بينما امتنعت مصر رسمياً عن الرد على تصريحات الرئيس الأميركي المنهزم بالانتخابات، دونالد ترامب، التي انتقد خلالها استمرار بلاده في تقديم مساعدات مالية للجيش المصري الذي يشتري السلاح من روسيا، خرج عسكريون سابقون محسوبون على النظام المصري بتصريحات تزعم أن مصر لا تتلقى المساعدات الأميركية في هيئة أموال سائلة بل هي عبارة عن اعتماد لشراء سلاح أميركي.
وانتقد ترامب مشروع قرار وافق عليه الكونغرس يتضمن مساعدات لدول أجنبية، واتهم الجيش المصري باستخدام المساعدات الأميركية، لشراء معدات عسكرية من روسيا، وجاء ذلك في إطار رفض ترامب لمشروع القرار الذي أقره الكونغرس الاثنين ليصبح قانونا يتضمن خطة للتعافي الاقتصادي على خلفية جائحة فيروس كورونا الجديد.
وقال ترامب، في رسالة بالفيديو من البيت الأبيض، بثت على "تويتر" مساء أمس، إن "هذه الفاتورة تحتوي على 85.5 مليون دولار لمساعدة كمبوديا، و134 مليون دولار لبورما، و 1.3 مليار دولار لمصر والجيش المصري الذي يذهب ليشتري المعدات العسكرية الروسية على وجه الحصر تقريبا".
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) December 23, 2020
ووصف اللواء حمدي بخيت عضو لجنة الأمن القومي بمجلس النواب المنتهية ولايته، حديث الرئيس الأميركي، بشأن شراء مصر أسلحة روسية من أموال المعونة العسكري، بـ"المغالطات"، وقال في تصريحات صحافية إن مصر "لا تحصل على أموال سائلة من المعونة الأميركية، ولها مسارات محددة في الإنفاق مثل التدريب وإرسال البعثات والخبراء واستيراد قطع غيار الأسلحة من الولايات المتحدة".
وأرجع بخيت سبب تصريحات ترامب إلى أنها محاولة لتكبيل مصر في إطار مستقبل السياسات الأميركية في الشرق الأوسط، مضيفاً: "لا أظن أن هذا الاتهام يعبر عن ترامب ولكنه صادر من الإدارة الأميركية نفسها بغرض توتير العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر قبل استلام الرئيس الجديد لولايته (جو بايدن)"، بحسب قوله.
وبحسب غرفة التجارة الأميركية بالقاهرة، تعد مصر ثاني أكبر متلق للمساعدات الخارجية من الولايات المتحدة بعد إسرائيل، حيث تلقت ما يقرب من 79 مليار دولار أميركي من المساعدات الخارجية الثنائية بين عامي 1946 و2017. وفي العام المالي 2019، تلقت مصر 1.42 مليار دولار أميركي من المساعدات الخارجية بشكل رئيسي من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID). وجاءت مساعدات أخرى من وزارة الزراعة ووكالة التجارة والتنمية الأميركية (USTDA). ومع ذلك، أنفقت مصر 15% فقط من التمويل المخصص، أي ما يعادل 213.6 مليون دولار أميركي.
وبالنسبة للسنتين الماليتين 2020 و2021، طلبت إدارة ترامب ما مجموعه 1.38 مليار دولار من المساعدات الخارجية لمصر، يأتي أكثر من 90% منها كتمويل عسكري أجنبي (FMF).
تعد مصر ثاني أكبر متلق للمساعدات الخارجية من الولايات المتحدة بعد إسرائيل، حيث تلقت ما يقرب من 79 مليار دولار أميركي من المساعدات الخارجية الثنائية بين عامي 1946 و2017
وعلى مدار العقدين الماضيين، تم تخفيض مساعدات صندوق الدعم الاقتصادي الأميركي (ESF) لمصر بنحو 86.5%، من 833 مليون دولار أمريكي في السنة المالية 1998 إلى 112.5 مليون دولار أميركي في السنة المالية 2019. ونتج التراجع الحاد عن السنوات السابقة التي لم تستخدم فيها مبالغ كبيرة من الأموال الملتزم بها.
ولم تقم إدارة ترامب بإلغاء أو تعديل قرار الرئيس السابق، باراك أوباما، بإلغاء شكل من أشكال المشتريات يعرف باسم تمويل التدفق النقدي (CFF)، والذي يسمح لمصر بسداد مشتريات الأسلحة على مدى فترة زمنية أطول.
وتشمل فئات المساعدة الأخرى برامج مكافحة الإرهاب، وإزالة الألغام وما يتصل بها، والتعليم والتدريب العسكري الدولي، وبرامج مكافحة المخدرات وإنفاذ القانون الدولية (INCLE).
وفي مارس/ آذار الماضي، طرحت وزارة الخارجية الأميركية فكرة خفض جزء كبير من المساعدات العسكرية السنوية لمصر البالغة 1.3 مليار دولار بعد وفاة مواطن أميركي في أحد السجون المصرية في يناير/ كانون الثاني، حسبما قالت أربعة مصادر مطلعة على الأمر لمجلة "فورين بوليسي".
ففي مذكرة أرسلها مكتب شؤون الشرق الأدنى إلى وزير الخارجية مايك بومبيو في أوائل مارس/ آذار، مُنح أكبر دبلوماسي في البلاد خيار قطع ما يصل إلى 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأميركية لمصر خلال وفاة مصطفى قاسم، وهو مواطن أميركي ومصري، ناشد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دون جدوى إطلاق سراحه في أيامه الأخيرة.
وفي رسالة بعث بها أواخر فبراير/ شباط الماضي، حث السيناتوران الديمقراطيان، باتريك ليهي وكريس فان هولن بومبيو على حجب 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية للقاهرة ومعاقبة أي مسؤول مصري "مسؤول بشكل مباشر أو غير مباشر" عن سجن قاسم ووفاته.
وقالت المجلة الأميركية إنه خلال عامين من العمل، قرر بومبيو مرتين التغاضي عن اعتبارات حقوق الإنسان لإعطاء الضوء الأخضر للمساعدة العسكرية لمصر، مما دفع بعض الخبراء إلى التشكيك في ما إذا كانت إدارة ترامب ستجري تخفيضات حتى بعد وفاة مواطن أميركي.
وأضافت المجلة أنه على الرغم من تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر، فقد أشاد ترامب مراراً بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي وأشاد به في زياراته الثنائية والقمم الدبلوماسية الكبرى. وعلى هامش قمة مجموعة السبع في فرنسا في أغسطس/آب 2019، صاح ترامب "أين ديكتاتوري المفضل؟" أثناء انتظار لقاء مع السيسي، ثم في سبتمبر/ أيلول، دافع عن السيسي في مواجهة تصاعد الاحتجاجات في مصر.
وقال ترامب أثناء لقاء الزعيمين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: "الجميع لديهم مظاهرات"، قبل أن يضيف "لا ، لست مهتماً بذلك. مصر لديها قائد عظيم".
ورفض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، حزمة التحفيز الاقتصادي البالغة نحو 900 مليار دولار التي اعتمدها الكونغرس، واصفا إياها بـ"المخزية"، ودعا خصوصا إلى زيادة مبلغ الشيكات المخصصة للعائلات، مشيراً إلى أن جزءا كبيرا من الميزانية مخصص لدول أخرى، منها مصر، التي أشار إلى أنها تعمد إلى شراء الأسلحة الروسية.