مؤشر جديد على تقدم مفاوضات فيينا: حديث أميركي عن قرب التوصل لاتفاق

17 مارس 2022
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس (مانويل بالس سينيتا/فرانس برس)
+ الخط -

أشارت الولايات المتحدة إلى "قرب" التوصل إلى تفاهم مع إيران حول إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي يحدّ من برنامج طهران للأسلحة النووية، في أحدث مؤشر على تحقيق تقدّم في الملف.

وبعد مرور أيام قليلة على ورود مطالب روسية بدت وكأنها قد تضع محادثات فيينا لإحياء الاتفاق في مهب الريح، شهد الأسبوع الحالي بروز مؤشرات تدل على أن تسوية قد تكون في المتناول. في هذا السياق، يندرج إفراج طهران عن المعتقلَين الإيرانيَّين-البريطانيَّين نازانين زاغاري-راتكليف وأنوشه آشوري، وإعلانها أن نقاط الخلاف المتبقية مع الولايات المتحدة في المباحثات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي تقلّصت إلى "موضوعين".

وبدأت إيران وقوى كبرى لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين)، منذ أشهر مباحثات في فيينا لإحيائه، تشارك فيها بشكل غير مباشر الولايات المتحدة التي انسحبت منه أحادياً في 2018. ولدى سؤاله عن اعتبار إيران أنه لا يزال هناك "موضوعان" عالقان مع الولايات المتحدة قبل التوصل إلى تفاهم لإحياء اتفاق عام 2015، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس تأكيد أو نفي ما إذا كان التلميح الإيراني يشير إلى ضمانات تطالب بها إيران حتى في حالة حدوث تغيّر سياسي في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى إزالة الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمجموعات الإرهابية. لكنه أضاف: "نعتقد أن بالإمكان تسوية القضايا المتبقية".

وقال برايس: "نحن قريبون من اتفاق محتمل، لكننا لم نبلغه بعد". وأشار إلى أنه "لم يتبقَ سوى القليل من الوقت بالنظر للتقدم النووي الذي أحرزته طهران" نحو تطوير أسلحة نووية. وتابع: "إنها مسألة ينبغي حلها بشكل عاجل".

والأسبوع الماضي، أشار منسّق الاتحاد الأوروبي المكلّف إدارة مباحثات إحياء الاتفاق النووي إنريكي مورا، إلى أن المفاوضات بلغت مرحلة كتابة "الهوامش"، أي أن النص الأساسي أنجز بشكل شبه كامل. إلا أن مطالب روسية كبحت التقدّم، إذ دخل على خط التفاوض طلب موسكو ضمانات خطية من واشنطن بأن العقوبات الغربية الأخيرة على موسكو، لن تؤثر على تعاونها مع طهران في مجالات اقتصادية وعسكرية. لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أكد الثلاثاء أن روسيا تلقت "الضمانات المطلوبة خطياً".

والأربعاء، أفرجت طهران عن نازانين زاغاري-راتكليف وأنوشه آشوري، في خطوة اعتبرت مؤشراً جديداً على حصول تقارب دبلوماسي. وأعرب ريتشارد راتكليف، زوج نازانين، في تصريح لوكالة "فرانس برس" من منزل العائلة في بريطانيا عن "ارتياحه لكون المشاكل قد حُلّت"، مشدداً على ضرورة أن تحرص الحكومة البريطانية على "عدم تكرار ما حصل".

وأعربت عائلة آشوري عن "سرورها"، مشيرة إلى أن الاعتقال الجائر" الذي تعرّض له "قبل 1672 يوماً" أدى إلى "اهتزاز أسس العائلة". وتابعت العائلة في بيان: "الآن يمكننا أن نتطلّع إلى إعادة بناء تلك الأسس العائلية مع عودة حجر الزاوية".

وعصر الأربعاء، وصلت زاغاري-راتكليف مع آشوري إلى عُمان، وفق ما أعلنته وزارة الخارجية في السلطنة، قبل أن يتوجّها منها إلى لندن. وأتاح اتفاق 2015 الذي أبرم بعد أعوام من المفاوضات الشاقة، رفع عقوبات عن طهران في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات قاسية، ما دفع إيران للتراجع عن غالبية التزاماتها.

والأربعاء، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان: "كانت لدينا أربعة مواضيع من ضمن خطوطنا الحمراء في المراحل النهائية من المفاوضات"، وفق ما نقلته وكالة "إرنا" الرسمية، مشيراً إلى أنه "من ضمن هذه المواضيع الأربعة، تم في الأسابيع الثلاثة الماضية حلّ موضوعين تقريباً، ووصلنا (بشأنهما) إلى مرحلة الاتفاق، لكن يتبقى موضوعان، أحدهما ضمانة اقتصادية"، من دون أن يوضح طبيعة الموضوع الثاني.

لكن مصدراً آخر مطّلعاً على المحادثات، قال إن الموضوع الثاني هو وضعية الحرس الثوري الإيراني، الذي أدرجته واشنطن في قائمتها للمنظمات الإرهابية.

"أكبر من أن يفشل"

وقال المحلل في "مجموعة يوريجا" هنري روم، إن هذه المشاكل "من غير المرجح أن تكون غير قابلة للتخطي". وتابع: "كل من الولايات المتحدة وإيران يريد التوصل لاتفاق، وقد استخدمت الأخيرة رصيداً دبلوماسياً لإقناع روسيا بالتراجع عن نهج المواجهة الذي تتّبعه". وقال علي واعظ، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية: "بات من الواضح أن سعي روسيا لاستغلال الاتفاق النووي من أجل إيجاد مهرب من العقوبات الغربية على خلفية الأزمة في أوكرانيا لم ينجح". وأشار واعظ إلى أن قدراً كبيراً من الطاقة والرصيد السياسي جرى استثمارهما، وقد بات الاتفاق "أكبر من أن يفشل". لكن على غرار أي محادثات، تبقى مخاطر حصول تعقيدات اللحظات الأخيرة قائمة.

وأشار روم إلى أن إيران "ستسعى إلى استغلال ارتفاع أسعار النفط للحصول على مزيد من التنازلات". والأربعاء، أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً تضمن تفاصيل جديدة حول تحقيق إيران تقدماً على صعيد إنتاج اليورانيوم المعدني، ما من شأنه أن يفرمل التقارب الحاصل على صعيد إحياء الاتفاق النووي.

(فرانس برس)

المساهمون