محمد يونس الحائز جائزة نوبل سيرأس حكومة انتقالية في بنغلادش

07 اغسطس 2024
محمد يونس يتحدث إلى وسائل الإعلام في دكا، 16 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أعلنت بنغلادش تشكيل حكومة انتقالية برئاسة محمد يونس بعد فرار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة وحل البرلمان، وذلك عقب لقاء بين الرئيس وكبار ضباط الجيش وقادة حركة "طلبة ضد التمييز".
- شهدت البلاد اضطرابات واسعة النطاق، حيث بلغت الاحتجاجات ذروتها مع فرار حسينة، مما أدى إلى مقتل 432 شخصاً وإقالة قائد الشرطة الوطنية وتعديلات في الجيش.
- أعربت الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقها إزاء الهجمات على الأقليات، وأفرج الرئيس عن المعتقلين، بما في ذلك خالدة ضياء، وسط تحديات كبيرة لإعادة بناء الديمقراطية.

أعلنت الرئاسة في بنغلادش، الأربعاء، أن محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام سيرأس حكومة انتقالية، بعد حل البرلمان وفرار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة إلى الخارج. واتخذ قرار "تشكيل حكومة انتقالية (...) برئاسة يونس" خلال لقاء بين رئيس الجمهورية محمد شهاب الدين وكبار ضباط الجيش وقادة مجموعة "طلبة ضد التمييز"، الحركة التي نظمت التظاهرات في مطلع يوليو/تموز، بحسب بيان الرئاسة.

وجاء في البيان أن "الرئيس طلب من الشعب مساعدته في تجاوز الأزمة. إن التشكيل السريع لحكومة انتقالية ضروري للتغلب على الأزمة". وكان يونس، الموجود في أوروبا، قد أبدى الثلاثاء استعداده لتولي رئاسة حكومة انتقالية. وقال في بيان: "لقد ظللت طيلة الوقت بعيدا عن السياسة ... لكن اليوم، إذا كان من الضروري العمل في بنغلادش من أجل بلدي، ومن أجل شجاعة شعبي، فسأفعل".

وقال مكتب يونس الموجود حالياً في أوروبا، إنه سيصل إلى العاصمة دكا الساعة 14,10 (08,10 بتوقيت غرينتش) غدا الخميس.

وكان الخبير الاقتصادي البالغ 84 عاماً، والمعروف بإخراج ملايين الأشخاص من الفقر بفضل مصرفه الرائد للتمويل الأصغر، على خلاف مع الشيخة حسينة التي اتهمته "بامتصاص دم الفقراء". وأكد قائد حركة "طلاب ضد التمييز" ناهد إسلام القرار أمام الصحافيين بعد اجتماع دام ثلاث ساعات في الرئاسة، ووصف المناقشات بأنها "مثمرة". وأضاف أن الرئيس شهاب الدين وافق على "تشكيل الحكومة الانتقالية في أسرع وقت ممكن".

في مؤتمر صحافي الثلاثاء، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن السلطات الجديدة في بنغلادش "يجب أن تحترم مبادئ الديمقراطية ويجب أن تحفظ سيادة القانون وأن تعكس إرادة الشعب". والأربعاء، أعلنت باكستان "تضامنها مع شعب بنغلادش" على أمل "العودة إلى الحياة الطبيعية" و"مستقبل متناغم" لجارتها، في أول رد فعل على الاضطرابات المستمرة في البلاد التي تأسست في 1971 بعد انفصالها عن باكستان.

وحل الرئيس البرلمان الثلاثاء نزولا عند طلب قادة الاحتجاجات الطلابية وحزب بنغلادش الوطني المعارض الذي يطالب بانتخابات في غضون ثلاثة أشهر. وكانت حصيلة القتلى الاثنين الأعلى خلال يوم واحد منذ بدء الاحتجاجات مطلع يوليو/ تموز، ليرتفع إجمالي قتلى التظاهرات إلى 432، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادًا إلى بيانات صادرة عن الشرطة ومسؤولين حكوميين وأطباء في المستشفيات.

وبلغت الاحتجاجات ذروتها الاثنين مع فرار الشيخة حسينة (76 عاما) على متن مروحية حطت في قاعدة عسكرية بالقرب من نيودلهي، بحسب وسائل إعلام هندية، لكن مصدرًا رفيع المستوى أكد أنها "عبرت" البلاد وتوجهت إلى لندن. إلا أن دعوة الحكومة البريطانية إلى فتح تحقيق تقوده الأمم المتحدة في "مستويات العنف غير المسبوقة" تثير الشكوك حيال هذه الوجهة.

الشرطة في بنغلادش تطلب الصفح

وفي هذه الدولة الغارقة في أزمة، طلبت نقابة الشرطة الرئيسية في بنغلادش في بيان "الصفح عما قامت به قوات الشرطة" التي "أجبرت على إطلاق النار" وتم إظهار عناصرها على أنهم "أشرار". وأعلنت الإضراب "إلى أن يتم ضمان سلامة كل فرد من أفراد الشرطة".

وأقال الرئيس قائد الشرطة الوطنية، كما أجرى الجيش تعديلات شملت خفض رتبة عدد من كبار الضباط ممن يُعدون مقربين من حسينة. وأعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان الاثنين العمل على تشكيل "حكومة مؤقتة". وبعد الإعلان، خرج الملايين إلى شوارع دكا واقتحم متظاهرون البرلمان وأحرقوا محطات تلفزيونية وحطّموا تماثيل لوالد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن بطل الاستقلال.

بدت شوارع العاصمة هادئة إلى حد كبير الثلاثاء بعدما استؤنفت حركة السير وفتحت المتاجر أبوابها، لكن المقار الحكومية بقيت مغلقة. وأفاد شهود عيان "فرانس برس" بأن مكاتب رابطة عوامي، حزب حسينة، تعرضت للحرق والنهب في أنحاء البلاد. كما أفاد شهود بأن بعض الأعمال التجارية والمنازل المملوكة للهندوس، وهي فئة يرى البعض في الدولة ذات الغالبية المسلمة أنها كانت مقرّبة من حسينة، تعرّضت لهجمات.

وأعربت الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقها بعد التقارير التي تحدثت عن هجمات على مجموعات دينية وإثنية وأقليات أخرى. وقال افتخار الزمان، مدير منظمة الشفافية الدولية في بنغلادش، إن "هجمات كهذه على الأقليات تتعارض مع الروح الأساسية للحركة الطلابية المناهضة للتمييز".

كما نقلت وكالة رويترز عن مصدرين حكوميين هنديين، قولهما إن الهند أجلت كل الموظفين غير الأساسيين وأفراد أسرهم من سفارتها وقنصلياتها في بنغلادش، وأشارا إلى أن جميع الدبلوماسيين الهنود لا يزالون في بنغلادش وأن البعثات تعمل بشكل طبيعي. وإلى جانب المفوضية العليا أو السفارة في العاصمة داكا، تمتلك الهند قنصليات في أربع مدن أخرى. كذلك، نصحت وزارة الخارجية الفرنسية رعاياها بتجنب السفر إلى بنغلادش.

الإفراج عن خالدة ضياء

وفازت الشيخة حسينة التي تولت السلطة في 2009، بولاية خامسة في يناير/ كانون الثاني بعد انتخابات دون معارضة حقيقية. وبدأت الاضطرابات الشهر الماضي على شكل احتجاجات ضد توزيع الوظائف الحكومية بموجب نظام محاصصة تستفيد منه شرائح اجتماعية وعائلات معينة، قبل أن تتصاعد إلى مطالبة حسينة بالتنحي. واتّهمت مجموعات حقوقية حكومتها بسوء استغلال مؤسسات الدولة لتعزيز قبضتها على السلطة والقضاء على أي معارضة، بما في ذلك عبر قتل ناشطي المعارضة خارج نطاق القضاء.

وأمر الرئيس بالإفراج عن الأشخاص الذين اعتقلوا خلال التظاهرات مساء الاثنين. وأُفرج عن رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء (78 عاماً) بعد سنوات من الإقامة الجبرية، وفق ما أفاد حزبها.

وحُكم على المعارضة الرئيسية للشيخة حسينة، زعيمة حزب بنغلادش الوطني، بالسجن 17 عاماً بتهمة الفساد في 2018. وقال توماس كيان من مجموعة الأزمات الدولية إن السلطات الجديدة تواجه تحدياً هائلاً، "فالحكومة المؤقتة ... تحتاج إلى الشروع في المهمة الطويلة المتمثلة في إعادة بناء الديمقراطية التي تدهورت بشدة في بنغلادش في السنوات الأخيرة".

 

(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)