أجلت لجنة 6+6، المكلفة بإعداد القوانين الانتخابية من قبل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، الإعلان عن اتفاقها الذي كان مقررا اليوم من بوزنيقة المغربية، إلى يوم غد الثلاثاء، وسط ضغوط تتعرض لها اللجنة لإجراء تعديلات على بعض مواد الاتفاق.
وأكد عضو اللجنة عن مجلس النواب أبو صلاح شلبي لـ"العربي الجديد"، تأجيل الإعلان عن الاتفاق إلى يوم غد، من دون أن يبين أسباب التأجيل، إلا أن مصادر مقربة من اللجنة كشفت، لــ"العربي الجديد"، أن التأجيل جاء بطلب من رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح وخالد المشري، لإفساح المزيد من الوقت أمام مساع تجرى لإقناع المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي بالحضور إلى المغرب للمشاركة في مراسم الإعلان عن الاتفاق.
ووفقا لذات المصادر، فإن التأجيل جاء أيضا للتجاوب مع مطالب أعضاء من مجلسي النواب والدولة بشأن إجراء تعديلات على القوانين الانتخابية بعد اتساع دائرة المعترضين داخل المجلسين.
وقال أحد المصادر إن أصوات المعارضين في المجلسين تزداد، لكن المعارضين في مجلس الدولة أكثر تصلبا في رأيهم بشأن رفضهم قبول اتفاق لجنة 6+6، مضيفا: "يبدو أن عقيلة والمشري تلقيا اتصالات من مسؤولين غربيين أيضا أبدوا اعتراضهم على فتح شروط الترشح بالكامل أمام أي راغب في الترشح للانتخابات".
وتابع: "الاعتراض الخارجي يتعلق تحديدا بخلو السجل الجنائي للمترشح من أي التزامات أمام القضاء"، معتبرا أن المقصود بذلك هو سيف الإسلام القذافي الذي لا ترغب أطراف محلية ودولية في ترشحه للانتخابات.
وكان أعضاء اللجنة يستعدون للإعلان عن نتائج أعمالهم، اليوم الاثنين، من مدينة بوزنيقة المغربية.
وقال عضو مجلس الدولة بلجنة 6+6، فتح الله السريري، قبل الإعلان عن تأجيل الإعلان، إن رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح وخالد المشري، سيشاركان في الإعلان عن اتفاق اللجنة.
وأوضح السريري في حديث مع "العربي الجديد"، أن فقرات الإعلان ستبدأ بتوقيع رئيسي المجلسين بالأحرف الأولى على اتفاق اللجنة، ويعقب ذلك مؤتمر صحافي لأعضاء اللجنة لإعلان بنود الاتفاق.
وكانت مصادر مقربة من اللجنة قد كشفت في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن صالح والمشري سيوقعان بالأحرف الأولى على اتفاق اللجنة بعد توصلها لتسوية جميع النقاط الخلافية في القوانين الانتخابية، خاصة شرطي ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية.
وكان من المقرر أن تعلن اللجنة عن اتفاقها الخميس الماضي، بعدما توافقت على جميع النقاط الخلافية في القوانين الانتخابية، إلا أنها قررت تأجيل الإعلان، إثر خلاف استجد بين بعض الأعضاء حول عدم أحقية ترشح من صدر بحقه حكم قضائي جنائي.
وتطابقت معلومات المصادر في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، حول أنّ أعضاء اللجنة اتفقوا على السماح للجميع بالترشح للانتخابات الرئاسية دون أي شروط، لكن بعض أعضاء اللجنة تراجع بشأن ضرورة أن تكون الأحكام القضائية في القضايا الجنائية للمرشحين "أحكاماً باتة ونهائية"، حيث رجح أحد المصادر أن يكون بعض الأعضاء قد وقعوا تحت ضغوط وطالبوا بحذف عبارة "باتة ونهائية" لتشمل كل مرشح مطلوباً للعدالة، حتى وإن لم تصدر بشأنه أحكام نهائية.
ورجح أحد المصادر إمكانية تجاوز هذا الخلاف بأي صيغة من منطلق المبدأ الذي تأسس عليه اجتماع بوزنيقة، وهو السماح للجميع بالترشح.
وأوضحت المصادر ذاتها لـ"العربي الجديد"، أنّ اللجنة اتفقت على السماح للعسكريين ومزدوجي الجنسية بالترشح في الجولة الأولى للانتخابات، لكنها اشترطت على العسكري ومزدوج الجنسية الفائز في الجولة الأولى التخلي عن الوظيفة العسكرية والجنسية الأجنبية للمرور إلى الجولة الثانية.
ومن بين الاتفاقات التي انتهى إليها أعضاء لجنة 6+6، زيادة عدد مقاعد مجلس النواب 90 مقعداً، ليصبح 290 مقعداً، فيما حدّد عدد مقاعد مجلس الشيوخ بـ90 مقعداً، بحسب المصادر.
وتتألف الجهة التشريعية في التعديل الدستوري المقر من مجلسي النواب والدولة، من غرفتين، هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ويشملهما مسمى "مجلس الأمة".
ومع أنّ لجنة 6+6 لم تعلن تفاصيل بشأن اتفاقها بشكل رسمي، إلا أن عدداً من أعضاء مجلسي النواب والدولة استبقوا الإعلان بالتأكيد على رفض الاتفاق.
وركز 61 عضواً من مجلس النواب، في بيان، على رفض تدخل لجنة 6+6 في تفاصيل قانون الانتخابية البرلمانية بزيادة عدد المقاعد، معتبرين أن اللجنة انحرفت عن مهمتها المحددة بالنظر في النقاط الخلافية في قانون الانتخابات الرئاسية فقط. وطالبوا زملاءهم الآخرين بمجلس النواب "بعدم الموافقة على أي تعديلات دون الرجوع للمجلس". وحمّلوا رئاسة مجلس النواب الممثلة في عقيلة صالح ونائبيه، المسؤولية عن "الخلافات التي سيجرّها ذلك بين أبناء الوطن في حال التوقيع على ذلك التعديل دون الرجوع إلى المجلس للتشاور والاتفاق عليه".
من جانبهم، أعلن 54 عضواً في مجلس الدولة رفضهم اتفاق اللجنة، معتبرين أن اجتماعاتها "باطلة الأساس الدستوري من حيث المنشأ والذي بالضرورة منعدم النتائج"، مستندين في ذلك لاستمرار رفضهم التعديل الدستوري الذي أقرته رئاستا مجلسي النواب والدولة، "المطعون في دستوريته أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا".
وسبق أن أعلن الأعضاء الموقعون على البيان عن رفضهم، في بيان آخر في مارس/آذار الماضي، إقرار رئاسة مجلس الدولة التعديل الدستوري المقر من مجلس النواب، والذي بني على نصوصه تشكيل لجنة 6+6.
ودعا بيان أعضاء مجلس الدولة جميع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والشعب الليبي إلى ضرورة التعبير عن رفضهم لـ"ما يروج له مؤخراً من خديعة الوصول لتوافق حول مخرجات ما يسمى بلجنة 6+6، والتي إن صح إقرارها وتبنيها من أجل تمريرها عبر عملية التفاف مخادعة على إرادة وخيار الشعب الليبي، فإنها ممارسات تعيدنا لحكم الفرد التسلطي، من خلال السماح بالترشح لمزدوجي الجنسية والعسكر والمحكومين جنائياً لرئاسة دولة ليبيا، في سابقة خطيرة لم تعهدها دساتير دول العالم".
وطالب الأعضاء، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بمساندة خيار "إجراء انتخابات برلمانية توحّد السلطة التشريعية، وتنتج حكومة شرعية جديدة تفصل في مشروع الدستور المنجز المتوقف على التوافق عليه، من خلال استفتاء يقول فيه الشعب الليبي كلمته الفصل".
وغداة بدء اجتماعاتها في بوزنيقة، أعلنت لجنة 6+6، في 23 مايو/أيار الماضي، تحقيقها "توافقاً كاملاً بخصوص النقاط المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة"، مؤكدةً حرصها على استكمال مشاريع القوانين الانتخابية المختلفة خلال اجتماعاتها.