حذر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، من التهديد الذي تشكله الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي تواجهها السلطة الفلسطينية على استقرار مؤسساتها، وذلك في الوقت الذي تستمر فيه الخطوات الأحادية الجانب، بما في ذلك توسيع المستوطنات الإسرائيلية وهدم منازل الفلسطينيين.
جاءت تصريحات وينسلاند خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتحدث وينسلاند عن "زيادة وتيرة العنف" ضد الفلسطينيين وقتل قوات الاحتلال الإسرائيلي لأربعة فلسطينيين، بينهم طفلان في الشهر الأخير. وعبر عن قلقه لاستمرار العنف قائًلا "إن الهجمات وعمليات التفتيش والمداهمات المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، أدت كذلك إلى إصابة تسعين فلسطينيا بمن فيهم 12 طفلا على يد قوات الأمن الإسرائيلي".
وتحدث عن زيادة وتيرة عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وخاصة المزارعين؛ حيث دمر المستوطنون وسرقوا أكثر من ثلاثة آلاف شجرة زيتون في الشهر الأخير وحده، مشيرًا إلى أن الكثير من هجمات المستوطنين على المزارعين الفلسطينيين وممتلكاتهم تحدث تحت أعين الجيش الإسرائيلي وبحمايته.
ولفت الانتباه لارتكاب المستوطنين أكثر من خمسين هجوما ضد المزارعين الفلسطينيين خلال الأسابيع الأخيرة، وقال إن تلك الهجمات أدت إلى إصابة 26 فلسطينيا من بينهم 14 طفلا.
وحول المستوطنات، أشار إلى مناقصات إسرائيلية جديدة لبناء نحو 1350 وحدة سكنية استيطانية، مبينًا أن بعض هذه الوحدات الاستيطانية تأتي في المنطقة الواقعة بين القدس وبيت لحم، وحذر من أن "استمرار البناء هناك يهدد استمرارية التواصل بين القدس الشرقية وبيت لحم والاستمرارية الطبيعية لأراضي الدولة الفلسطينية المحتملة".
كما أشار إلى خطط جديدة لاستئناف بناء 3200 وحدة سكنية إضافية بعد توقف لبضعة أشهر، مجددًا التأكيد على أن جميع المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي وأنها تشكل عقبة كبيرة أمام السلام.
وتحدث وينسلاند في هذا السياق عن أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي استولت وأجبرت أصحاب 84 بيتا ومبنى فلسطينيا على هدم بيوتهم بأنفسهم في الضفة والقدس الشرقية بحجة عدم وجود تصاريح بناء، مشيرًا إلى أنه من شبه المستحيل حصول الفلسطينيين على تصاريح بناء من الاحتلال في تلك المناطق.
ثم وصف وينسلاند تصنيف إسرائيل ست منظمات مدنية ومنظمات حقوق إنسان فلسطينية منظمات "إرهابية"، بالمقلق. وقال إن تلك المنظمات غير الحكومية الفلسطينية تعمل مع الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الدولي، بما في ذلك في مجال حقوق الإنسان والاستجابة الإنسانية، كما يتلقى أغلبها تمويلا من دول غربية ودول أخرى.
وحذر من احتمال وجود تبعات قانونية لتصنيفها منظمات "إرهابية"، مشيرًا إلى أن ذلك يزيد الضغط على منظمات المجتمع المدني عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عبر حينها عن قلقه "بشأن تقلص المساحة المتاحة للمجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة".
وحول قطاع غزة، أشار إلى الجهود المبذولة لتحسين الوضع الإنساني ودخول مساعدات إنسانية وتخفيف الحصار، مبينًا في الوقت ذاته استمرار تدهور الأوضاع هناك، وقال "في حين أن التخفيف التدريجي للقيود المفروضة على دخول المواد وتدفق البضائع والأشخاص أمر مشجع، لا يزال الوضع الاقتصادي والأمني والإنساني في القطاع مصدر قلق بالغ. ويبقى الهدف رفع جميع عمليات الإغلاق تماشياً مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1860 (2009)".
وأشار إلى استمرار الأزمة المالية التي تعاني منها منظمة "أونروا" التابعة للأمم المتحدة، مؤكدًا أنه على الرغم من الالتزامات المادية التي قدمتها بعض الدول خلال مؤتمر المانحين الذي نظمته السويد والأردن الشهر الماضي، إلا أن أنروا لا تزال تفتقر إلى 60 مليون دولار أميركي للسنة الحالية للحفاظ على الخدمات الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة حتى نهاية العام.
وقال إن الوكالة "لم تدفع بعد رواتب شهر نوفمبر/ تشرين الثاني لأكثر من 28 ألف من موظفيها، بما في ذلك المعلمون والأطباء والممرضات وعمال الصرف الصحي"، وأشار إلى أن العديد من الموظفين، خاصة في قطاع غزة، يدعمون أقاربهم وليس فقط عائلاتهم المقربة.