لماذا قررت "حركة الشعب" خوض الانتخابات الرئاسية في تونس؟

16 يوليو 2024
خلال اجتماع المجلس الوطني لحزب حركة الشعب، 14 يوليو 2024 (فيسبوك)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **قرار الترشح والمناخ الانتخابي:** أعلنت "حركة الشعب" عن ترشيح أحد قيادييها للانتخابات الرئاسية في تونس، مؤكدة على ضرورة توفير مناخ انتخابي سليم وشفاف.
- **خلفيات القرار وعلاقته بسعيّد:** دعمت الحركة تدابير الرئيس قيس سعيّد الاستثنائية، لكنها قررت ترشيح أحد قياداتها لعدم إعلان سعيّد ترشحه أو برنامجه.
- **تحليل الموقف السياسي:** يرى المحلل نور الدين الغيلوفي أن الحركة تسعى لتحسين صورة السلطة وليس لمنافستها بجدية، مشبهاً ذلك بالمعارضة الكرتونية في عهد بن علي.

أعلنت "حركة الشعب" في بيان، مساء الأحد، قرار مجلسها الوطني ترشيح أحد قيادييها لخوض الانتخابات الرئاسية في تونس المقررة في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، من دون الكشف عن اسمه، معربة عن "تمسك المجلس الوطني بطلب توفير مناخ انتخابي سليم وشفّاف يضمن تكافؤ الفرص أمام كل المرشحين في ظل حياد الإدارة والتزام الجميع بالقانون لضمان سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها في كل مراحلها".

وتعد "حركة الشعب" من الأحزاب التي ساندت بقوة إعلان الرئيس التونسي، قيس سعيّد، تدابيره استثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021، التي وصفتها المعارضة بالانقلاب على الدستور والبرلمان الشرعي، وانخرطت في إجراءات 25 يوليو، معتبرة إياها "مساراً إصلاحياً لإنقاذ البلاد". وطالبت "حركة الشعب" مراراً سعيّد بإشراكها في حوار من أجل تشكيل الحكومة ووضع برنامج اقتصادي واجتماعي لكنه لم يستجب إلى دعواتها المتكررة.

ويتساءل مراقبون في تونس عن خلفيات قرار "حركة الشعب" الترشح للانتخابات الرئاسية وأسبابه، بعدما اختارت سابقاً عدم خوض تجربة الانتخابات المحلية وعدم المشاركة باسمها وطالبت بتأجيلها محذرة من العزوف الشعبي وضعف المشاركة.

وأكد رئيس المجلس الوطني لـ"حركة الشعب"، عبد الرزاق عويدات، أن "اجتماع المجلس الوطني للحركة خصص جلسته لمناقشة القرار بخصوص المشاركة في الانتخابات الرئاسية". وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "نوقشت فرضيات الترشيح من داخل الحزب أو الترشيح من خارج الحزب أو عدم المشاركة في الانتخابات، وانتهت الحوارات إلى قرار ترشيح أحد أبناء الحزب، وطرحت في الجلسة العامة للمجلس الوطني الأسماء المرشحة وانتهت إلى التوافق على شخصية بناء على توافقات ومعطيات وسيكشف عنه في الندوة الصحفية المقبلة".

وعزى عويدات قرار "حركة الشعب" ترشيح أحد قياداتها وعدم دعم ترشيح سعيّد، إلى عدة اعتبارات "بأن الترشح يجب أن يكون بناء على برنامج، والسيد رئيس الجمهورية لم يعلن حد الآن ترشحه ولم يعلن عن برنامجه للسنوات الخمس القادمة"، مشدداً "نحن لا أخلاقياً ولا سياسياً يمكننا أن نطلب من مرشح للرئاسة أن يقدم لنا برنامجه لنوافق عليه، وكل ما نقدر عليه أننا صغنا برنامجاً للخمس سنوات القادمة، وسنقدم من يطرحه في الساحة الشعبية ونعرضه على الناس".

وبخصوص ما إذا كان رفض سعيّد الدعوات السابقة لـ"حركة الشعب" للحوار وإشراكها فيه هو أحد أسباب ترشيحها لأحد قياداتها، قال عويدات "طبعاً نحن حزب سياسي لديه مبادئه وتصوراته وبرامجه، فمن الطبيعي أن تكون برامجه ومقترحاته موضوع حديث ونقاش، وكل ما طلبناه أن يجلس العديد من الممثلين للتوجهات المشتركة بيننا وبينهم من أجل وضع برنامج نتفق عليه، وكان بودنا ترشيح شخصية واحدة على هذا الطيف المؤمن بالسيادة الوطنية واستقلال القرار الوطنية والدور الاجتماعي للدولة ويتقدم مرشح واحد وليس عديداً من المرشحين".

تحويل الشعارات لإجراءات عملية

وفي سؤاله حول مدى استعداد "حركة الشعب"، لمنافسته سعيّد في الانتخابات الرئاسية رغم مساندتها السابقة له، قال عويدات "مشكلتنا ليست منافسة الآخرين وإنما توضيح رؤية وتوجه 25 يوليو، فقد آمنا بشعارات السيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني والدولة الاجتماعية والحرص على ديمقراطية تشاركية والحرص على الحقوق والحريات".

وتابع "هذه الشعارات العامة لا بد لها من جرأة، أي كيف يتم تحويلها إلى إجراءات عملية، في تأمين الغذاء والعيش الكريم، في تأمين الثروات الطبيعية وحماية الحدود وتشريع القوانين وجلب المشاريع.. وغيرها من الحاجيات التي لا بد لها من برامج وسياسات، والتي يجب أن تقدم للشعب التونسي ليختار من يمثله على قاعدة تلك البرامج". وحول مطالبة المجلس الوطني لـ"حركة الشعب" بتوفير مناخ انتخابي سليم للمنافسة ترى المعارضة التونسية عدم توفرها اليوم، اكتفى عويدات بالقول "تلك هي القواعد العامة التي يجب أن تتوفر في كل الانتخابات ونحن حريصون على التذكير بها".

المعارضة المساندة

من جهته، اعتبر المحلل السياسي، نور الدين الغيلوفي، أن "حركة الشعب هي الجيل الجديد من الحزب الديمقراطي الوحدوي في عهد بن علي"، في إشارة إلى الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي الذي أطاحته الثورة. وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "أغلب قيادات الديمقراطي الوحدوي تحولت بعد الثورة وانقسمت بين حركة الشعب والتيار الشعبي، وقد كان هذا الحزب زمن بن علي يرفع شعار النقد المساند أو المعارضة المساندة".

وأضاف الغيلوفي: "يبدو أن حركة الشعب أدمنت هذا التموقع ومن ثم سيرشحون شخصاً وظيفته خوض المعترك الانتخابي لا للفوز به، بل هو شكل من أشكال الترويج لمشهد ديمقراطي فلكلوري"، بحسب رأيه. واستحضر ما وصفه بـ"المعارضة الكرتونية زمن بن علي، إذ كان مرشحون يخوضون الانتخابات لدمقرطة العملية الانتخابية الصورية وإضفاء شرعية عليها".

وتابع: "لا أظن أن حركة الشعب جدّيّة في ترشيحها هذا وفي خوض هذه المنافسة (مع سعيّد)"، مشيراً إلى أن "الكشف عن اسم المرشح سيكون له تفسيره، خصوصاً إذا لم يتم ترشيح زهير المغزاوي الأمين العام للحزب حينها سيتأكد هذا المنحى عدم الجدي". وبين الغيلوفي أن "هذا الترشيح هو في سياق دعم السلطة وليس في سياق معارضتها ومنافستها وليس صراعاً معها، بل هو في اتجاه المساندة وتحسين صورة السلطة" وفق قوله.

المساهمون