ما هي رهانات سعيّد على حكومة الحشاني؟

03 اغسطس 2023
تنتظر الحشاني تحديات وملفات معقدة (الأناضول)
+ الخط -

لدى إشرافه على تنصيب رئيس الحكومة الجديد، أحمد الحشاني، أمس الأربعاء، توجه الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى رئيسة الحكومة المقالة، نجلاء بودن، بالشكر على تحمّلها المسؤولية في ظرف تاريخي دقيق، وفي معرض حديثه معها استدرك سعيّد بالحديث عن "التحديات الاقتصادية والاجتماعية" وكأنه يفسّر سبب إقالتها، وربما سبب تعيين الحشاني.

وتنتظر الحشاني تحديات وملفات معقدة، بدءاً من السلع المفقودة والأسعار المرتفعة، وصولاً إلى ملفات في القطاعات كافة تنتظر الإصلاح، بينما الخزائن فارغة والمفاوضات متعثرة مع صندوق النقد الدولي.

ولكن سعيّد، وهو يخاطب رئيس حكومته الجديد، دعا التونسيين إلى العمل والكفّ عن الإضرابات وتعطيل العمل من أجل مطالب قطاعية لخلق الثروة والخروج من الأزمة، وفُهم من ذلك أنها رسالة مباشرة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل وتكليف جديد مناط بعهدة الحكومة الجديدة.

ولم يتأخر موقف الاتحاد، حيث ردّ المتحدث الرسمي باسمه، سامي الطاهري، على سعيّد بالقول: "آش تحكي؟ (ماذا تقول؟)"، وذكّر بتاريخ الاتحاد والاحتجاجات في تونس في تدوينة على صفحته بفسيبوك، اليوم الخميس.

وقال الطاهري: "أكثر من 120 سنة احتجاجات عمالية تونسية منذ 1900، وقريباً تمرّ 100 سنة على تأسيس أول حركة نقابية تونسية وأفريقية منظمة. وقريباً نغلق 77 سنة على تأسيس أعرق نقابة في أفريقيا وبلاد العرب، الاتحاد العام التونسي للشغل".

وأضاف: "ثم يأتي أحدهم ويقول: يكفي من الاحتجاجات القطاعية، ولن يكون هناك مطالب وزيادات ولا محاضر جلسات.. يتهيأ لك".

ويؤشر هذا الحوار القصير غير المباشر بين سعيّد والطاهري على محطة جديدة من الصراع بين السلطة والاتحاد حاول الجميع تأجيله وتفادي التصادم، ولكنه بدأ يقترب في ما يبدو.

هل ينجح الحشاني؟

هل تنجح رهانات سعيّد على حكومة الحشاني أمام هذه الملفات الكبيرة، وهل سيكون مختلفاً عن بودن، وهل سيسمح له سعيّد بمساحة تحرك سياسي؟ ولماذا أقال نجلاء بودن التي كانت أداة لتنفيذ رؤى سعيّد؟

وبحثاً عن إجابات عن الأسئلة السابقة، يقول مدير مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، عدنان منصر، إن "اختيار نجلاء بودن، على أساس أنها شخصية صامتة وموالية، كان متسقاً مع خيارات وسياق 25 يوليو/تموز، حيث إن المطلوب كان شخصية طيّعة وموالية".

وأفاد منصر بأنه "بعد الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية، سيمكّن تعيين شخصية جديدة من فترة سماح جديدة وهدنة شعبية على أساس أنها حكومة جديدة، وهذا يحمل نوعاً من المخاتلة لأن واضع السياسات هو رئيس الدولة وليس الحكومة".

وأشار إلى أن "الحشاني ليس رجل اقتصاد، بل هو خريج حقوق وقانون وعمل في البنك المركزي بوظيفة مدير الموارد البشرية، وبالتالي ليس له معرفة اقتصادية وليس خبيراً في الشأن، وبالتالي لن يطرح حلولاً وأفكاراً اقتصادية" مستدركاً بالقول: "ليس مكلفاً بهذا أصلاً ولا ننسى أننا نتحدث عن دستور 2022 وعن صلاحيات محددة".

وبخصوص مواصفات رئيس الحكومة الجديد، والتدوينات التي تكشف معاداته للإسلام السياسي وحركة النهضة، أشار منصر إلى أنه "حسب منشورات رئيس الحكومة الجديد هو معادٍ لحركة النهضة، ولكن ليس هذا المعيار المحدد في تعيينه، بل لأنه ابن (صالح الحشاني) قائد فصيل حماية قفصة العسكري الذي أُعدِم في بداية الستينيات على خلفية محاولة الانقلاب على بورقيبة، والحشاني كذلك يعتبر نفسه يوسفياً (نسبة إلى الزعيم صالح به يوسف معارض بورقيبة) ويقول كذلك إنه حسيني (نسبة إلى البايات الحسينيين آخر ملوك تونس قبل الجمهورية)".

"ابن المنظومة"

من جهته، اعتبر المحلل السياسي، عادل بن عبد الله، في تصريح لـ"العربي الجديد " أن "التساؤل يُطرح أولاً حول صلاحيات رئيس الحكومة في ظل الدستور الجديد، حيث إن الرئيس هو الوحيد الذي يحدد السياسات العامة للدولة، وبالتالي فأي تغييرفي الحكومة لا قيمة له ما دام الرئيس هو الذي يستأثر بتحديد السياسات العامة للدولة، وسواء كان رئيس الحكومة رجل اقتصاد أو أدب فهذا لن يغير شيئاً".

وأوضح أن "التغيير قد يكون له سببان: الأول رسالة للجهات المانحة بما أن رئيس الحكومة الجديد موظف سابق في البنك المركزي، ونعرف أن البنك المركزي يشكو أزمة استقلالية، ورغم كل المراسيم التي أقرها الرئيس فإنه لم ينقح القانون المنظم لعمل البنك المركزي، بينما كان من المفروض أن يستولي سعيّد أيضاً على صلاحياته، ولكن في رسالة طمأنة للجهات المانحة تركه يتمتع بتلك الاستقلالية الشكلية".

وأضاف: "أما الرسالة الثانية فسياسية وإيديولوجية، لكون هذا الشخص، بحسب ما يتداول من مواقف سابقة له على مواقع التواصل الاجتماعي، معادياً للإسلام السياسي ومناصراً لقيس سعيّد، وبالتالي هو ابن المنظومة، هو شخصية تكنوقراط ومما يُسمى أصحاب القضايا الصغرى، أي إن أيديولوجيته تنتمي إلى النمط المجتمعي التونسي وبعض النخب، وهي رسالة طمأنة لها وللحلفاء في الخارج، لكونه معادياً للإسلام السياسي"، مبيناً أن "جل تدويانته تدل على تطرفه في هذه المسألة بالذات، بمعنى أن في تعيينه رسالة اقتصادية، تدل على توجه تونس نحو تنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي، برغم ما يدعيه سعيّد من رفض لها، ورسالة سياسية وأيديولوجية مفادها مواصلة سياسة التصعيد".

المساهمون