايدن على خشبة المسرح لن تفيد سوى الرئيس السابق. وقال أحد المستشارين إن فريق ترامب يعتقد أن بايدن تراجع جسدياً وعقلياً في السنوات الأربع الماضية، منذ آخر مناظرة بينهما في العام 2020. وقال أحد كبار مستشاري حملة ترامب: "أي شيء في هذه الحملة يوفر تبايناً سيكون مهماً بالنسبة لنا. وليس هناك تناقض أفضل من اضطرار بايدن إلى الدفاع عن سجل بائس يقف إلى جانب الرئيس الناجح ترامب، الذي تكون طاقته وحماسته حاضرتين دائماً". وقال أحد مستشاري ترامب إن الحملة تعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يتمكن ترامب من الوصول إلى الناخبين قبل أن يتخذوا قراراً بشأن لمن سيصوتون.
وبالنسبة لفريق بايدن، تحمل المناظرات السابقة هدفاً آخر: نقل التناقضات مع ترامب إلى داخل المنازل، عبر متابعة الأميركيين للمناظرات. ومن وجهة نظرهم، بحسب "سي أن أن" فإن هذا الأمر سيجبر الأميركيين على حساب الخسائر جراء إمكانية عودة ترامب إلى البيت الأبيض بطريقة لم يفعلوها بعد.
وقال نائب مدير حملة بايدن الرئيسي كوينتين فولكس، في تصريح للشبكة مساء أمس: "لقد كانت حملتنا تقول منذ أشهر إن الديمقراطية على المحك حرفياً، وهذا الأمر هو المطروح على ورقة الاقتراع في هذه الانتخابات. الشعب الأميركي يستحق أن يسمع من اثنين لديهما فرصة لانتخاب أحدهما رئيساً للولايات المتحدة، وسيمثلونهما على المسرح العالمي، ومسؤولين عن الاقتصاد الذي يؤثر على حياتهم كل يوم"، مضيفاً: "الرئيس بايدن يؤمن بشدة بذلك. ليس لدينا ما نخفيه".
من جهة ثانية، أوضحت قناة "سي أن أن"، في بيان، أنه للمشاركة في المناظرة، يجب أن يكون المرشح مسجلاً في عدد كافٍ من الولايات، وحائزاً على 15 في المائة على الأقل من نوايا التصويت في أربعة استطلاعات وطنية منفصلة، خلال فترة تتراوح من 13 مارس/آذار الماضي إلى 20 يونيو المقبل. وفي حال عدم حدوث مفاجآت كبيرة، يتوقع أن تستبعد هذه العتبة أي مرشح آخر غير بايدن وترامب، بمن في ذلك المستقل روبرت ف. كينيدي الذي عبّر عن غضبه على موقع إكس مساء أمس.