مجموعة مرتبطة بـ"داعش" توسّع هيمنتها في منطقة الساحل الأفريقية

21 ابريل 2023
يفضّل الجهاديون عزل المدن والسيطرة على المناطق الريفية (توماس كوكس/فرانس برس)
+ الخط -

في ظلّ عمليات قتل واسعة النطاق، عزّز جهاديون مرتبطون بتنظيم "داعش" موقعهم في منطقة شمال شرق مالي الاستراتيجية، ما سمح للجهاديين بالتمدد إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين.

ووسّع تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى هيمنته بشكل كبير في المنطقة الشاسعة والنائية والقاحلة، المعروفة بالمثلث الحدودي، حيث تلتقي حدود ثلاث دول. واستغلّ الجهاديون الفراغ الذي خلّفته مغادرة الجنود الفرنسيين العام الماضي، بحسب الخبراء، فقتل عناصرهم مذاك مئات المدنيين وارتكبوا انتهاكات عدة.

واعتُبرت سيطرتهم هذا الشهر على قرية تيديرميني الواقعة على بعد حوالى 75 كيلومتراً شمال مدينة ميناكا، آخر انتصار يسجّلونه ضمن عملية ناجحة في منطقة ميناكا ضد خصوم تنظيم "داعش".

وخصوم هذا التنظيم الجهادي متنوّعون، من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بـ"القاعدة"، إلى القوات المالية المسلحة، إلى مجموعات محلية مسلحة يهيمن عليها الطوارق.

وكانت عاصمة الإقليم، حيث ينشط الجيش المالي وبعثة إعادة الاستقرار التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المجموعات المسلحة، الجزء الوحيد من المنطقة الذي بقي خارج قبضة تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى.

وقال لـ"فرانس برس" أحد السكان طالباً عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إن "السكان يعانون من صدمة نفسية. لا يمكننا مغادرة ميناكا. الطريق إلى غاو مغلق". لكن من المستبعد أن تشهد المدينة أي هجوم. ففي مالي كما هو الحال في بوركينا فاسو، يفضّل الجهاديون عزل المدن والسيطرة على المناطق الريفية.

نهب

وأفاد مسؤول أممي في المدينة "فرانس برس"، بأن مقاتلي تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى "يتربصون على بعد حوالى 15 كيلومتراً عن ميناكا، ويطلبون ضريبة مرور من شركات النقل التي تربط ميناكا بالنيجر أو غاو، بينما يتم نهب الماشية من المجتمعات" المحلية. وتُعدّ سرقة الماشية مصدر تمويل رئيسياً للتنظيم. والعديد من أعضائه رعاة رحل يشعرون بالتهديد جراء توسع المحاصيل الزراعية في منطقة تعاني من الإهمال من قبل الدولة المركزية.

وأدخل ازدياد عمليات قطع الطرقات التي أعقبتها عمليات تمرّد جهادية واسعة النطاق، المجتمعات الرعوية في دوامة عنف.

وعام 2018، أدى القتال بين تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى، الذي تعهّد بحماية بعض مجموعات فولاني المهمشة من جهة، ومجموعات محلية مسلحة تتشكّل جزئياً من قبيلة داوساهاك التابعة لرعاة من الطوارق من جهة أخرى، إلى مجازر بحق المدنيين ارتكبها الطرفان.

وأصدر تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى فتوى في مارس/آذار 2022 تجيز العنف ضد داوساهاك ومصادرة ممتلكاتهم. وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، هاجم عناصر المجموعة عشرات القرى، وارتكبوا مجازر بحق عدد كبير من المدنيين في شمال شرق مالي في الأشهر التي تلت. وقالت المجموعة الحقوقية إن "هذه الهجمات استهدفت إلى حد كبير مجموعة داوساهاك العرقية".

وتفيد الأمم المتحدة بأن أكثر من 30 ألف نازح انتقلوا إلى مدينة ميناكا خلال العام الماضي. وأفاد مسؤول عسكري مالي، "فرانس برس"، بأنّ "التنظيم يشرّع نهب مجتمعات المتمرّدين وحشد المقاتلين من جميع أنحاء المنطقة الذين تجذبهم المكاسب، ومن ثم شنّ هجمات واسعة واكتساح العدو".

وفي المناطق المحتلة، يُجبر السكان على الخضوع لحكم الشريعة ودفع "زكاة" مقابل الحصول على الحماية. وفي صفوف المجتمعات المهمّشة، استفاد تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى من السخط السائد ضد الدولة التي يرى كثيرون أنها فشلت في الإيفاء بالعهود الأمنية والاجتماعية.

وقال وزير الدفاع النيجري السابق كالا موتاري إنّ الجهاديين "يتبنّون خطاباً يلقى آذاناً صاغية - إنّهم يجنّدون ويعزّزون مواقعهم وينتشرون تدريجياً".

تهديدات

وبحسب المحلل لدى معهد المؤسسات الأميركي ليام كار، فإن تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى سيستخدم منطقة ميناكا كقاعدة دعم لتكثيف عملياته في منطقة الحدود الثلاثية، وقال إن "تنظيم داعش في الصحراء الكبرى يتمدّد غرباً في مناطق شمال مالي وشمال شرق بوركينا فاسو، التي لم يتم التنازع عليها منذ خسر في مواجهات مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين عام 2020".

وتُعتبر منطقة وسط النيجر عرضة للخطر أيضاً، وهي عبارة عن ممرّ عرضه 200 كيلومتر بين مالي ونيجيريا، حيث نشط قطّاع طرق ومهربو أسلحة على مدى عقود.

وفي تقرير عام 2021، لفتت مجموعة الأزمات الدولية إلى الخطر المتزايد لـ"تحول قطع الطرقات إلى عمل جهادي". ويحذّر خبراء أيضاً من تعزيز العلاقات عبر مجموعات إجرامية نافذة عبر الحدود بين تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى، وتنظيم "داعش" في غرب أفريقيا الذي ينشط في شمال شرق نيجيريا.

وقال كار إنّ "الزيادة المتزامنة في أنشطة تنظيم داعش في الصحراء الكبرى وتنظيم داعش في غرب أفريقيا على طول الحدود النيجيرية، سيعزّز سيطرة تنظيم داعش على طرفي الطرق الرابطة بين المجموعتين، وسيشكل ضغطاً على الموارد النيجيرية عبر تشكيله تهديدات على جانبي البلاد".

(فرانس برس)