في وقت أنهت فيه اللجنة العسكرية الليبية المشتركة أول اجتماعاتها، معلنة أمس الخميس اتفاقها على تنفيذ وقف إطلاق النار، لا تزال المحادثات السياسية بين أعضاء ملتقى الحوار السياسي المنعقد بتونس تسير ببطء، وسط انتشار أمني كثيف في طرابلس وبنغازي.
وأعلنت البعثة الأممية، مساء الخميس، عن نتائج اختتام الاجتماع الأول للجنة العسكرية المشتركة، بمقرها الدائم في مدينة سرت، التي بدأت يوم الثلاثاء الماضي، مشيرة الى أنها جاءت استكمالا لما بدأته اللجنة في اجتماعاتها بمدينة غدامس الأسبوع قبل الماضي.
وذكرت اللجنة، في بيان مشترك لها مساء الخميس، أنها توافقت على سحب جميع المرتزقة من خطوط القتال "كخطوة أولى قبل إخراجهم من الأراضي الليبية"، مضيفة أن أعضاءها توافقوا أيضا على فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، وتكليف قوة بتأمينها، كخطوة أولى لفتح كل المسارات البرية المغلقة في البلاد.
وأشار البيان إلى تكليف لجنة فرعية بمهام إخلاء المنطقة الممتدة من سرت إلى مصراتة من السلاح، وتسليمها للجنة أمنية لبدء تأمينها، كما تمّ الاتفاق على "اجتماع مقبل في أقرب وقت".
وأشار بيان البعثة الأممية إلى أن اللجان المنبثقة عن اللجنة العسكرية المشتركة باشرت بإعداد الآليات والخطوات التنفيذية على الأرض والمباشرة بنزع الألغام والمخلفات الحربية المتفجرة بالتعاون مع الأمم المتحدة من الطريق الساحلي.
كذلك كلفت اللجنة العسكرية المشتركة لجنة أخرى ببدء "إخلاء خطوط التماس بسحب الآليات والأسلحة الثقيلة من المنطقة المستهدفة بفتح الطريق الساحلي وإعادة القوات إلى وحداتها بالتنسيق مع لجنة الترتيبات الأمنية لتأمين المنطقة بعد إخلائها من القوات العسكرية".
ويرى الباحث السياسي الليبي بلقاسم كشادة في حديث لـ "العربي الجديد" أن "سرعة حل مشكلة أسلحة ومقاتلين تسببوا في حروب طويلة في غضون أيام أمر لا يقبله واقع الأزمة ولا يشير إلى شيء سوى دفع البعثة الأممية لأعضاء اللجنة العسكرية للإسراع بخطوات على الورق فقط لدعم جهودها السياسية في تونس"، مشيراً إلى ما وصفه بـ"العمومية وعدم التفصيل في نتائج لقاء سرت"، وخصوصاً ملف المقاتلين المرتزقة.
وتابع "ماذا بشأن الوجود الروسي وعناصر فاغنر الذين لا يزالون ينقلون العتاد والدعم لقاعدة الجفرة؟ هل تريد اللجنة والبعثة إقناع الرأي العام أن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر يملك قرار الروس وفاغنر؟". لكن كشادة يبدي مخاوفه من جدوى نتائج اجتماعات سرت بين أعضاء اللجنة العسكرية، معتبرا أنها "غير جدية ولا يمكنها أن تؤدي إلى شيء ملموس على أرض الواقع".
الأمر نفسه يذهب إليه الناشط السياسي الليبي، عقيلة الأطرش، الذي يرى أن إخراج المقاتلين الأجانب ملف متصل بنتائج الملتقى وقبول الأطراف المتدخلة في ليبيا لتلك النتائج.
ويؤكد الأطرش في حديثه لـ "العربي الجديد" أن إخلاء المنطقة من الوحدات المسلحة وفتح الطريق مؤشران مهمان على قبول الأطراف المسلحة لوقف إطلاق النار، معتبرا أن تنفيذ ذلك سيجعل مسألة المقاتلين الأجانب في صدارة المشهد، ما سيشكل ضغطا على الأطراف الخارجية لحل المسألة.
من جهة أخرى، استمرت الخلافات بين أعضاء ملتقى الحوار السياسي في تونس، بشأن آليات تعيين شاغلي مناصب السلطة الجديدة، في وقت لم تتحدث البعثة الأممية عن نتائج جولة اليوم الرابع من أعمال الملتقى، في تونس، بعد تأكيدها أنها بدأت، صباح أمس، بــ "وتيرة عالية وإيجابية وروح وطنية".
وقالت مصادر ليبية مطلعة، من مجلسي النواب والدولة، إنه فيما أنهت لجنة الصياغة، المكونة من خمسة أعضاء من أعضاء الملتقى، تعديلاتها بشأن صلاحيات السلطة التنفيذية التي تضمنتها الوثيقة الأممية المطروحة للنقاش، اتسمت جلسة الأمس بخلافات كبيرة بين أعضاء الملتقى. وجاء ذلك على خلفية رفض ممثلي نواب طبرق آلية "التصويت" المباشر داخل القاعة على المرشحين لتولي مناصب المجلس الرئاسي، حيث طالب ممثلو مجلس نواب طبرق باختيار أعضاء المجلس الثلاثة بناء على التوزيع الجغرافي لأقاليم ليبيا الثلاثة، مهددين بالانسحاب في حال عدم قبول اعتراضهم.
وعلى الرغم من شدة الخلافات إلا أن المصادر، التي رفضت كشف هويتها، أشارت إلى إصرار عدد من أعضاء الملتقى على استمرار أعماله وسط جهود حثيثة يبذلونها لتقديم مقترحات حول آليات اختيار شاغلي مناصب السلطة الجديدة لمناقشتها داخل القاعة الرسمية بهدف تطويق الخلافات، مستبعدة أن تطرح أسماء المرشحين خلال جلسة اليوم الجمعة، وهي "خلافات صحية تثري الحوار"، كما يصفها الباحث كشادة.
وفي الأثناء تشهد مدينتي طرابلس وبنغازي حراكا أمنيا عاليا، ونشر وحدات أمنية على نطاق واسع، يراه الأطرش مؤشرا لتجاوب الأطراف المسلحة في مراكزها الرئيسية مع خطط الترتيبات الأمنية التي تهدف لتنفيذها اللجنة العسكرية المشتركة في المنطقة الوسطى من خلال قوات أمنية مشتركة.
وأعلنت قيادة حفتر، ليل البارحة الخميس، عن "تحرك كافة الوحدات العسكرية التابعة لها لمساندة وزارة الداخلية" بالحكومة الموازية لـ"تأمين مدينة بنغازي".
وجاء في بيان نشرته الصفحة الرسمية لقيادة حفتر، "تحركت الآن كافة الوحدات العسكرية لمساندة وزارة الداخلية في تنفيذ عملية فرض القانون".
وفي طرابلس قالت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق إن "إدارة إنفاذ القانون فرع طرابلس التابعة للإدارة العامة للعمليات الأمنية قامت بتكثيف عمل دورياتها الأمنية داخل أحياء ومناطق متفرقة داخل العاصمة"، مشيرة إلى أن العملية جاءت في إطار الحفاظ على الأمن والاستقرار.
وأوضحت أن الدوريات انتشرت، أمس الخميس، في مناطق حي الأندلس والسراج والكريمية، داخل العاصمة، وعلى امتداد طرق فرعية أخرى على أطراف طرابلس لـ "حفظ الأمن وضبط المجرمين والخارجين عن القانون للحفاظ على أمن وسلامة المواطنين".