محادثات سويسرا بشأن السودان: واشنطن تدعو الجيش للمشاركة

15 اغسطس 2024
متظاهرات يطالبن في جنيف بوقف الحرب في السودان، 15 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الولايات المتحدة دعت الجيش السوداني للمشاركة في محادثات وقف إطلاق النار في سويسرا لإنهاء النزاع المستمر منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.
- تظاهر مئات السودانيين أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف مطالبين بوقف الحرب ومشاركة العسكريين في المفاوضات لتحقيق السلام والعدالة، بعد فشل المحادثات السابقة في جدة.
- رغم قبول قوات الدعم السريع المشاركة، أبدت السلطات السودانية تحفظها على آلية المفاوضات واختلفت مع واشنطن بشأن المشاركين، مما يعقد جهود إنهاء الأزمة الإنسانية.

دعت الولايات المتحدة أمس الأربعاء الجيش السوداني للانضمام إلى محادثات وقف إطلاق النار التي انطلقت في سويسرا، بمشاركة خصمه فقط، وتهدف لوضع حد للنزاع الدامي في السودان. ويغرق السودان منذ إبريل/ نيسان 2023 في حرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، وضعت البلاد على شفير المجاعة.

ومع بدء المحادثات وعدم حضور البرهان، بادر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للاتصال به هاتفياً وحضه على الانضمام. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتيل إن بلينكن "أعاد تأكيد ضرورة المشاركة" في مكالمته مع البرهان. وأضاف باتيل أن بلينكن أبلغه "بالحاجة الملحة" لكلا الطرفين "لإنهاء الحرب وضمان وصول المساعدات الإنسانية لملايين السودانيين الذين يعانون".

وكتب المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو على منصة إكس: "حان الوقت لإسكات البنادق!" بعيد افتتاح الاجتماع الذي يعقد في موقع لم يكشف عنه لدواع أمنية. دعوة بيرييلو لوقف إطلاق النار ردّدها مئات من السودانيين الذين تظاهروا أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف، على غرار أماني ماغوب الوافدة من لندن. قالت ماغوب في تصريح لوكالة فرانس برس: "الوضع في غاية الخطورة، ونريد أن تتوقف الحرب فوراً. نريد أن يشارك العسكريون في المفاوضات، نريد السلام، نريد العدالة".

وقالت لينا رشيد، التي نظّمت التحرّك: "هذا الأمر يجب أن يتوقف، الشعب السوداني عانى بما فيه الكفاية".

وباءت بالفشل كل جولات التفاوض السابقة التي أجريت في جدة في السعودية. وفي نهاية يوليو/ تموز، دعت واشنطن الطرفين المتحاربين إلى جولة جديدة من المفاوضات في سويسرا أملاً في وضع حدّ للحرب المدمّرة المستمرة منذ ما يقرب من 16 شهراً. وترمي المناقشات إلى توسيع نطاق إيصال المساعدات الإنسانية وإيجاد آلية مراقبة وتدقيق لضمان تطبيق أي اتفاق.

وبينما قبلت قوات الدعم السريع الدعوة للمشاركة في المحادثات، أبدت سلطات السودان الذي يحكمه قائد الجيش فعلياً تحفّظها على آليتها، وعبرت عن اختلافها مع الولايات المتحدة في شأن المشاركين. وترغب واشنطن في إشراك الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقبين في محادثات جنيف التي ترعاها مع السعودية وسويسرا، ويفترض أن تستمر لعشرة أيام على أبعد تقدير.

لكن الحكومة السودانية بقيادة الجيش احتجّت على إشراك الإمارات، في حين تعتبر الولايات المتحدة أن أبو ظبي والقاهرة يمكن أن تكونا "ضامنتين" لعدم بقاء أي اتفاق حبراً على ورق. وقال كاميرون هدسون، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "لقد حاولت الولايات المتحدة خلق الوهم بوجود لحظة من الزخم لإجبار القوات المسلحة السودانية على التعاون.. لكن الجيش السوداني فهم أنها خدعة، لأنه يعلم أن المجتمع الدولي منقسم".

وأضاف لوكالة فرانس برس "إن الطريقة الوحيدة لحملهم على التفاوض هي القوة الغاشمة: إما أن يشعروا بأنهم يواجهون خطر خسارة الحرب في ساحة المعركة، أو خطر العزلة الدبلوماسية الحقيقية وخطر الدمار الاقتصادي الحقيقي، لكنهم لا يخضعون لأي من هذه الضغوط في الوقت الحالي".

ضحايا حرب السودان

إلى الآن، أوقعت الحرب الدائرة في السودان منذ 2023 عشرات آلاف القتلى وأدت إلى أزمة إنسانية كبرى، وفق الأمم المتحدة، التي على غرار منظمات غير حكومية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، تندّد بعوائق توضع أمام العمل الإنساني. وفي مؤتمر صحافي، قال مسؤول برنامج أطباء بلا حدود في السودان فيتوريو أوبيتسي إن إيصال المساعدات على نحو آمن وبدون عوائق "يجب ألا يكون مرهوناً بوقف القتال العدائية أو إيجاد حل للنزاع".

وفي أوائل أغسطس/ آب، قالت وكالة تتلقى الدعم من الأمم المتحدة إن الحرب تسببت بمجاعة في مخيم زمزم، بالقرب من بلدة الفاشر المحاصرة، عاصمة ولاية شمال دارفور. ويدور قتال عنيف منذ بداية مايو/ أيار في مدينة الفاشر، العاصمة الوحيدة لولايات دارفور الخمس غير الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع التي تحاصرها.

وأفادت جمعية محامي الطوارئ التي تضم مجموعة من المحامين السودانيين الذين يوثقون الفظائع المرتكبة منذ بداية الحرب، عن "تكثيف القصف المدفعي العشوائي من قبل قوات الدعم السريع على المناطق المدنية" هذا الأسبوع، لا سيما في الفاشر وأم درمان، حيث أبلغوا عن قصف مدرسة وحافلة تقل مدنيين ومستشفى.

وفق بيان لمنظمة أطباء بلا حدود، قُتل منذ 10 أغسطس 15 شخصاً على الأقل وجُرح أكثر من 130 آخرين في الفاشر. ووقع هجوم جديد في أغسطس ضد المستشفى السعودي الذي تدعمه "أطباء بلا حدود"، والذي يعد آخر المستشفيات العامة القادرة على معالجة الجرحى في المدينة. وأشار البيان إلى أن الهجوم "تسبب بأضرار كبيرة" في المستشفى وعطّل جزءا من خدماته.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون