مستوطنة جديدة في الضفة الغربية.. سعي لتحقيق حلم القدس الكبرى ووأد دولة فلسطين

15 اغسطس 2024
مستوطنة إفراتا على المشارف الجنوبية لمدينة بيت لحم، 27 يونيو 2020 (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وافق وزير المالية الإسرائيلي على بناء مستوطنة جديدة في الضفة الغربية تربط بين غوش عتصيون والقدس، مما يعزز مشروع "القدس الكبرى" ويعقد إمكانية قيام دولة فلسطينية مترابطة.
- المستوطنة الجديدة تشمل بنية تحتية معقدة مثل الأنفاق، وتضم 3500 وحدة استيطانية و1100 وحدة فندقية، مما يزيد من تعقيد الأوضاع بالنسبة للفلسطينيين.
- الاستراتيجية الإسرائيلية تهدف إلى فصل القرى الفلسطينية في منطقة العرقوب عن بيت لحم، مما يسهل إغلاق المنطقة الغربية أمام الفلسطينيين ويمنع إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً.

بمصادقة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على بناء مستوطنة جديدة في الضفة الغربية على مساحة 602 دونم، تربط بين مستوطنة غوش عتصيون ومدينة القدس، فإن إسرائيل تدفع نحو تحقيق حلم "القدس الكبرى" عاصمةً لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ووأد إمكانية قيام دولة فلسطينية مترابطة، بحسب خبراء في مجال الاستيطان. ويؤكد الخبير في شؤون الاستيطان خليل تفكجي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مصادقة سموتريتش على بناء المستوطنة تأتي ضمن ثلاث بؤر استيطانية في منطقة تعتبرها اليونيسكو تراثاً عالمياً، وهي منطقة أثرية تاريخية تقع جنوب مستوطنة هار جيلو.

وتبدأ الكتلة الاستيطانية الجديدة، بحسب تفكجي، من تجمع غوش عتصيون الاستيطاني في الجنوب، وتربط بمستوطنة اليعازر، لتشكل امتداداً استيطانياً يصل بين غوش عتصيون ومدينة القدس من الناحية الغربية. ومن الناحية الشرقية، تقع مستوطنة أفرات على أراضي بلدة الخضر، بينما يتم تطوير مستوطنة جديدة تحت الإنشاء في منطقة دير مار الياس، تضم 3500 وحدة استيطانية، بارتفاع يصل إلى حوالي 50 طابقاً، بالإضافة إلى 1100 وحدة فندقية، بحسب تفكجي. ويؤكد تفكجي أن البنية التحتية للمستوطنة الجديدة تشمل أنفاقاً كبيرة جرى افتتاحها أخيراً، مما يعزز الاتصال بين المستوطنات، ويزيد من تعقيد الأوضاع بالنسبة للفلسطينيين.

وبحسب تفكجي، تتركز الاستراتيجية الإسرائيلية على كتلة غوش عتصيون الاستيطانية، باعتبارها جزءاً ممّا يسمى "القدس الكبرى"، التي تشكل حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية، مشيراً إلى أن الاستيطان الإسرائيلي يهدف إلى فصل القرى الفلسطينية في منطقة العرقوب، مثل نحالين وحوسان وبتير، عن منطقة بيت لحم، ويكون الدخول إلى هذه المنطقة عن طريق نفق جرى افتتاحه حتى قرية الخضر، مما يسهل إغلاق المنطقة الغربية أمام الفلسطينيين. وتأتي هذه الخطوات، كما يؤكد تفكجي، في إطار خطة استيطانية أوسع تشمل مستوطنة أفيتار المقامة على جبل صبيح جنوبي نابلس، ومستوطنة بيت إيل المقامة على أراضي مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، ومستوطنة ثالثة في منطقة الخليل.

ويشدد الخبير في شؤون الاستيطان خليل تفكجي على أن ما يجري هو محاولة لتسريع إقامة "القدس الكبرى"، واستغلال الظروف الدولية والدعم الأميركي لتعزيز وتسريع الاستيطان في الضفة الغربية، بما يمنع إقامة دولة فلسطينية ويقطع أي تواصل جغرافي وديمغرافي فلسطيني.

وفي تعليقه على قرار الوزير سموتريتش، يؤكد الخبير في شؤون الاستيطان محمد هلسة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العقلية الإسرائيلية الاستيطانية هي ركيزة أساسية في الفكر والفعل الصهيونيين، حيث إن هناك ثلاث كتل استيطانية مركزية في الضفة الغربية، تبدأ من غوش عتصيون في الجنوب، ومعاليه ادوميم في الوسط، وارئيل في الشمال". والمخطط الإسرائيلي، بحسب هلسة، يقوم على أن هذه الكتل الاستيطانية لا يمكن التخلي عنها، من خلال فرض واقع داخل حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 يستبق أية تسوية مستقبلية، و"ما يجري حالياً هو تمتين تلك الكتل وتثبيتها من خلال المزيد من البناء الاستيطاني، بما يخدم الهدف الكبير المتمثل في بقائها تحت السيطرة الإسرائيلية في حال التوصل إلى اتفاق سياسي، علما أن هذا الاتفاق يبقى مستبعدا الآن في ظل الأجواء التي تعيشها المنطقة، ووجود اليمين الإسرائيلي المتطرف".

ويشير هلسة إلى أن "هذا يخدم فكر واستراتيجية اليمين، وهي خطوة ربما تأتي في إطار استعراضي دعائي انتخابي بالنسبة لهذا اليمين، وهو جزء من أجندته، والذي يدعو إلى ضم الضفة الغربية كلها، بما يعني أنه لن تعود فكرة استصدار تراخيص بناء لمزيد من الوحدات الاستيطانية في داخل مناطق الضفة الغربية". ويلفت هلسة إلى أن "سموتريتش، كما هو معلوم، هو نصف وزير أمن في ما يخص الضفة الغربية من حيث صلاحياته في مجال إقرار الموازنات المالية للمستوطنات، وبالتالي هذا يخدم أيضاً فكر اليمين. وبالنسبة للطرف الفلسطيني، فإن كل متر صودق عليه في البناء الاستيطاني يأتي على حساب متر آخر من الأرض الفلسطينية، وسيضر بالأراضي الفلسطينية من خلال مصادرة المزيد منها".

ويقول: "نحن حين نتحدث عن غوش عتصيون على مسافة قريبة من القدس، فهذا يعني أن الكتل الاستيطانية سيلتقي بعضها بعضاً، وكل المناطق الفلسطينية الواقعة بين الكتل الاستيطانية ستكون في مهب الريح، ولن يستطيع الفلسطينيون استثمارها ولا العمل أو البناء فيها، وحتى الذي لا يُصادر، والواقع بين الكتل الاستيطانية، فإنه هو الآخر ينتظر دوره في المصادرة، ما ينسف فكرة الدولة الفلسطينية على المدى البعيد، كدولة متواصلة جغرافياً، لتصبح دولة مقطعة الأوصال ومجرد كانتونات هنا أو هناك". ويرى هلسة أن الهدف الاستراتيجي البعيد هو "وأد فكرة الدولة الفلسطينية ليس فقط في مجال التشريعات، إنما أيضاً في إطار الواقع، من خلال فرض حقائق جديدة على الأرض في مجال الاستيطان".

المساهمون