اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس الجمعة، مشروع قرار يدين انتهاكات النظام ضد الشعب السوري، ويطالبه بكشف مصير المعتقلين وإطلاق سراحهم.
وصوّت على مشروع القرار، الذي قدمته كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا وقطر والأردن والكويت، 25 دولة وامتنعت 16 عن التصويت، في حين عارض القرار 6 دول هي أرمينيا وبوليفيا والصين وكوبا وإريتريا وفنزويلا.
وقال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية، باولو بينيرو، إن مشروع القرار يطالب النظام السوري بـ"إطلاق سراح المعتقلين والمختفين قسرياً فوراً، وتزويد عائلاتهم بالمعلومات الدقيقة والصحيحة حول مصيرهم وأماكن وجودهم".
من جهته، اعتبر المندوب الدائم لبريطانيا لدى الأمم المتحدة في جنيف، سيمون مانلي، أن "هذا أقل ما يمكن فعله لإرسال رسالة مفادها أن العالم لم ينس شعب سورية". وأضاف مانلي، في كلمته أمام المجلس، "الوضع على الأرض في سورية يستمر في التدهور أمام أعيننا، ولا تزال انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق ومنهجية، ويتفاقم الوضع الإنساني ويتدهور الأمن بسبب النظام السوري وداعميه".
وأوضح أن مشروع القرار يركز بشكل خاص على التطورات في سورية خلال الأشهر الستة الأخيرة، "حيث تتسبب الهجمات التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية في مقتل نساء وأطفال أبرياء، ويُحرم المدنيون من الطعام والماء والاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة"، مشيراً إلى أن المعتقلين السوريين "لا يزالون يواجهون ظروفاً مروعة وسوء معاملة وتعذيبا، في حين تعاني عائلاتهم من نوع مختلف من التعذيب، ألا وهو عدم معرفة ما إذا كانوا سيتمكنون من رؤية أحبائهم مرة أخرى ومتى".
ورأى المندوب البريطاني أنه "لا يمكن لمجلس حقوق الإنسان أن يظل صامتاً عندما يتعلق الأمر بتجاهل النظام السوري الصارخ لحقوق شعبه وحياته".
المطالبة بإيصال المساعدات الإنسانية الضرورية من دون عوائق
وكان رئيس لجنة التحقيق الأممية باولو بينيرو تحدث في تصريحات سابقة عن المسارات التي ستعمل بها "آلية التحقيق المستقلة" المشكّلة حديثاً للكشف عن مصير المعتقلين والمختفين قسرياً في سورية، مشيراً إلى أن اللجنة ستعمل في 3 مسارات؛ إنساني وقضائي وسياسي.
وحول هذه النقطة والجهود الدولية المبذولة للكشف عن مصير المعتقلين في سورية، أوضح فضل عبد الغني، رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أنه حتى الآن لم يحصل أي تقدم حقيقي على هذا الصعيد حتى الآن.
وأضاف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن بعض الجهات "تبالغ في التوقعات". وقال: "لنكون صادقين مع الناس، يجب القول إنه حتى لو تم إنشاء الآلية المذكورة، فلن يتم إطلاق المعتقلين بشكل تلقائي، أو الكشف عن مصيرهم".
وأوضح عبد الغني أن إنشاء آلية للتحقيق في مصير المعتقلين والمفقودين في سورية، والتي كانت لجنة التحقيق أول من طالب بإنشائها، في تقريرها الأول عام 2011، سيكون له أثر إيجابي في قضية المعتقلين، لكن للأسف فان هذه المبادرة لم تلق أي احتضان جدي على المستوى الدولي حتى الآن".
وبيّن عبد الغني أن هذه القضية تكتنفها الكثير من الصعوبات.. لا بد من القول إن معظم مطالبات لجنة التحقيق الدولية، لم تتحقق مثل إحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، لذلك ينبغي عدم رفع مستوى التوقعات من هذه القرارات، على أهميتها من الناحية السياسية والإعلامية لإبقاء قضية المعتقلين حية، ولا يطويها النسيان على الساحة الدولية.
قلق أوروبي
كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء مصير المفقودين والمعتقلين السوريين بشكل تعسفي، داعياً إلى محاسبة كل المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في سورية.
The EU is concerned about the fate of the missing & arbitrarily detained. The findings in the recent report on the Sednaya prison are also very concerning! We reaffirm our call for justice & accountability for the most serious crimes committed inside Syria. More needs to be done! https://t.co/oSOxj6TKZA
— Dr Dan Stoenescu (@DanStoenescuEU) October 7, 2022
جاء ذلك في تغريدة لممثل الاتحاد الأوروبي في سورية، دان ستوينيسكو، بعد أن اعتمد مجلس حقوق الإنسان القرار آنف الذكر "إن النتائج الواردة في التقرير الأخير عن سجن صيدنايا مقلقة للغاية"، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي "يعيد التأكيد على الدعوة إلى العدالة والمساءلة عن أخطر الجرائم المرتكبة داخل سورية".
وكان مجلس حقوق الإنسان اعتمد، في يوليو/تموز الماضي، قراراً يدين استمرار الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك العنف الجنسي والاختفاء القسري والإعدام.
لقاءات بيدرسون في ألمانيا
من جهة أخرى، أعلن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، أنه أجرى اجتماعات "مثمرة" حول الوضع في سورية مع بعض المسؤولين في ألمانيا.
وقال بيدرسون إنه التقى عضوي المجلس التشريعي الاتحادي "البوندستاغ"، المسؤول في وزارة الخارجية الألمانية، توبياس ليندنر، والمسؤول في وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية، نيلز أنين، ومسؤولين آخرين. معرباً عن تقديره لـ"الدعم القوي والأفكار البناءة لتحريك العملية السياسية في سورية وتنفيذ القرار 2254، بما في ذلك مبادرة خطوة مقابل خطوة".
من جهته، أكد المسؤول في الخارجية الألمانية، توبياس ليندنر، دعم بلاده الكامل للمبعوث الأممي، وجهود الحل السياسي في سورية، بما في ذلك مبادرة "خطوة مقابل خطوة"، التي طرحها بيدرسون. مشدداً على أن الحكومة الألمانية "لا تزال تضع سورية على رأس جدول أعمالها".
وأشار المسؤول في وزارة التعاون الاقتصادي، نيلز أنين، إلى أنه ناقش مع المبعوث الأممي الآفاق المحتملة للعملية السياسية في سورية، مؤكداً دعم الحكومة الألمانية "للسكان المدنيين في سورية، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها".