مليشيات تمنع عودة عائلات عربية إلى سنجار: ارتباك أمني ودعوات للتهدئة

29 ابريل 2023
أذرع "العمال الكردستاني" تمنع عودة النازحين (Getty)
+ الخط -

تشهد مدينة سنجار العراقية، التي تقع ضمن محافظة نينوى شمالي البلاد، منذ الأول من امس الخميس، ارتباكاً أمنياً، إثر تحرّك مليشيات مرتبطة بـ"حزب العمال الكردستاني" لمنع عودة عائلات عربية نازحة إلى منازلها في المدينة ومهاجمتها مسجداً وعدداً من المنازل. وفي حين يواصل الجيش العراقي انتشاره لحماية المساجد، حذر مسؤولون وناشطون من الحملة التحريضية التي تقودها أطراف سياسية ضد إعادة العائلات النازحة واتهامها بالإرهاب.

وفور وصول 25 عائلة نازحة إلى مركز مدينة سنجار الخميس، اعترضت طريقها مجموعة أشخاص مرتبطين بـ"العمال الكردستاني"، ورفضت السماح للعائلات بالعودة إلى منازلها، متهمة بعض أفرادها بالانتماء لتنظيم "داعش"، كما هاجمت تلك المجموعة مسجد الرحمن الذي أعاد فتحه أخيرا الجيش العراقي والوقف السني، وحاولت إحراقه.

وواصلت تلك الأطراف حملاتها التحريضية وإطلاق الاتهامات بالإرهاب ضد العائلات العربية والمساجد، واليوم السبت، أعلن "المجلس الروحاني الإيزيدي" أن "السكان في قضاء سنجار لا يؤيدون عودة بعض الأسر العربية إلى القضاء، إذ إن تلك الأسر متورطة بالتعاون والانخراط مع تنظيم داعش إبان سيطرته على المنطقة في صيف العام 2014 وارتكابه مجازر وانتهاكات بحق الأقلية الدينية".

وقال مستشار المجلس كريم سليمان، في مؤتمر صحافي عقده اليوم بحضور أمير الإيزيديين في العراق والعالم حازم تحسين بيك: "إننا مع ترسيخ التعايش المشترك في سنجار، ونرفض الإهانة والاعتداء على المقدسات، ونرفض عودة العائلات العربية".

من جهته، قال مدير ناحية سنوني، شمالي سنجار، خديدا جوقي إن "القوات الأمنية في سنجار أعادت 25 أُسرة عربية كانت قد نزحت إلى مناطق أخرى في الموصل بعد اجتياح تنظيم داعش مناطق سنجار في عام 2014، وإن إحدى الناجيات الإيزيديات من أيدي تنظيم داعش تعرفت على أحد أفراد الأُسر العائدة، بأنه كان ضمن عناصر تنظيم داعش، ما دفع بالقوات الأمنية لاعتقاله".

وأوضح جوقي، في المؤتمر، أن "القوات الأمنية أعادت هذه الأُسر من دون إذن من المكونات الأخرى التي تسكن سنجار، ما أدى إلى خروج أهالي سنجار إلى شوارع المدينة للتعبير عن احتجاجهم على هذا الإجراء، مرددين شعارات تندد وترفض عودة هذه الأُسر إلى القضاء".

أما النائبة عن المكون الإيزيدي فيان دخيل، فانتقدت محاولات إعادة النازحين إلى البلدة، وقالت في تغريدة لها: "أطراف مشبوهة تريد خلط الأوراق في سنجار لأهداف مريبة. 8 سنوات ولم يعتدِ الإيزيديون على أي مسجد في سنجار". ودعت الجيش العراقي إلى أن "يحمي الجميع من دون تفرقة دينية أو قومية"، معتبرة أن "القرارات المستعجلة لإغلاق ملف النازحين والمهجرين ستتمخض عنه تداعيات غير مرغوبة".

من جهته، قال ضابط في الجيش العراقي في سنجار إن "قوات الجيش تنفذ خطة لحماية المساجد من أي اعتداءات قد تطاولها، وقد جرى تعزيز الوجود العسكري في محيط المساجد"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن "البلدة تشهد حملة تحريض ضد إعادة فتح المساجد، واتهامات بالإرهاب ضد العائلات المهجرة التي نسعى لإعادتها"، مشدداً على أن "تلك العائلات جرى تدقيق ملفاتها الأمنية وهي ليست مرتبطة بداعش لا من قريب ولا من بعيد".

وحذر من "خطورة الحملة التحريضية التي تهدف إلى إشعال الفتنة لمنع إعادة النازحين وفتح المساجد، وأن التحريض يأتي من قبل الفصائل المسلحة وعناصر العمال الكردستاني بهدف زعزعة الأمن والبقاء مدة أطول في البلدة".

أما عرفات كرم، المسؤول عن ملف العراق في مقر رئيس "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مسعود البارزاني، فأكد أن "الحل الوحيد لمعضلة قضاء سنجار تكمن في طرد القوات المشبوهة (الفصائل المسلحة وعناصر العمال الكردستاني والجهات المرتبطة بها) التي تنفذ أجندات خارجية، وأن تُسلّم المنطقة لأهلها الأصلاء".

مقابل ذلك، اعتبر الناشط والصحافي العراقي سرمد القيسي أن ما يحدث في سنجار "خطأ فادح متعمد أو غير متعمد، ويشجع على إنماء الفكر المتطرف من جديد بعد أن نبذه الجميع"، مضيفاً: "لا تُحل الإشكاليات الاجتماعية والأمنية باستفزاز مشاعر المسلمين والتهجم على المساجد ودور العبادة، وإن كان التنظيم الإرهابي كان يستغلها لتشويه سمعة الإسلام، ووضع النقاط على الحروف مهمة النخب".

وتعثرت السلطات العراقية في تنفيذ اتفاقية تطبيع أوضاع مدينة سنجار وإعادة أهلها إليها، الموقعة مع حكومة إقليم كردستان العراق بإشراف بعثة الأمم المتحدة في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2022، ويقضي اتفاق سنجار بإخراج عناصر "العمال الكردستاني" وفصائل "الحشد الشعبي" من سنجار وإعادة النازحين، والبدء بخطوات إعادة إعمار المدينة.

المساهمون