عقد أعضاء السلطة السياسية الجديدة أول اجتماعاتهم في العاصمة الليبية طرابلس، بعد انتخابهم من ملتقى الحوار السياسي، في وقت لا تزال فيه الخلافات تعصف بأعضاء مجلس النواب المناط به استحقاق منح الثقة للحكومة الجديدة.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، اليوم الأحد، إن الأخير التقى رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، وعضوي المجلس، موسى الكوني، وعبد الله اللافي "في أول اجتماع لهم بعد انتخابهم في جنيف من ملتقى الحوار السياسي الليبي".
وأوضح المكتب، في بيان، أن الدبيبة بحث مع "أعضاء المجلس الرئاسي وأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 إمكانية عقد جلسة مجلس النواب في سرت"، دون أن يذكر تفاصيل عن نتائج اللقاء.
جهود تنحي عقيلة صالح
وألقت الزيارات التي أجراها قادة السلطة الجديدة والسلطة الحالية في ليبيا، إلى مدينة طبرق (شرقاً)، والتقوا خلالها رئيس مجلس النواب المجتمع في طبرق، عقيلة صالح، بظلالها على الجهود الرامية إلى تنحيته من منصبه، وإمكانية أن تنعقد الجلسة المنتظرة برئاسته في مدينة سرت.
وبعد زيارة أجراها رئيس المجلس الرئاسي الجديد، محمد المنفي، لطبرق منتصف الشهر الحالي، للقاء عقيلة صالح، و"التشاور في منح الثقة للحكومة المنتظرة"، وفق المكتب الإعلامي للمنفي، زار الجمعة الماضية رئيس حكومة الجديد، عبد الحميد الدبيبة، طبرق، وناقش مع عقيلة صالح "تشكيل الحكومة والأولويات والبرامج التي ستعمل على تنفيذها فور اعتمادها"، وفق بيان للمكتب الإعلامي للدبيبة.
وعلى الرغم من وجود جناح لمجلس النواب في طرابلس برئاسة حمود سيالة، إلا أن نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، أحمد معيتيق، برفقة وزير المالية بحكومة الوفاق، فرج بومطاري، ذهب في زيارة رسمية لمدينة طبرق للقاء صالح لـ"إقرار الميزانية العامة الموحدة" للبلاد.
وبينما عبّر الدبيبة عن أمله في أن "يغلّب أعضاء مجلس النواب ورئاسته المصلحة العامة وإنجاز المهام المنوطة بهم في المدد الزمنية المحددة والمتفق عليها في خريطة الطريق"، بحسب تصريح سابق من مكتبه الإعلامي لـ"العربي الجديد"، إلا أن اتجاه القادة للتعامل مع عقيلة صالح يعكس توافقات تجري في الكواليس للإبقاء عليه في منصبه، بحسب قراءة الناشط السياسي الليبي مالك هراسة، لمسار الأحداث المتعلقة بمجلس النواب.
منح الثقة للحكومة الجديدة
وأعلن المجلس البلدي لمدينة سرت وصول اللجنة المشكَّلة من مجلس النواب إلى المدينة، ليل أمس السبت، للوقوف على الاستعدادات لعقد جلسة لمجلس النواب بمدينة سرت لمنح الثقة لحكومة الجديدة.
وقرر عشرات النواب، في نهاية جلسة تشاورية عقدوها بمدينة صبراتة، الثلاثاء الماضي، عقد جلسة رسمية بمدينة سرت، يومي 22 و23 من الشهر الحالي، وسط إصرار على تغيير رئاسة المجلس قبل مناقشة استحقاق منح الثقة للحكومة الجديدة.
وجاء قرار المجتمعين في صبراتة بعد يوم واحد من بيان لمجلس النواب المجتمع في طبرق، صدر عقب جلسة تشاورية برئاسة عقيلة صالح، دعا إلى عقد جلسة بمدينة سرت لـ"مناقشة منح الثقة للحكومة الجديدة"، دون أن يحدد موعداً للجلسة.
لكن المتحدث الرسمي باسم المجلس البلدي لمدينة سرت، سالم الأميل، أشار إلى أن اللجنة المشكلة من مجلس النواب التي وصلت إلى سرت جاءت من جانب مجلس النواب في طبرق.
وأشار الأميل، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن اللجنة ستعقد اجتماعاً مع اللجان المشكلة من المجلس البلدي للنظر في شكل الاستعدادات والتجهيزات للجلسة المقبلة، التي أكد أن موعدها ستحدده رئاسة مجلس النواب.
المنفي يلتقي
وفي السياق، التقى المنفي "وفداً من أعضاء مجلس النواب المنعقد في طرابلس"، أمس السبت، بحسب مكتبه الإعلامي.
ومن دون أن يشير البيان إلى لقاء المنفي برئيس المجلس في طرابلس، حمودة سيالة، قال إن اللقاء "جاء للتشاور والتنسيق بشأن المرحلة المقبلة للبلاد".
بينما يؤكد عضو مجلس النواب محمد عبد الحفيظ، المشارك في جلسات صبراتة، أن المساعي لعقد جلسة في مدينة سرت "تشتتت إلى حد كبير"، معتبراً أن خطوة معيتيق وبومطاري لاعتماد الميزانية الموحدة لدى عقيلة صالح "كانت الأثر الكبير في أوساط النواب".
ولا يتوقع عبد الحفيظ، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يتمكن المجتمعون في صبراتة من عقد جلساتهم يوم الغد الاثنين، وبعد الغد الثلاثاء، بحسب المقرر في إعلانهم يوم الثلاثاء الماضي.
صفقات تُجرى في الكواليس
وبينما لم يحدد بيان الجلسة التشاورية، التي عقدها مجلس النواب المجتمع في طبرق، موعداً لعقد جلسة لـ"وضع الترتيبات اللازمة للنظر في منح الثقة للحكومة الجديدة"، يرجح هراسة أنها الجلسة التي ستلقى اعترافاً من جانب القادة الجدد والحاليين.
ولن يكون أمام النواب الساعين إلى تغيير الرئاسة مناص من الالتحاق بجلسة سرت إن قرر عقيلة صالح موعدها، بحسب هراسة في حديثه لـ"العربي الجديد"، الذي يرى أن صالح ترك موعدها معلقاً ليبقي الباب مفتوحاً أمام من يرغب في الالتحاق بها بهدف تفريغ جبهة خصومه وتفتيت الزخم الذي تمكنوا من الحشد له.
ويضيف: "صالح كان خصماً سياسياً في انتخابات الرئاسة في ملتقى الحوار، كذلك فإنه لا يزال يلقى دعماً من أطراف خارجية في القاهرة وموسكو ويعتبر بقاءه ضامناً لمصالح تلك الأطراف"، مرجحاً أن صفقات تُجرى في الكواليس للإبقاء عليه في منصبه رئيساً لمجلس النواب بعد خسارته لجولات الترشح لرئاسة المجلس الرئاسي الجديد.
لكن هراسة يلفت أيضاً إلى أن بيان صبراتة تضمن الإشارة إلى العودة لانعقاد الجلسة في صبراتة في حال تعذُّر عقدها في سرت "ما يعني استمرار الانقسام، وبالتالي سقوط مجلس النواب وذهاب صلاحياته لملتقى الحوار السياسي وفق نصوص خريطة الطريق".
ويرى أنه إجراء عملت عليه البعثة الأممية للحفاظ على مسارات الحل، ولا سيما على الصعيد السياسي، ولضمان عدم احتكار مجلس النواب للقرار السياسي، كما حدث في اتفاق الصخيرات الذي أدى فشله إلى انقسام سياسي حاد.