بعد مرور عدة أشهر على انطلاق انتفاضة السويداء السورية، قرر النشطاء اتخاذ خطوة جديدة، حيث اعتمدوا أسلوب التظاهر عبر شوارع المدن، يصلون إلى ساحة الكرامة، كبادرة لتشجيع الأهالي على المشاركة في الحراك الشعبي وفرصة لإيصال صوتهم وتحفيز أصحاب المواقف المترددة من الثورة.
وخرج أكثر من ألفي متظاهر إلى شوارع مدينة السويداء للأسبوع الثاني على التوالي، في رد فوري على تصريحات رأس النظام السوري الذي اتهم غالبية السوريين بالخيانة. حيث انفجرت حناجر المحتجين، مطالبين بالتغيير السياسي وتنفيذ القرار الأممي 2254.
ليس هذا المسير الأول لتظاهرات السويداء، بل سبقته تظاهرات في بلدات القرى ومدينة شهبا وصلخد. انطلقت تظاهرة اليوم الاثنين من ساحة الفرسان وسط مدينة السويداء، مروراً بعدد من الأسواق المحلية المكتظة بالناس، وصولاً إلى ساحة الكرامة.
ورفع المتظاهرون هتافات الحرية والمطالبة بإسقاط النظام الحاكم، مؤكدين على تنفيذ القرار 2254. شهدت التظاهرة تفاعلاً إيجابياً من قبل الفعاليات الاقتصادية والتجار، حيث قاموا بالتصفيق والهتاف تأييداً للمتظاهرين، فيما قام آخرون بإغلاق أبواب محلاتهم التجارية للانضمام إلى التظاهرة.
أحد المتظاهرين قال لـ"العربي الجديد: "ندعم هذا الحراك منذ اليوم الأول، رغم عدم مشاركتنا في ساحة الكرامة، والأسباب واضحة للجميع، فالخوف من التوقيف أو الاعتقال أثناء تنقلاتنا إلى دمشق وحلب واللاذقية لنقل البضائع يبقى قائماً. ولكن مرور التظاهرة أمام محالنا التجارية يحفزنا دون أن نشعر بالخوف من النتائج، خاصة أنها لا تميز بين شرائح المجتمع، بل تطالب بحقوق كل الشعب السوري".
انتفاضة السويداء شعبية
ولفتت الناشطة المدنية سلام عباس إلى أن خروج التظاهرات إلى الشوارع يعد تمدداً للانتفاضة الشعبية جماهيرياً، ما يفند تصريحات الإعلام الرسمي والإعلام البديل التابع للنظام، الذي أشار إلى أن التظاهرات تقتصر على فئة معينة في السويداء.
وأشارت إلى أنه وتأكيداً على ذلك، شهدت المظاهرة السيارة التي جابت شوارع المدينة اندماجاً من المارة وأصحاب المحال، بالإضافة إلى تفاعل طلاب المدارس الذين انضموا إلى الحشود، مسهمين في زيادة الزخم في ساحة الكرامة.
بدوره، أوضح الناشط المدني هاني عزام في حديث مع "العربي الجديد"، أن المثل الشائع "الغريق يتعلق بقشة، يجسد وضع النظام، حيث حاول التعلق بمجموعات الخطف والقتل والمخدرات المتورطة في إرهاب الناس، وكان ذلك المحفز الأول لتنظيم أول تظاهرة جابت شوارع مدينة شهبا".
وأكد أن "هذه التظاهرة حظيت بتفاعل من السكان، وتبعتها تظاهرة سيارة في بلدة القريا بنفس الحماس، وبعد فترة ورداً على محاولة عصابة أمنية تابعة للنظام لترويع محتجي مدينة صلخد، نظمت تظاهرة رفضاً لتلك المحاولة، جابت شوارع المدينة وحازت تأييد ودعم السكان".
وأضاف عزام أن "فكرة التظاهرات السيارة في شوارع السويداء نشأت في قرية جنينة بتأييد من حراك شهبا وقرى أخرى، وكانت هذه الفعالية هامة في زيادة الزخم خلال الفترة الأخيرة".
ومنذ انطلاق الانتفاضة، توقعت فئات كثيرة أنها لن تستمر، وتنبأت جهات إعلامية ذات تبعيات أمنية بحدوث فتنة، ولكن في الواقع كانت هذه الجهات هي التي سعت جاهدة لإثارة الفتنة. على الرغم من تلك التوقعات، فإن مطالب المحتجين لم تتلاشَ، وظلت كلمتهم ترتفع، مما جعل هذه الانتفاضة تستمر على نحو متواصل.
وعلى الرغم من المحاولات الفاشلة لبعض الجهات لإثارة الفوضى، إلا أن كلمة المحتجين استمرت في الصعود، مما جعل هذه الانتفاضة تصبح واحدة من أطول وأكثر الاحتجاجات سلمية وحضارية في العالم، وفقاً لتصريحات إعلامية وسياسية عديدة.