مقترح بيدرسون يكشف مقاربة المعارضة لمشروع التعافي المبكر في سورية

14 يونيو 2024
صورة من لقاء هيئة التفاوض السورية مع غير بيدرسون (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- سليم الخطيب من الائتلاف الوطني السوري المعارض كشف عن مقترح لإنشاء صندوق التعافي المبكر في سورية لتمويل مشاريع في قطاعات مثل الكهرباء، بإشراف دولي لضمان دعم آمن وشرعي للشعب السوري.
- الصندوق أثار جدلاً بين المعارضة ومنظمات المجتمع المدني خوفاً من استغلال النظام السوري له سياسياً، مما دفع هيئة التفاوض لتقديم مقترح يراعي البعد السياسي ويضمن مشاركة متوازنة في اتخاذ القرارات.
- تم التأكيد على أهمية مشاركة هيئة التفاوض ومكونات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في صياغة المقترح لضمان تمثيل مصالح الشعب السوري بشكل شامل، مع التحذير من خطورة عدم التشاور مع الفاعلين المحليين.

كشف عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري المعارض سليم الخطيب، خلال حديث خاص لـ"العربي الجديد"، عن مقترح تقدمت به هيئة التفاوض السورية إلى المبعوث الأممي غير بيدرسون حول مشروع إنشاء صندوق التعافي المبكر في سورية الذي أعلن عن نية إنشائه منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سورية آدم عبد المولى.

وكان عبد المولى قد كشف عبر صحيفة الوطن الموالية للنظام السوري، في 31 مارس/ آذار الماضي، عن وجود خطة لدى الأمم المتحدة لإطلاق برنامج بشأن التعافي المبكر في سورية قبل حلول الصيف القادم، موضحاً أن البرنامج سيمتد لخمس سنوات، ويتضمن إقامة مشاريع في عدد من القطاعات، بينها الكهرباء، مشيرا إلى أن هذه المشاريع الخاصة بالخطة تشمل جميع الأراضي السورية، مبيناً أن تمويل مشاريع هذا البرنامج سيتم من خلال إنشاء صندوق خاص يوفر لبعض المانحين غير التقليديين، كدول الخليج، آلية آمنة وشرعية تحت مظلة دولية بأن تقدم مساعدات للشعب السوري.

وأثار تصريح عبد المولى بشأن صندوق التعافي المبكر في سورية جدلاً كبيراً لدى الجهات التمثيلية السياسية المعارضة ولدى منظمات المجتمع المدني التي تعمل في مناطق المعارضة، حيث أبدت تلك الجهات مخاوفها من استغلال النظام لهذا المشروع وتجييرها لصالحه سياسياً، فعقدت العديد من الجلسات والندوات لتدارس مخاطر هذا المشروع وكيفية تلافيها من جهة، ودراسة الفوائد التي يمكن أن تستفيد منها مناطق المعارضة. 

مشروع التعافي المبكر في سورية مكافأة للنظام

بدورها، تقدمت هيئة التفاوض بمقترح للأمم المتحدة والدول الداعمة لتفادي بعض المفاعيل السلبية للمشروع في حال تم إقراره. وكشف الخطيب لـ"العربي الجديد"، بعض تفاصيله غير التقنية، موضحاً أن "أي تعامل مع مشروع التعافي المبكر لا يعطي الصدارة للحيز السياسي لن يتكلل بالنجاح، لأن القضية السورية هي قضية سياسية بامتياز، كما أن مفهوم التعافي المبكر، وإن كان بنداً مذكوراً في القرار 2254، إلا أن تعريفه غير واضح في تعريفات الأمم المتحدة، وهو في المفهوم الإنساني يكون عقب الكوارث الطبيعية وليس خلال الأزمات السياسية".

ونبه الخطيب إلى أن الملاحظات والاعتراضات التي أبدتها المعارضة كانت على مشروع قدم لإيجاد صندوق يمول مشاريع التعافي المبكر في سورية وليس على فكرة التعافي المبكر، موضحاً أن أهداف الصندوق المزمع إنشاؤه، بحسب ما عبر عنها عبد المولى، تتمثل في توفير آلية آمنة للمانحين للتهرب من العقوبات الاقتصادية التي فرضت على النظام للحد من جرائمه، واستغرب الخطيب أن يكون التهرب من العقوبات أحد أهداف الأمم المتحدة، وأن يكون الشعار الذي تتبناه هو استغلال المساعدات الإنسانية لخدمة سياسة النظام وتعويمه، بدلاً من فصل المساعدات الإنسانية عن السياسة.

وأضاف الخطيب: "كما طالب المسؤول الأممي في مقترحه للصندوق أن يكون مقره في دمشق، وأن ينفذ المشاريع عبر التنسيق مع حكومة النظام السوري، والأدهى من ذلك أن هذه المشاريع ستنفذ في كل الجغرافيا السورية انطلاقاً من دمشق وعبر موافقات من حكومة بشار الأسد"، مبيناً أن "ما لم تستطع حكومة النظام تحصيله عبر حربها الطويلة على الشعب السوري، ستحصله عبر المساعدات الإنسانية".

وأضاف عضو الهيئة السياسية في الائتلاف أن "الملاحظة الأهم أن هذا المقترح أتى مع زيادة في تعنت النظام ورفضه الانخراط في العملية السياسية ورفضه حضور جلسات اللجنة الدستورية أو التجاوب مع طروحات المبعوث بيدرسون. وكأن الأمم المتحدة تقدم مكافأة للنظام على تعنته".

وأوضح المتحدث ذاته أن "هناك أيضاً عدداً من الملاحظات التقنية، منها أن صندوق التعافي المبكر في سورية لا يعتمد على آلية واضحة للتوزيع، فعبارة أنه سيعمل على تلبية الاحتياجات عبارة فضفاضة وغير مسؤولة، كما أن الصندوق ليست لديه أي إحصائية دقيقة عن عدد السكان ولا خريطة توزعهم، هذا بالإضافة إلى الرضوخ لتهديدات النظام وضغوطه، إن لم نقل فساد مكتب الأمم المتحدة في دمشق. فعلى سبيل المثال آدم عبد المولى لم يستطع أن يرفض توظيف ابنة المجرم حسام لوقا أو زوجة وزير خارجية النظام فيصل المقداد ضمن الكادر الوظيفي العامل معه في دمشق".

وحول المقترح الذي تقدمت به هيئة التفاوض، قال الخطيب إنّ "هيئة التفاوض، انطلاقاً من واجبها السياسي، ولرغبتها الجادة في التعامل الإيجابي مع المقترحات الأممية، قدمت مقترحاً يشتمل على عدد من الأفكار التي تعالج كل ما سلف ذكره من مشاكل ومخاوف تخص الصندوق المزمع إنشاؤه"، موضحاً أن "المقترح تقني ولن ندخل بالتفاصيل الدقيقة، وأن الفكرة الأهم بالمقترح ركزت على شكل اتخاذ القرار في الصندوق بطريقة لا تؤثر على العملية السياسية وتزيد من التشاركية المجتمعية السورية".

وأضاف الخطيب: "كلنا يعلم أن الأمم المتحدة، وخاصة بعد بيان جنيف اعترفت بثنائية العنوان، ففي أي مفاوضات هناك النظام من طرف وهيئة التفاوض من طرف آخر، وقد تضمّن مقترح الهيئة أن يراعي الصندوق هذه الثنائية كما تضمّن أن تكون للدول المانحة عضوية في قيادة الصندوق".

وحول مشاركة الهيئة لباقي مكونات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في صياغة هذا المقترح، أوضح الخطيب أن "هيئة التفاوض طيلة الفترة الماضية ليس لها عمل إلا زيادة المشاركة مع المجتمع السوري والنشطاء والخبرات السورية، وأكبر دليل على ذلك البيان الذي وقعته منظمات المجتمع المدني الحاضرة في بروكسل، والذي طالبت به دول الاتحاد الأوروبي بدعوة هيئة التفاوض لحضور مؤتمر المانحين المنعقد في بروكسل الشهر الماضي. عدا عن ذلك عدد لامتناه من ورش العمل واللقاءات والتشاورات وتوحيد الخطاب مع كافة شرائح المجتمع السوري، والزيارات المتكررة لرئيس هيئة التفاوض للشمال السوري ولقائه مع الفعاليات الاجتماعية والسياسية والطلابية والشعبية".

وبدوره، يرى الباحث في مركز عمران الدراسات مناف قومان أن "مكمن خطورة الصندوق تأتي من أنه خرج بدون التشاور مع المنظمات والهيئات والفاعلين في كل سورية"، مبيناً في حديث مع "العربي الجديد"، أن الشكل الذي صيغ فيه يلبي مصالح النظام، كما أن الآلية التي سيتم تشكيل الصندوق من خلالها تنم عن استمرار الأمم المتحدة بالعمل مع النظام والاعتراف به على الرغم من استغلال النظام للمساعدات الإنسانية والفساد وفشله بالاستحقاقات المعيشية من خدمات وسلع أساسية، وعلى الرغم أيضاً من تعطيله الحلول السياسية وإفشال كافة المسارات". وأضاف أنه "بناءً على ما تقدم، فإن من بين أبرز المخاطر لإنشاء هذا الصندوق تعويم النظام، وتعطيل العملية السياسية لصالح القضايا الإنسانية والتنموية، وعدم الانتقال لإعادة الإعمار بدون إنجاز حل سياسي، وتلاعب النظام بأموال المشاريع عبر مؤسساته وشبكاته، وعودة النظام للمناطق الخارجة عن سيطرته برعاية أممية".

وحول جدوى مقترحات المعارضة، بين قومان أنه "طالما أن الصندوق لا يزال على الورق يمكن للمعارضة تقديم اعتراض عليه ووقف أي محاولات للنظام لإعادة العجلة لما قبل 2011 عبر بوابة التعافي المبكر، ومن ثم تصميم مقترح جديد يراعي مصالح المعارضة والسوريين كافة، ومزاحمة النظام على التعافي وتأسيس الصندوق وحث الأمم المتحدة، من خلال حملات مناصرة، على ضرورة البدء في اعتماد نهج التعافي المبكر في شمال غرب سورية بالشكل الذي يعود بالفائدة على المنطقة، وربط تنفيذ الصندوق في مناطق النظام بالحل السياسي والتقدم بالمسارات".

ويرى قومان أن تطبيق المقترح لا يزال في بداياته، وقد يمر بفترة مراجعة طويلة فيها تفاصيل كثيرة وربما يحتاج عامين ليظهر بالشكل النهائي القابل للتنفيذ، وخلال هذه الفترة سيرتبط إخراجه بعوامل كثيرة، منها رغبة الإدارة الأميركية الجديدة في تمريره، والسماح بتدفق الأموال من خلاله، والمشكلات بين روسيا وأميركا على قرار المساعدات عبر الحدود في مجلس الأمن، وحملات الضغط المطبقة من قبل السوريين في الولايات المتحدة لفرض عقوبات على النظام، ومسار التطبيع العربي وقضية المخدرات، وانخفاض المساعدات الإنسانية العام على سورية. كل هذه العوامل ستلعب بشكل أو بآخر دوراً في تطبيق هذا المقترح سلباً أو إيجاباً".