ليبيا: متى يحقق الشعب ما يريده؟

31 مارس 2022
لدى الليبيين قدرة على تحديد ماذا يريدون (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

تزدحم مقالات وتدوينات ومداخلات النشطاء والمدونين بعشرات المفردات لتوصيف واقعهم، عند تحليل أزمات بلدانهم، وأكثرها شيوعاً: الاستبداد، والتدخل الخارجي، والقبضة الحديدية، والطغيان.

والقائمة طويلة من أخوات هذه المفردات التي توجه للنخبة الحاكمة، واتهامها بأنها السبب في كل النكبات وتراكم المحن، من دون أن يكون من بينها أي مفردة توجه اللوم للمواطن، وتلقي عليه بمسؤولية المشاركة في صنع ما يحدث في بلاده.

ربما المتغير الوحيد الواقعي في تلك المفردات، هو استعمالها بصيغة التوصيف، بعد أن كانت دالة على أشخص بعينهم. فلم يعد لدينا مستبد واحد، وطاغية بعينه، بل استبداد وطغيان، في اعتراض ضمني بأنها لم تعد مفردات بل تحولت الى ثقافة عامة.

لكن من ساعد على تحول المستبد إلى استبداد عام، وساهم في نقل الطاغية إلى طغيان شامل؟ الجواب من دون شك يكمن في عدم وعي من وقع عليه فعل الاستبداد والطغيان بقوته وقدرته على التغيير، ويكتفي بكيل الاتهامات للمستبدين والطغاة بأنهم سبب نكباته وأزماته.

ماذا ينقصنا اليوم؟ فأسلافنا الذين امتشقوا كل وسائل انتزاع حرياتهم وأوطانهم، كانت أوضاعهم أسوأ مما هي عليه أوضاع العربي اليوم. فنسب الأمية انخفضت إلى أدنى حدودها، مقابل الانتشار الواسع للجامعات التي تخرج كل عام جيوشاً من حملة الشهادات العليا، ووسائل تدفق المعلومة باتت متاحة لكل أحد، ولو كان مكانه نائياً، وعائدات النفط رفعت من مستوى الدخول وتقلصت معها نسب الموجودين تحت خط الفقر بشكل كبير.

إذا لا شيء سوى استمراء الخنوع والبحث عن مشاجب لنعلق عليها مآسينا، وبتنا شعوباً تنتظر معجزات لتنتشلها من وهدة العاجز عن استثمار ما لديه من مواطن القوة. في ليبيا يدرك الجميع قوة صوت الشارع. فلا يخلو بيان أو خطاب للمتصارعين المحليين، والوسطاء الدوليين، من الحديث عن زخم حققه 2.8 مليون ليبي لجعل الانتخابات مطلباً ملحاً.

ويحدث هذا في غضون ترسخ اعتقاد سلبي في أذهان أغلب أصحاب هذا الرقم الضخم أنهم مغيبون، وأن حديث الساسة عنهم مجرد استغلال، ليمدد كل طرف فترة بقائه في السلطة. لكن الواقع يبدو أن له وجهاً آخر، يكشف عن تخوف قادة كل الأطراف المتصارعة من قوة الشعب إذا استيقظت، ويسارعون لإيهامهم بأنهم من داعمي مطلب الانتخابات، فهم أكثر الناس وعياً بخطر شعار "الشعب يريد" الذي هز عروشاً وأنظمة.

وعلى الرغم من خطورة هذا الشعار، إلا أنه يحمل اعترافاً ضمنياً بضرورة وجود المستبدين، وإلا فمن يخاطب بقوله "الشعب يريد"، إن لم يكن أولئك وهؤلاء الحكام. وبالتالي يبدو أن لدينا قدرة على تحديد ماذا نريد، لكننا نقف عند هذا الحد دون تحقيق ما نريده.