تبنى مجلس الأمن الدولي، الإثنين، القرار 2624، والذي يفرض حظر أسلحة على جماعة الحوثيين في اليمن، كما يمدد لولاية الخبراء المعنيين باليمن ومجلس الجزاءات.
وتقدمت بنص القرار المملكة المتحدة، حاملة ملف القلم اليمني في مجلس الأمن، وقد صاغته بالتعاون مع الإمارات، التي تشغل مقعداً غير دائم في مجلس الأمن لسنتين (2022 -2023). وأيدت القرار 11 دولة وامتنعت أربع دول عن التصويت.
وبدا بارزاً موقف إيرلندا والمكسيك والنرويج التي امتنعت جميعها عن التصويت وتصريحات سفرائها، والتي تمحورت حول الإشكالية في استخدام مصطلح "الإرهاب" دون تعريف، أو بتعريفات فضفاضة، والتي قد يكون لها استغلال وتبعات سلبية جداً على وضع إنساني متدهور أصلاً في اليمن.
وتحدث مندوب إيرلندا، جيم كيلي، أمام المجلس، عن سبب امتناع بلاده عن التصويت، وقال في هذا السياق: "ندين بأقسى العبارات كل الهجمات التي استهدفت الإمارات العربية والسعودية وتشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي الإنساني وهي غير مقبولة". وناشد كذلك بوقف الهجمات على مأرب.
وحول امتناع بلاده عن التصويت، قال: "شاغلنا لا يتعلق بقيادة الحوثي التي ندين سلوكها بشكل كبير. ولكن نشعر بالقلق حول أرواح الملايين الذين يعيشون تحت سيطرة الحوثيين، ولإيرلندا موقف ثابت فيما يخص كل ملفات مجلس الأمن، ولا بد من تلافي أي عراقيل لتقديم المساعدات الإنسانية، والتي تمنع وصولها إلى مستحقيها".
وشرح في هذا السياق: "قرار اليوم حدد أن الحوثيين قد باتوا تحت طائلة الجزاءات ونظام حظر الأسلحة. ونؤيد حظر الأسلحة ووقف تدفقها غير المشروع. ولكن يجب ألا تتأثر الأنشطة التجارية بسبب ذلك".
ولفت الانتباه إلى أن بلاده يعتريها القلق إزاء تحديد مجموعة الحوثيين على قائمة الجزاءات، لأن ذلك قد تكون له تبعات إنسانية وسياسية سلبية.
وحول إشكالية تعريف "الإرهاب"، قال "ما من تعريف متفق عليه دولياً بشأن "الإرهاب" والمجموعات الإرهابية، وما من توافق في الآراء بشأن استخدام هذه الصياغة في إطار المداولات التي قمنا بها... وقد تكون لذلك تبعات سلبية تؤثر على حياة الملايين الذين يعيشون تحت سيطرة الحوثيين".
ولفت الانتباه إلى النقص الشديد في المساعدات الإنسانية الذي يواجهه اليمن وصندوق المساعدات الإنسانية.
أما مندوب المكسيك، خوان رامون راميراز، فأشار إلى نقاط مشابهة لتلك التي وردت على لسان المندوب الإيرلندي، وفصّل: "ما من تعريف دولي لمصطلح الإرهاب، وإدراج الحوثيين على قائمة الجزاءات والإشارة لهم بوصفهم منظمة إرهابية قد يميع من الأطر الخاصة بالأعمال العدائية ويضر بالمساعدات الإنسانية باليمن".
ثم أشار إلى الإشكاليات في صياغة القرار، بما فيها أن "الجزاءات المقترحة ضد الحوثيين بطبيعة الحال خاصة بحظر الأسلحة وليس تجميد الأصول، ولكن قد يكون لذلك أثر سلبي للعمليات الإنسانية، بما فيها استيراد السلع الأساسية، ويؤثر سلبا على العاملين في المجال الإنساني، ولا يمكن تعويض الآثار السلبية لهذه التدابير بالمقترحات الخاصة بحماية المساعدات الإنسانية واستيراد المواد الأساسية".
رجح بعض الدبلوماسيين أن تصويت روسيا لصالح القرار جاء كمقايضة لامتناع الإمارات عن التصويت على مشروع القرار الأميركي الألباني (يوم الجمعة) الذي يدين اعتداءات روسيا على أوكرانيا
ونوه كذلك إلى أن وصف الحوثيين "جماعة إرهابية" قد يكون له تأثير سلبي كذلك على المسار السياسي والمفاوضات معهم. وأشار إلى أن إدراج مجموعات إرهابية على قائمة مجلس الأمن هو أمر "يتم في إطار النظم التي يحددها القراران 1267 و1373، ولا بد من الإبقاء على هذا الإطار، ولا بد من احترامه. ولا نعتقد أن وضع الأسماء على القائمة يتم عن طريق استخدام نظم الجزاءات، والأمر يتعلق هنا بمجالين مختلفين، ولا بد من التفريق بين الأمرين".
أما مندوبة الإمارات، لانا نسيبة، فرحبت باعتماد القرار "وإدراج جماعة الحوثيين على قائمة العقوبات وفرض حظر الأسلحة على هذه الجماعة الإرهابية بموجب القرار 2216، رداً على انتهاكاتهم الصارخة"، قائلة: "سيكون من شأن هذا القرار الحد من قدرات الحوثيين العسكرية والدفع في اتجاه وقف تصعيدهم في اليمن والمنطقة، ومنع أنشطتهم العدائية على السفن المدنية، وتهديدهم لخطوط الملاحة والتجارة العالمية".
ودعت الحوثيين لوقف هجماتهم والعودة لطاولة المفاوضات لـ"البدء بعملية سياسية جادة"، بحسب السفيرة الإماراتية.
ورجح بعض الدبلوماسيين أن تصويت روسيا لصالح القرار جاء كمقايضة لامتناع الإمارات عن التصويت على مشروع القرار الأميركي الألباني (يوم الجمعة)، الذي يدين اعتداءات روسيا على أوكرانيا، الأمر الذي ينفيه الجانب الروسي. كما امتنعت الإمارات، الأحد، عن التصويت على قرار يدعو لعقد جلسة طارئة للجمعية العامة لنقاش الاعتداءات الروسية على أوكرانيا.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن ثلثي اليمنيين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، كما أن الأمم المتحدة تواجه نقصا حادا في صندوق المساعدات الإنسانية.
يذكر أنه تم تبني القرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ومن أبرز ما جاء في القرار أنه يدين "بشدة الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي الإرهابية، بما في ذلك الهجمات على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التي استهدفت المدنيين والبنية التحتية المدنية، ويطالب بالوقف الفوري لمثل هذه الهجمات".
ويؤكد القرار مجدداً "على ضرورة التنفيذ الكامل وفي الوقت المناسب لعملية الانتقال السياسي بعد مؤتمر الحوار الوطني الشامل، بما يتماشى مع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية التنفيذ، ووفقاً لقراراته السابقة ذات الصلة، وبما يتماشى مع تطلعات اليمنيين".
ويشدد القرار على أنه "لا يوجد حل عسكري للنزاع الحالي، لأن السبيل الوحيد القابل للتطبيق هو الحوار والمصالحة بين الأطراف المتعددة والمتنوعة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الحكومة اليمنية والحوثيون، والأطراف السياسية والإقليمية الرئيسية، فضلاً عن المرأة والشباب والمجتمع المدني".
كما "يقرر أن يخضع الكيان المدرج في مرفق هذا القرار للتدابير المفروضة بموجب الفقرة 14 من القرار 2216 (2015)"، ويعني هذا توسيع العقوبات لتشمل جماعة الحوثي وليس عدداً من زعمائها فقط.
كما "يشدد على أهمية تيسير تقديم المساعدة الإنسانية وتيسير الواردات التجارية"، وفي الوقت ذاته على أن "التدابير المفروضة بموجب القرارين 2140 (2014) و2216 (2015) لا يُقصد بها أن تكون لها عواقب إنسانية ضارة بالسكان المدنيين في اليمن، ولا على وصول المدنيين إلى المساعدة الإنسانية، الواردات التجارية أو التحويلات".