مارتن إنديك.. آمن بحل الدولتين وخشي على إسرائيل من "العزلة"

27 يوليو 2024
مارتن إنديك (مؤسسة واشنطن للدراسات/إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- توفي السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، مارتن إنديك، بعد انتقاده لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، مطالباً بسحب دعوته للكونغرس.
- بدأ إنديك مسيرته السياسية في الولايات المتحدة من خلال عمله في لجنة الشؤون الأميركية الإسرائيلية (أيباك) وتأسيس معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وشغل مناصب مهمة في إدارة كلينتون وأوباما.
- آمن إنديك بارتباط إسرائيل الوثيق بالسياسة الأميركية، واعترض على المستوطنات، وكتب عدة كتب حول دبلوماسية السلام في الشرق الأوسط. توفي متأثراً بسرطان المريء.

توفي، أول أمس الخميس، السفير الأميركي سابقاً لدى إسرائيل مارتن إنديك بعد أيام قليلة من هجومه على رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ومطالبته بسحب الدعوة إلى إلقائه خطاباً أمام الكونغرس، حتى يعتذر علناً عن اتهام الرئيس الأميركي جو بايدن بحجب الأسلحة عن إسرائيل.

يلخص تصريحه الأخير قبل وفاته، موجز رحلة ورؤية إنديك، الذي عمل على قضايا الشرق الأوسط وإسرائيل منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى اليوم، ويوصف في واشنطن بأنه "كرّس حياته المهنية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط"، حيث آمن بأنّ حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في المنطقة، ورأى، كما نشر على منصة إكس قبل وفاته بأيام، أنّ نتنياهو "يلعب دور الضحية في أزمة صنعها بنفسه"، محذراً الإسرائيليين من أنّ حكومتهم تقودهم إلى "مزيد من العزلة والخراب".

دخل مارتن إنديك السياسة الأميركية من باب الانحياز الكامل إلى إسرائيل من خلال عمله في منصب نائب مدير الأبحاث للجنة الشؤون الأميركية الإسرائيلية (أيباك)، وذلك عقب وصوله مباشرة، وهو الأسترالي اليهودي، إلى الولايات المتحدة في 1982. ولد إنديك في لندن عام 1951، قبل أن تنتقل أسرته البولندية إلى أستراليا، وحصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة سيدني عام 1972، والماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة الوطنية الأسترالية عام 1977. وفي خلال هذه الفترة، درس أيضاً في الجامعة العبرية في القدس عام 1973، وتطوع في مستوطنة في جنوب إسرائيل، ثم عاد لإكمال الدكتوراه في أستراليا.

دور بارز في عهد كلينتون

ترك إنديك "أيباك" من أجل تأسيس معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ليترأسه لمدة 7 أعوام، وتسبب إعجاب الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون بسيرته الذاتية في "تعجيل" منحه الجنسية الأميركية، وعمل مسؤولاً رئيسياً متخصصاً في شؤون الشرق الأوسط، ثم كان أول سفير يهودي للولايات المتحدة في إسرائيل، في الفترتين من 1995 إلى 1997، ومن 2000 إلى 2001، وبين هاتين المدتين شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية من 1997 إلى 2000، ثم عمل مبعوثاً خاصاً للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية خلال إدارة الرئيس باراك أوباما، من 2013 إلى 2014، وانتقل بعدها للانضمام إلى مؤسسة بروكينغز البحثية في واشنطن، وظل في الوقت ذاته مستشاراً خاصاً لأوباما بشأن السلام في الشرق الأوسط.

في نعيه له، كتب بيل كلينتون: "كان مارتن إنديك دبلوماسياً ماهراً بشكل غير عادي، بغضّ النظر عن العقبات، لم يستسلم قَطّ لآفاق السلام. سأظل ممتناً للغاية للدور المهم الذي لعبه في جهود إدارتي لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط. سيكون العالم أفضل حالاً إذا كان هناك المزيد من الناس مثله". وصفه المدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف، بأنه ترك بصمة عميقة ودائمة على صنع وتشكيل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وقال: "إنه مواطن أسترالي، جاء إلى واشنطن ليؤثر في صنع السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وقد فعل ذلك بالتأكيد، كباحث رائد ومحلل ثاقب ورائد أعمال سياسي فعال بشكل ملحوظ. لقد كان صاحب رؤية، ولم يؤسس منظمة قائمة على فكرة أن السياسة العامة الحكيمة متجذرة في البحث السليم فحسب، بل جسّدها أيضاً".

اعتراض على المستوطنات

آمن مارتن إنديك طوال حياته السياسية بارتباط إسرائيل وثيق الصلة بالسياسة الأميركية، وحاول الموازنة بين التزامه "أمن إسرائيل" واعتراضه على المستوطنات، التي اعتبر أنها "تعرقل جهود السلام وتضرّ بفرص التوصل إلى حلّ الدولتين"، وكان يرى أنه الحل الأمثل لتحقيق الأمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كذلك عبّر عن إحباطه الدائم من عدم تمكّن رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبين من إبرام صفقة تضمن الوصول إلى السلام.

في كتابه "أبرياء في الخارج.. رواية شخصية لدبلوماسية السلام في الشرق الأوسط"، حاول إظهار الأميركيين على أنهم "أبرياء" يسعون لإحلال السلام وإحداث تغيير من خلال المنظور الأميركي، معتبراً أنّ المنطقة خلال فترته تُعَدّ مناخاً سياسياً فريداً وصعباً بسبب مقاومة القادة العرب للتغيير، وعناد السياسات الإسرائيلية. وكتب عن وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر كتابه "سيد اللعبة: هنري كيسنجر وفن الدبلوماسية في الشرق الأوسط"، الذي نشره عام 2021.

رحل مارتن إنديك في منزله ببلدة فيرفيلد بولاية كونيتيكت، متأثراً بمضاعفات إصابته بسرطان المريء، وفقاً لما أكدته زوجته.

دلالات