تشهد العاصمة الليبية طرابلس استنفاراً كبيراً في أوساط المجموعات المسلحة، قبل ساعات من انتهاء خريطة الطريق، التي جاءت بحكومة الوحدة الوطنية الليبية. ويأتي ذلك فيما أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، قبوله لقاء رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، للتشاور لمناقشة النقاط العالقة في المسار الدستوري.
ووفقاً لشهود عيان من داخل طرابلس، تشهد الطرقات الرئيسية انتشاراً كبيراً لحواجز التفتيش، فيما تتجول عشرات السيارات في أرتال داخل الأحياء الرئيسية، ولا سيما حيّ طريق السكة، الذي يقع فيه مقر الحكومة.
وأكد الشهود لـ"العربي الجديد" أنّ سيارات المسلحين الذين يقيمون حواجز التفتيش ويسيّرون الأرتال داخل أحياء العاصمة، تحمل إشارة "قوة حماية الدستور"، وهو مسمى تعمل تحته المجموعات المسلحة الموالية لحكومة الوحدة الوطنية.
ونشر نشطاء عشرات الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي تظهر تلك الأرتال المسلحة المتنقلة داخل أحياء العاصمة، فيما بثت قناة فبراير، المقرّبة من حكومة الوحدة الوطنية، بثاً مباشراً، منتصف ليلة الاثنين، لتحركات كثيفة لسيارات مسلحة، قالت إنها "استعراض عسكري لقوة الدفاع عن العاصمة"، ومشاهد أخرى لـ"انتشار لأرتال قوة الدفاع عن العاصمة بشوارع طرابلس لحفظ الأمن والاستقرار".
ولم يصدر عن حكومة الوحدة الوطنية أي بيان رسمي بشأن موقفها من انتهاء أجل خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي، التي أوصلتها إلى السلطة في فبراير/ شباط من العام الماضي، وهو يوافق اليوم الثلاثاء، وكذلك انتهاء جولات المسار الدستوري دون الوصول إلى نتيجة.
وفي الأثناء، دعا عدد من أعضاء مجلس الدولة الداعمين للحكومة المكلفة من مجلس النواب، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، إلى "تحمّل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية بالإسراع في تسليم مقارّ الحكومة السابقة للحكومة الليبية بشكل سلس، اقتداءً بسلفه، وبما يُعزز قيمة التداول السلمي على السلطة".
وأكد الأعضاء، في بيان مشترك ليل الاثنين – الثلاثاء، انتهاء المدة الزمنية لخريطة الطريق، "الأمر الذي يجعل من حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية بالضرورة"، وطالبوا البعثة الأممية والمجتمع الدولي بضرورة الاعتراف بولاية الحكومة المكلفة من مجلس النواب، برئاسة فتحي باشاغا، "على كامل تراب الوطن، لكونها الحكومة الشرعية المنبثقة من الأجسام الرسمية المنتخبة".
وفيما أكد الأعضاء متابعتهم لنتائج جولات المسار الدستوري، التي انعقدت في القاهرة، حثوا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على استكمال ما بقي من نقاط خلافية في أقرب الآجال.
المشري يعلن استعداده للقاء صالح
وفي سياق متصل، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، استعداده للقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مجدداً، لـ"مناقشة النقاط العالقة في المسار الدستوري والسعي لحلها"، بناءً على دعوة المستشارة الأممية ستيفاني وليامز للقاء بينه وبين عقيلة صالح في غضون عشرة أيام لـ"بحث النقاط الخلافية العالقة"، بحسب كلمة لوليامز في مؤتمر صحافي إثر انتهاء جولات المسار الدستوري، فجر الاثنين.
واقترح المشري، بحسب بيان له نشره المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة، مدينة غدامس مقراً للقاء، باعتبارها "بعيدة عن الاستقطاب السياسي"، مؤكداً حرصه على الاستمرار في سياسة التوافق مع الحفاظ على الثوابت.
وإثر إعلان وليامز اختتام جولات المسار الدستوري، في القاهرة، فجر الاثنين، دون التوصل إلى نتائج ملموسة حول النقاط الخلافية في الأساس الدستوري للانتخابات، لم يصدر عن أعضاء اللجنة الدستورية المشتركة من مجلسي النواب والدولة أي بيان بشأن نتائج جولات الحوار الدستوري، لكن 13 عضواً من أعضاء اللجنة عن المجلسين، اقترحوا اعتماد دستور استقلال ليبيا لعام 1951 أساساً دستورياً للانتخابات.
وطالب الأعضاء الـ 13، في بيان مشترك، ليل الاثنين، بإحالة دستور الاستقلال 1951 على مجلسي النواب والدولة، باعتباره "أقصر الخيارات" لحل الأزمة الدستورية، وطالبوا وليامز باعتماد مقترحهم، معتبرين أنه "أفضل وأقصر الخيارات عوضاً عن إرهاق الجهد والوقت واستنزافهما، ونحن في وضع صعب ومصير محير".