نشرت الحملة الانتخابية لعضو مجلس النواب المصري المعارض، أحمد الطنطاوي، نتائج قال إنها "موثقة" للانتخابات التي جرت أخيراً في دائرة قلين بمحافظة كفر الشيخ، تثبت حصوله على أعلى الأصوات في جولة الإعادة على غرار الجولة الأولى، بخلاف ما أعلنته اللجنة القضائية العامة (المركزية) في المحافظة، من حلوله في المركز الخامس لترتيب المرشحين الستة المتنافسين على المقاعد الثلاثة المخصصة للدائرة في البرلمان.
وفيما وصفها سياسيون بـ"فضيحة مدوية"، أعلنت لجنة الانتخابات العامة في محافظة كفر الشيخ، فجر الأربعاء الماضي، خسارة الطنطاوي في انتخابات مجلس النواب الجديد، بعد نحو ساعتين من تسريب أجهزة الأمن خبراً عن خسارته، ونشره بصيغة "موحدة" على جميع المواقع الإخبارية الموالية للنظام، على الرغم من حصوله على أعلى الأصوات في الدائرة، وفقاً لنتائج محاضر الفرز الرسمية الصادرة عن لجان الانتخاب الفرعية في الدائرة.
وقال الطنطاوي، في مقطع فيديو نشرته حملته الانتخابية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اليوم الأحد: "كنت قد قررت تأجيل الحديث إلى حين الاستقرار على رؤية أو تصور للمستقبل، لأن الحديث عن الماضي تحصيل حاصل. ما جرى معنا في الحملة الانتخابية محل اتفاق من كل المنصفين، وأوجه الشكر إلى جميع من انتخبوني في دائرة قلين وكفر الشيخ، ومن وقف معنا في هذه المعركة الانتخابية".
وتابع الطنطاوي: "لقد حصلت على الترتيب الأول في الجولة الأولى، وفي جولة الإعادة كذلك، وبفارق كبير عن أقرب المنافسين، وهو ما يخالف ما أعلنته اللجنة العامة في المحافظة من نتائج. وأقول هذا حتى لا يُلام أو يُعاتب أي ناخب في دائرة كفر الشيخ، فلا توجد خصومة لدينا إلا مع الساعين إلى قهر إرادة الناخبين، أو شراء ذممهم بأموال قليلة استغلالاً لحاجتهم المرة".
وواصل قائلاً: "هذا الانتصار الواضح والقاطع لنا في انتخابات الدائرة، الذي سندلل عليه بنتائج موثقة، يدفعنا إلى مطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة ما أُرسل إليها من نتائج من اللجنة العامة، وأن تسعى إلى محاسبة كل مخطئ ومعاقبته. وننتظر تصحيح الأخطاء حتى لا تتكرر مثل هذه الأفعال، لما تمثله من عبث بإرادة الناخبين، وتهديد لمستقبل نتطلع إليه. نريد أن يأتي بشكل آمن، وفي الأطر الدستورية، من خلال الاحتكام إلى صناديق الاقتراع".
وزاد الطنطاوي: "أوجه الشكر إلى جميع المواطنين الذين كظموا غيظهم، وقبلوا بترك مساحة لنا لخوض المسار القانوني للطعن في نتائج هذه الانتخابات. والضمير الوطني يرفض في معظمه كل ما حدث من تدخلات في الانتخابات، واستخدام للمال السياسي في جميع الدوائر. ولكن كان هناك مستوى آخر من القهر والفساد السياسي والمالي في دائرة كفر الشيخ على وجه أخص".
واستطرد الطنطاوي: "يجب أن تتوقف جميع هذه المظالم في مصر، وأن تكون هناك وقفة جادة من خلال قراءة متأنية في نتيجة الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي مثلت مواجهة بين أفكار منتمية إلى الماضي، وأخرى منتمية إلى المستقبل. ونحن نتحدى أي فرد أو جهة في الدولة بنشر أرقام مغايرة للنتيجة التي نشرناها، وهي نتيجة موثقة تشير إلى فوزنا بالترتيب الأول في جولة الإعادة كما جرى في الجولة الأولى".
وأردف بقوله: "النتيجة المُعلنة من اللجنة العامة جاءت مناقضة لإرادة الناخبين، وطالبت في أثناء مناقشة التعديلات الدستورية العام الماضي بضمان حق المصريين في الكشف عن محاضر نتائج الفرز في اللجان الفرعية كاملة، وأن تُنشر هذه النتائج من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات. فليس هناك أي مبرر للاعتداء على هذه الضمانة، بوصفها من أبسط حقوق الناخبين".
وأضاف الطنطاوي: "للعلم، هذا الأمر تكرر معنا في الجولة الأولى للانتخابات، حين تظلمنا من النتيجة رغم حصولنا على المركز الأول بأكثر من 11 ألف صوت عن أقرب المنافسين، وهذا لأننا متسقون مع أنفسنا، ونرفض أي خطأ مهما كان المتضرر. وسأتحدث تفصيلياً عن المستقبل قريباً، ورؤيتنا في مواجهة مثل هذه الممارسات".
واستدرك الطنطاوي: "ليس لدي أي رغبة في الانتقام من هؤلاء، وعلى العكس أنا مشفق عليهم، وأتمنى أن لا يُقهر أحد في مصر قريباً. وسنستمر في المجاهدة لتحسين الأوضاع الحالية، ولو قُدر لنا أن نكون يوماً ما من أصحاب القرار، فلن نستخدم ذلك أبداً في التشفي أو الانتقام. وكل ما نطلبه هو المحاسبة، لأن هناك مؤسسات في الدولة لا تستحق الصورة التي يقدمها عنها بعض أفرادها"، على حد تعبيره.
وقال الطنطاوي: "نحن ندرس الآن جميع الخيارات خلال الفترة المقبلة، وسأعلنها في حينه، وليس من بين اختياراتي الآن أو مستقبلاً أن أغادر المشهد أو أسافر إلى الخارج، لأن ليس لدي ما أخشى معه مواجهة العدالة، أو الخجل من النظر في عين أمي. هذا ما ألزمت به نفسي طوال الوقت طوعاً، طمعاً في احترام ومحبة الناس، وقد كان".
وختم الطنطاوي: "رغم الألم يحيا الأمل، ورغم محاولات جميع الذين يحاولون خنقنا، لا يصح إلا الصحيح، وسيأتي يوم نراه قريباً، ويرونه بعيداً، وهذا هو ظننا بالله، فنحن في خصومة مع السلطة، وليس مع الوطن. ومن حقنا أن نسعى إلى تداول السلطة من خلال صناديق الاقتراع، حتى لو كان هذا الطريق متعثراً. والأهم هو الحفاظ على الوطن، وعدم ارتكاب أي سلوك خارج إطار القانون بسبب الغضب. ونحن سنستكمل المسار القانوني في الطعن في نتائج الانتخابات، متمسكين بإيماننا العميق بكلام الله تعالى: وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ".
تجدر الإشارة إلى تلويح الطنطاوي بتزييف اللجنة القضائية في محافظة كفر الشيخ نتائج الانتخابات في دائرته، مشدداً على امتلاكه أوراقاً ومستندات "في منتهى الخطورة". وقال عقب إعلان النتيجة الرسمية: "هناك اختلافات شديدة بين الأرقام التي حصلنا عليها في محاضر اللجان الفرعية، وما أعلنته اللجنة العامة، وهو أمر في منتهى الخطورة، ونطالب بإعادة النظر فيه".
ومن المفترض أن تكون الانتخابات المنقضية، الأخيرة التي تُجرى تحت إشراف قضائي كامل بموجب قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، الذي نص على استمرار الإشراف القضائي على الانتخابات والاستفتاءات لمدة عشر سنوات من تاريخ العمل بدستور 2014. وهو ما يعني تسليم الأجهزة الأمنية والمحلية عملية الإشراف على الانتخابات بشكل فعلي تحت ستار "الهيئة الوطنية"، اعتباراً من الانتخابات الرئاسية المقررة في مطلع عام 2024.
وتحل الذكرى العاشرة للثورة المصرية بالتزامن مع انعقاد أولى جلسات مجلس النواب الجديد الشهر المقبل، الذي تغيب المعارضة عنه تماماً على غرار مجلس الشعب عام 2010، الذي مثل أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، جراء تزوير الانتخابات بصورة فجة لمصلحة مرشحي "الحزب الوطني" الحاكم بشكل استفز جموع المصريين، ودفع القوى السياسية (آنذاك) إلى الانسحاب من جولة الإعادة.