مجزرة الباب كردّ على المصالحة التركية

21 اغسطس 2022
ارتكبت قوات النظام مجزرة بحق المدنيين في مدينة الباب (بكر القاسم/فرانس برس)
+ الخط -

ردّ النظام السوري على التصريحات السياسية المتلاحقة من مسؤولي الحكومة التركية التي تضمّنت دعوة لإجراء مصالحة، أو "اتفاق" بينه وبين المعارضة، والحديث عن خطة لإعادة لاجئين سوريين من تركيا إلى مناطق سيطرة النظام، بمجزرة مروعة ارتكبتها قواته بحق المدنيين في مدينة الباب في ريف حلب.

ويبدو رد النظام العسكري على كل ما يتم طرحه من الجانب التركي رسالة واضحة تظهر الوجه الحقيقي للنظام الذي لا يجيد إلا لغة القوة والقتل والتعذيب بحق السوريين، وهي رسالة موجّهة بشكل خاص للاجئين السوريين الذين يفكرون بالعودة إلى مناطق النظام، مفادها أن عودتهم ستكون مشروطة بالخنوع والإذلال والمحاسبة، مهما كانت الضمانات الدولية التي توضع لعدم التعرض لهم.

كما أن الشروط التي وضعها النظام لاستعادة علاقاته مع أنقرة، وقصفه واحدة من أكثر المدن اكتظاظاً بالسكان، من التي تسيطر عليها الفصائل المدعومة من تركيا، هي رسالة استفزازية لأنقرة، مفادها أن النظام لن يقبل أياً من الطروحات التركية، التي لا تزال مستمرة على شكل مبادرات ونصائح تشير جميعها إلى انعطاف من قبل حكومة أنقرة باتجاه اتخاذ خطوات تطبيعية مع النظام. أما الأخير فيثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأنه غير معني بأي اتفاق أو مصالحة مع المعارضة، كما يثبت أنه غير مستعد لقبول عودة أي لاجئ غادر البلاد. وقدّم دليلاً جديداً على أنه غير معني بتقديم ضمانات أمنية لأي عائد، وذلك باعتقاله أخيراً شخصين من بلدة مضايا، عادا طوعاً من تركيا عبر معبر كسب بعد التنسيق مع لجنة المصالحة، كما اعتقل شخصاً ثالثاً عاد عبر معبر جرابلس.

كل ذلك يجعل من الخطوات المتقدمة التي تتخذها تركيا تجاه النظام غير مفهومة، ومثيرة للاستغراب، إلا إذا كانت حكومة حزب العدالة والتنمية تعي تماماً أن نظام الأسد لن يتمكن من الاستجابة لأي من طروحاتها، وأن تلك الطروحات تندرج في إطار مناورات سياسية تتعلق بالشأن الداخلي التركي وترتبط بشكل أساسي باستحقاق الانتخابات الرئاسية بهدف سحب البساط من تحت المعارضة التركية التي تستخدم موضوع إعادة اللاجئين السوريين كورقة سياسية.

هذا الأمر ربما يكون ما دفع الحكومة التركية لمواجهة المعارضة بطروحاتها نفسها من خلال طرح ملفات تتعلق بإعادة اللاجئين، سواء إلى مناطق سيطرة الفصائل التي تدعمها في شمال سورية، أو إعادة اللاجئين من مناطق النظام إلى مدنهم، وبالتالي سحب تلك الذريعة منها. ولكن مهما تكن أسباب ودوافع التقارب التركي مع النظام، فإنه يتوجب على أنقرة عدم السماح للنظام بتكرار مجزرة الباب التي يجب ألا تمر من دون رد مناسب.

المساهمون