وتحتشد قوات مؤلفة من ستة تشكيلات نظامية ومليشياوية حول الرمادي، وتضيق الخناق عليها من ثلاثة محاور، بينما يستمر القصف الذي تنفذه قوات التحالف على مدار اليوم.
ويقول قائد قوات الجيش العراقي في الأنبار، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، لـ"العربي الجديد" إن "الهدف من المنشورات هو إخلاء المدينة من السكان، وتم فتح ممرات آمنة لخروجهم"، موضحاً أن "الجيش تلقى مناشدات ونداءات استغاثة من الأسر داخل الرمادي، ونسعى لتجنّب سقوط أي مدني خلال اقتحام المدينة". ولم يوضح المحلاوي الخيار الموجود أمام القوات العراقية في حال أصر "داعش" على اتخاذ المدنيين رهائن لديه ومنع خروجهم.
من جهته، يعلن العقيد محمد الجبوري، من مشاة اللواء الثاني في الفرقة السابعة لـ"العربي الجديد"، أن "ساعة الصفر اقتربت وداعش يسعى لتأخيرها عبر الاحتماء بالمدنيين، ونحن نخلي المسؤولية بإبلاغهم بضرورة الخروج"، مؤكداً أن "كافة الاستعدادات اكتملت لمهاجمة المدينة".
فيما كان المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية، العميد يحيى رسول قد أوضح في بيان، أنّ "المنشورات التي ألقتها الطائرات العراقية حثّت المواطنين على الخروج السريع من الرمادي من خلال الطرق التي حددتها القوات الأمنية"، مشيراً إلى أنّ "قوات الجيش والشرطة والعشائر ستشارك في العملية الأخيرة والحاسمة لتحرير المدينة بالكامل".
اقرأ أيضاً: القوات العراقية تدعو سكان الرمادي إلى المغادرة
وتعليقاً على هذا الموضوع، يؤكد عضو تحالف "القوى العراقية" محمد عبدالله المشهداني، أن "عملية تحرير الرمادي ضرورية، لكن حياة المدنيين أهم من أي انتصار أو تقدّم يحققه الجيش أو مسلحو العشائر"، مطالباً في حديث لـ"العربي الجديد" بإعادة النظر بالمهلة القصيرة التي منحتها القوات العراقية للمدنيين للخروج إلى المدينة.
ويشير المشهداني إلى "أن إمهال السكان المحليين 72 ساعة لمغادرة الرمادي، يعني أن الوقت المتبقي لديهم هو ما سيحدد حياتهم أو موتهم"، مضيفاً: "إذا كان داعش إرهابياً مجنوناً، فيجب على الحكومة التعقّل والبحث عن طريقة لإخراج الأطفال والنساء وكل المدنيين من الرمادي قبل الاقتحام، حتى لا يتكرر سيناريو جرف الصخر في محافظة بابل العام الماضي مرة أخرى"، مطالباً بـ"تمديد المهلة حتى يتم التأكد من خروج جميع المدنيين وإيوائهم في مخيمات آمنة ومستقرة".
ويدعو الحكومة المحلية في الأنبار وممثلي المحافظة في الحكومة والبرلمان، للوقوف إلى جانب أهلهم لتجاوز هذه المحنة، ملوّحاً "باللجوء إلى المنظمات الدولية للحفاظ على أرواح الأبرياء في حال عجزت الحكومة العراقية عن حماية المدنيين".
من جهته، يشدد عضو منظمة "العراق للسلام" المختصة بشؤون حقوق الإنسان، اياد العاني، على "ضرورة التمييز بين المدنيين والإرهابيين عند القيام بأية عملية عسكرية في الرمادي أو أية مدينة أخرى في محافظة الأنبار"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن "أغلب سكان الرمادي هم من الشيوخ والنساء والاطفال الذين اضطروا للبقاء في مدينتهم التي يسيطر عليها تنظيم داعش".
إلى ذلك، يرحّب القيادي في تجمع العشائر المتصدية لـ"داعش"، عدنان العيثاوي، بأي جهد محلي أو دولي لتطهير الرمادي وباقي مدن محافظة الأنبار من سيطرة التنظيم، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، "ضرورة وجود قيادة مشتركة للعمليات كي لا تتكرر الانتهاكات التي حدثت في المناطق المحررة في محافظتي ديالى وصلاح الدين". ويشير العيثاوي، إلى "ضرورة فتح ممرات آمنة حقيقية وليست إعلامية للمدنيين قبل إعطائهم مهلة لمغادرة الرمادي"، مُطالباً بتوفير مخيمات لإيواء النازحين الجدد وحمايتهم من موجة البرد الشديدة التي تضرب البلاد.
في المقابل، يقول رئيس لجنة شؤون النازحين في حكومة الأنبار، أحمد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة تطالب السكان بالخروج وعندما يخرجون ترفض إدخالهم بغداد أو أي محافظة مجاورة أخرى ولا توفر لهم معسكرات إيواء بالصحراء"، متسائلاً "في هذه الحالة أين يذهبون ومن يضمن أن المليشيات لن تختطف الرجال كما فعلت في السابق؟"، مطالباً بتدخّل عاجل لبعثة الأمم المتحدة في بغداد لحل تلك الإشكالات.
يُذكر أن تنظيم "داعش" تمكّن من دخول مدينة الرمادي قبل سبعة أشهر، بعد معارك عنيفة أرغمت قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية على الانسحاب من مقراتها، وفشلت محاولات القوات العراقية المتكررة لاستعادة المدينة على الرغم من استعانتها بطيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.
وأطلقت قيادة عمليات الجيش في الأنبار، أمس الأول الأحد عملية عسكرية لتحرير منطقة البوذياب شمال الرمادي. وأكّد ضباط في القيادة أن قوة من الجيش ومسلّحي العشائر بدأت العملية بإسناد من طيران التحالف الدولي والقوة الجويّة العراقية، للسيطرة على المنطقة المطلة على الرمادي والقريبة من تجمعات القوات المشتركة. ويوضح النقيب في الجيش العراقي عماد عمران لـ"العربي الجديد"، أن القوات المشتركة تمكّنت من تطهير 50 في المائة من المنطقة، مشيراً إلى تدمير مخازن عتاد لتنظيم "داعش" بقصف لطيران التحالف الدولي أوقع خسائر مادية في أسلحة وآليات التنظيم.
اقرأ أيضاً: "داعش" يستثمر التردّد الحكومي ويباغت بهجمات في الأنبار