مشاهد من ميدان التحرير "يوم 25 يناير": حنين للثورة وتوجس أمني روتيني

مشاهد من ميدان التحرير في "نهار 25 يناير": حنين للثورة وتوجس أمني روتيني

25 يناير 2023
شهد الميدان حالة استرخاء أمني أكثر من الأعوام السابقة (Getty)
+ الخط -

الخامس والعشرون من يناير/كانون الثاني، مر اليوم عادياً بذكرى الثورة المصرية التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، غير أن اللافت هذه المرة كان حالة الاسترخاء الأمني التي لم تخل من روتين موسمي ببعض التشديد الحاصل مع كل ذكرى لاحتجاج أو مذبحة.

ولم تشهد القاهرة توتراً روتينياً كبيراً مثلما كان يجري عادة في مثل تلك المناسبات، من توقيف للمارة بوسط القاهرة، وتفتيش هواتفهم المحمولة بحثاً عن قرائن للاشتباه والإدانة، مثل مشاركات وآراء سياسية على "فيسبوك" و"تويتر"، تشي بصاحبها للضابط.

في ميدان التحرير، الذي شهد الشرارة الأولى للثورة في منتصف نهار يوم الثلاثاء من عام يناير/كانون الثاني عام 2011، تمركزت قوات شرطية على أطراف الميدان، وشهد وجود مجموعات من الضباط بالزي الرسمي وأفراد الشرطة السريين في زوايا وأركان الميدان، دون عمليات التفتيش المعتادة للمارة وهواتفهم المحمولة، التي كانت قيادات أمنية تنفي تكرارا صدور تعليمات أمنية بشأنها.

فيما يقول متابعون إن أفرادا من الشرطة يجتهدون بهذا الإجراء الذي يجعل في أيديهم آخر النهار "حصيلة معتبرة" من الهواتف المحمولة التي "يفر" أصحابها عند إيقافهم، في ظل "تعمد" الأمن ترك حرية الحركة لهم، "فإذا كان الشخص بالفعل مشتبها بمعارضته للنظام، يجري تاركا هاتفه في أيديهم، وهو المطلوب"، بحسب مواطنين تعرضوا للتفتيش في كمائن بوسط القاهرة.

زياد، شاب ثلاثيني شارك في الثورة، جاء للميدان اليوم حاملاً هاتفاً خلوياً قديماً بلا تطبيقات حديثة للتواصل الاجتماعي، ووقف على أطراف الميدان -لغير غرض التظاهر- متظاهراً بأنه بانتظار وسيلة مواصلات، فيما كان يتمتم سراً بقراءة الفاتحة والدعاء للشهداء الذين سقطوا هنا قبل اثني عشر عاما.

وقال لـ"العربي الجديد": "أتحوط لئلا يلاحظ أحد ما -ربما يكون من الشرطة السرية- حركة شفاهي وأنا أتمتم بالفاتحة والدعاء لرفاقي الشهداء الذين قضوا نحبهم هنا وهم يهتفون بصوت عال، لا بدعاء سري على الظالمين".

أما دعاء، وهي تنتمي لأحد الأحزاب التي نشأت بعد الثورة، فقد اقتفت اليوم آثار أقدامها على الأرض التي خطتها قبل اثني عشر عاما، قاطعة عدة كيلومترات مشياً وسط المتظاهرين من بولاق مروراً بالدقي ووصولا إلى الميدان، قبل أن تفض الشرطة التظاهرات في منتصف تلك الليلة المشهودة.

تقارير عربية
التحديثات الحية

عشرات أفراد متفرقين عبروا الميدان مشياً أو وقفوا لدقائق، خلال وجود مراسل "العربي الجديد" بالميدان، ربما يكون بينهم من هم مثل زياد ودعاء، يمكن ملاحظة أمارات الأسى والحنين على ملامح بعض الوجوه.

وباستثناء ضباط على كراس في الأطراف، وسائحين نزلوا من حافلات سياحية أمام المتحف المصري في قلب الميدان فاستندوا على حوائط المتحف بانتظار بقية الفوج على ما يبدو، لم يُشاهد أحد من المصريين جالسا في الميدان.

"الجلوس ممنوع"، عبارة متكررة قيلت من أفراد أمن لعشرات من المارة بالميدان من قبل بشكل خشن وفظ في أيام ذكريات الثورة وتوابعها، وسجلتها وقائع معروفة، ومنها واقعة للصحافية نور الهدى زكي وصديقتها اللتين تلحفتا بعلم فلسطين وسط الميدان وجلستا في حديقته فجرى احتجازهما لساعات قبل عامين.

وتزايدت المخاوف من الاعتقال عموماً عاماً بعد الآخر بين مؤيدي الثورة، ولم تتكرر الحركة الاحتجاجية للناشطة سناء سيف، شقيقة علاء سيف، حينما عبرت عام 2016 ميدان التحرير وهي ترتدي زياً مكتوباً عليه "لساها ثورة يناير"، أي أنها ستظل حية، دون أن تتعرض لأذى. 

اليوم سرت المخاوف فتجنب الجميع الجلوس بالميدان عموما، وفي الأيام المشهودة خصوصا، و"من غير المعروف من أين يبرز رجال الأمن فجأة وكأن الأرض انشقت عنهم"، بحسب مغردين تعرضوا لتلك التجربة القاسية.

وإضافة إلى الذين نزلوا للميدان حنيناً ووفاء للشهداء، امتلأت صفحات مواقع التواصل بآلاف التغريدات والمنشورات التي تكشف حالة من الشجن، ما اعتبره بعضهم دلالة على أن الثورة حية لا تزال، ولم تمت.

وفي لفتة نادرة من إحدى مؤسسات الدولة، قدم شيخ الأزهر أحمد الطيب التهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي وجموع المصريين بـ"ذكرى ثورة 25 يناير المجيدة، التي كتبت فصلًا جديدًا في تاريخ النضال المصري والسعي نحو النهوض بالوطن".