حتى اللحظة، ليست واضحة لتجار شارع صلاح الدين في القدس المحتلة، وهو شريان الحركة التجارية في المدينة المقدسة، طبيعة المخطط التهويدي الاستيطاني الذي تعتزم بلدية الاحتلال في القدس تنفيذه في الشارع المذكور من خلال تحويله إلى ممر مفتوح للمشاة فقط.
ووفق ما يؤكده رجل الأعمال المقدسي حجازي الرشق الذي يرأس لجنة التجار في الشارع المذكور في حديثه لـ"العربي الجديد"، فإن طواقم من بلدية الاحتلال في القدس حضرت إلى شارع صلاح الدين، قبل نحو أسبوعين، وعلقت لافتات فيه باللغة العبرية تتحدث عن مخطط ستنفذه بعد أن تستنفد الاعتراضات عليه من قبل التجار .
ولفت إلى أنه تم إمهال التجار حتى الثالث والعشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، للاعتراض على المخطط. ويتابع الرشق: "لقد حضر طاقم من بلدية الاحتلال وأبلغناهم بجهلنا بطبيعة المخطط وبالتالي على ماذا نعترض؟ ولماذا لم ينشر باللغة العربية حتى يمكن الاعتراض عليه؟ وهل سنعترض على أمر مجهول؟ قالوا لنا: إن المخطط مودع في البلدية، توجهوا إلى هناك لتطلعوا على تفاصيله".
ويضيف الرشق: "إثر ذلك، توجهنا إلى المحامي مهند جبارة، وكلفناه بمتابعة القضية مع اللجنة اللوائية الإسرائيلية للبناء في بلدية الاحتلال لمعرفة تفاصيل المخطط، ومن ثم تقديم الاعتراضات المناسبة عليه".
وأوضح أن أي مخطط يستهدف الشارع الذي يمثل عصب الحركة التجارية في القدس خارج أسوار بلدتها القديمة، سيؤدي إلى نتائج كارثية تطاول قطاعاً كبيراً من المحال التجارية ومكاتب المؤسسات والعاملين في المهن كالمحامين والمهندسين والفنادق، وحتى المحكمة الشرعية التي تقدم خدماتها للمواطنين، كما يوجد فيه المقر العام الرئيس لشركة كهرباء القدس.
ويتساءل الرشق "كيف يمكن أن تقطع حركة المركبات عن هذا الشارع الذي من خلاله يصل العاملون في محلاتهم ومتاجرهم ومكاتبهم وحتى في عيادات الأطباء وكذلك أفواج السياح إليه دون استخدام وسائل النقل الخاصة؟".
وعن طبيعة ما نفذته وستنفذه سلطات الاحتلال في القدس المحتلة من مخططات، يقول الخبير في شؤون التنظيم والبناء في القدس المحامي مهند جبارة، لـ"العربي الجديد": "إن المخطط يُطلق عليه (مشروع مركز المدينة شرق)، وهو يبدأ من المصرارة على الشارع رقم واحد مروراً بشوارع السلطان سليمان وصلاح الدين والزهراء والأصفهاني والرشيد وشارع عثمان بن عفان في واد الجوز، وصولاً إلى منطقة الشيخ جراح وفندق (الأمريكان كولوني) وامتداداً على الشارع رقم واحد الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي".
وأشار جبارة إلى أن الحديث يدور عن مخطط تفصيلي عملت عليه بلدية الاحتلال في القدس منذ 20 عاماً.
وأوضح أن المخطط المذكور سيؤثر عملياً على 300 ألف مقدسي، تجاهلت بلدية الاحتلال في القدس خلاله الاتصال والتشاور مع السكان وأصحاب المحال التجارية في الشوارع والأحياء التي يشملها المخطط.
ودعا جبارة إلى النظر إلى التفاصيل الكاملة للمخطط "الضخم" من خلال الخبراء والمهندسين ومعرفة كل تفاصيل المخطط.
ويلفت إلى أنّ الحديث يدور عن مخطط يحدد الوضعية التنظيمية للعقارات في مركز المدينة لشرقي القدس لعشرات السنين المقبلة، إذ سوف يتم تقييد أي بناء مستقبلي يتم اقتراحه في هذه المنطقة بموجب هذا المخطط.
وبيّن أنه لن يكون للفلسطينيين أصحاب الأرض والمكان أي مشاركة في بلورة وتحديد الوضعية التنظيمية للأحياء والأماكن التي يسكنونها والمحال التجارية التي يشغلونها، وهو الشيء الذي يتنافى كلياً مع القانون الدولي ومعاهدة جنيف الرابعة التي تمنع المحتل من تغيير ملامح الأراضي المحتلة التي يسيطر عليها دون الأخذ برأي أصحاب الأرض.
ويؤكد جبارة أن المشروع لا يعطي الفلسطينيين أي إمكانية للتطور الديمغرافي، ويقتصر المشروع على إعطاء أصحاب العقارات بناء حتى خمس طبقات فقط، بينما تعطي بلدية الاحتلال في القدس لأصحاب العقارات في مركز المدينة في غربي القدس إمكانية البناء حتى 16 طبقة.
وبين أن المشروع يتضمن الكثير من التغييرات في شرقي المدينة، مشيراً إلى أن ذلك يُحتم النظر إلى التفاصيل الكاملة للمخطط من خلال الخبراء والمهندسين من أجل معرفة كل تفاصيله.
وأضاف "بالرغم من ضخامة المخطط، إلّا أنّ المخطط تفصيلي، بمعنى أنه يمكن من خلاله التقدم بطلب ترخيص للبناء بموجبه دون الحاجة إلى مخطط تفصيلي آخر".
وفي إطار متصل، يوضح المحامي مهند جبارة أنّ المخطط التفصيلي لمركز المدينة المقدسة شيء لا علاقة له بما تم تداوله مؤخرًا بالنسبة لنية بلدية الاحتلال في القدس والداخلية الإسرائيلية المصادقة على مخطط عام، والذي لن يتم إيداعه للاعتراضات والذي يرسم رؤية البلدية والداخلية الإسرائيليتين لما يُسمى مشروع وادي السيلكون في وادي الجوز والذي يهدف إلى إغلاق المنطقة الصناعية في وادي الجوز وإعطاء أصحاب العقارات الحق في التقدم بمشاريع تفصيليه لإقامة مبانٍ ضخمة للمكاتب وشركات الهايتيك، وما شابه والتي تصل إلى 16 طابقاً.
وتابع "من المتوقع المصادقة على هذا المخطط للسياسات التنظيمية لبلدية الاحتلال في القدس في منطقة وادي الجوز حتى نهاية هذا العام".
تجدر الإشارة، إلى أن لجنة التسميات في بلديّة القدس الإسرائيليّة أعلنت في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 2017، أنها تدرس طلبًا قُدِّم من أحد النوّاب الإسرائيليين المتطرفين في الكنيست (البرلمان) لتغيير اسم شارع صلاح الدين إلى شارع دونالد ترامب ردًا على قراره بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارة الأميركيّة إليها في ذات الشهر.